بقلم - سليمان جودة
استيقظ العالم، صباح أمس الأول، على اعتذار تقدم به البلغارى نيكولاى ملادينوف، المبعوث الدولى إلى ليبيا، عن عدم الاستمرار فى أداء مهمته المكلف بها لجمع الأطراف السياسية الليبية على مائدة واحدة!
وعندما أقول إن العالم استيقظ كله على نبأ اعتذار «نيكولاى» عن عدم أداء مهمته فإننى أعنيها لأن القضية فى ليبيا ليست قضية ليبية فى حدودها كما قد تبدو عند النظر إليها منذ الوهلة الأولى، وإنما هى قضية تخص ست دول تقع على جوار مباشر مع ليبيا هى: مصر، والسودان، والجزائر، وتونس، وتشاد، والنيجر!.. وربما تخص مصر أكثر طبعًا لأن حدودنا الغربية معها تمتد إلى 1200 كيلومتر!
وهى قضية إفريقية عربية فى وقت واحد لأن ليبيا تظل واحدة من بين 22 دولة عربية، بمثل ما هى واحدة من 54 دولة إفريقية!
وهى قضية أوروبية لأن ليبيا لها شواطئ على البحر المتوسط تصل إلى ما يقرب من 2000 كيلومتر، ومن الطبيعى أن هذه الشواطئ فى جنوب البحر تهم شاطئ شمال البحر الذى يضم فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها من دول الشمال!
وهى قضية لها نصيب فى الاهتمام الأمريكى لأن ستيفانى وليامز، التى تتولى رئاسة البعثة الأممية فى ليبيا بالإنابة حاليًا، هى أمريكية، كما أن المبعوث المعتذر جاء إلى منصبه بترشيح أمريكى معلن!
وهى فى النهاية قضية عالمية بمعيار من المعايير لأن تشاد والنيجر ليستا دولتين من ست دول مجاورة وفقط، ولكنهما دولتان من خمس دول يضمها شريط يمتد من شرق القارة السمراء إلى غربها.. هذا الشريط اسمه دول الساحل والصحراء، وهو ملعب ممتد بعرض القارة للإرهاب بكل الصور والأشكال!
يبقى شيئان فى القضية أحدهما يبعث على التشاؤم، والآخر يبعث على التفاؤل.. أما الأول فهو أن «وليامز» سوف تحتفظ بمنصبها هناك إلى أن يأتى مبعوث جديد، والمشكلة فيها أنها تنحاز إلى الإخوان دون سواهم كلما خطت خطوة على الأراضى الليبية.. وأما الذى يبعث على التفاؤل فهو أن مصر استضافت قبل أيام 75 من زعماء قبائل الجنوب الليبى، وكان ذلك يعنى فيما يعنى أن اهتمام القاهرة هو باستقرار الوطن الليبى فى عمومه، وليس بالشرق وحده ولا بمنطقة فى ليبيا دون منطقة!.