بقلم - سليمان جودة
للمرة الأولى منذ فترة طويلة جداً، نقل تليفزيون الدولة صلاة الجمعة، دون أن يكون خطيبها هو الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف!
والحقيقة أنها كانت مفاجأة أن يحدث ذلك يوم الجمعة الماضى، وأن تكون الصلاة فى الأزهر الشريف، وأن يكون الخطيب هو الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق!
وعندما أشرت إلى الموضوع فى هذا المكان من قبل، لم يكن الأمر ينطوى على أى موقف من جانبى تجاه الدكتور جمعة.. فهو خطيب بارع لا شك.. ولكن القضية ليست براعته فى الخطابة، بقدر ما هى حاجة لدى التليفزيون إلى أن يخاطب جمهوره من المواطنين، ومن المصريين فى الخارج، ومن الإخوة العرب الذين يتابعوننا، عبر أصوات مختلفة لا من خلال صوت واحد لا يتبدل!
فإذا كان هذا الصوت الواحد الذى لم يتغير لأشهر وأسابيع طويلة، هو صوت وزير فى الحكومة، كان علينا أن نفكر فى الأمر بعقل مفتوح.. فهناك ميراث قديم وطويل من الشك بين المواطن عموماً، وبين الحكومة إذا جاءت تخاطبه، وهو ميراث لا ذنب لحكومة الدكتور مدبولى فيه.. ولا للدكتور مختار ذنب فيه بالتأكيد!
هذا الميراث يمثل حقيقة قائمة بذاتها، وعلى الحكومة أن تبدده أولاً بأول، بمصارحة الناس وعدم اخفاء شىء عنهم، ثم عليها أن تأخذ بالها منه وهى تقرر أن يخطب الوزير كل أسبوع دون انقطاع.. فالهدف من الخطبة ليس فقط أن نصل بها إلى الناس، وإنما الهدف أن نؤثر فيهم بما يقال من فوق المنبر، وأن نغير من أفكار مستقرة فى عقولهم، وهذا لن يحدث إلا إذا كانت الأصوات التى تخطب فيهم وتخاطبهم، متغيرة، ومتبدلة، وعندها رصيد يكفى من المصداقية بين قطاعات الرأى العام!
تستطيع الحكومة أن تضع قائمة بعشرة خطباء أو عشرين، يتناوبون الخطبة على طول السنة، وتستطيع أن تجد عشرات الأسماء التى تبين غنى مصر وثراءها فى القدرات الخطابية العاقلة، وتستطيع أن تجعل من خطبة الجمعة أداةً لتنوير وإضاءة العقول!
علينا بوجه عام أن نتخيل كم مليوناً من المصريين يذهبون لصلاة الجمعة، وعلينا أن ننتبه إلى أن هذه الملايين لا تجلس هكذا منصتة فى وقت واحد كما يحدث يوم الجمعة، وعلينا أن نفكر كيف نخاطبهم، وبماذا، ولأى هدف بالضبط؟!.. علينا أن نعرف كيف نوظف خطبة الجمعة فى الاتجاه الصحيح