بقلم - سليمان جودة
الكلمة القصيرة التى ألقاها الدكتور حنفى جبالى بعد انتخابه رئيسًا لمجلس النواب تقول إن الرجل يملك فهمًا خاصًا للرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، التى لا يكون البرلمان برلمانًا إلا إذا مارسها تجاه الحكومة القائمة على النحو الصحيح!
ففى كلمته لفت رئيس المجلس انتباه الأعضاء منذ البداية إلى أن مهمتهم فى الرقابة البرلمانية لا تقل عن مسؤوليتهم فى تشريع القوانين، وأن عليهم أن يمارسوا المهمة والمسؤولية معًا، وأن يؤدوا فيهما بأمانة فلا يقصروا هنا أو يسرفوا هناك!
أما فهمه للرقابة البرلمانية فهو أنها الرقابة التى لا تهول من الشأن الذى تراقبه ولا تهون منه فى ذات الوقت، وهى الرقابة التى لا تتربص ولا تتصيد الأخطاء، وهى الرقابة التى يكون هدفها التعاون لا قطع الجسور بين السلطتين: التشريعية من جهة، ثم التنفيذية من الجهة الأخرى!
وهذا فهم أعتقد أنه عاقل وموضوعى.. ولأنه كذلك.. فإن النواب فى المجلس إذا وضعوه أمام أعينهم فسوف يؤدى بهم إلى ممارسة نوع من المساءلة البرلمانية الجادة داخل مجلس النواب، وسوف يعوض النقص الواضح الذى أحس به الناس فى هذه النقطة بالذات أثناء عمل المجلس السابق!
إن الرقابة البرلمانية لها أدواتها التى لا تتم إلا بها، وهذه الأدوات تبدأ من السؤال البرلمانى الذى هو أخف الأدوات وأقلها قوة، ثم تمر بطلب الإحاطة الذى يرتقى درجة أعلى فى المساءلة، ثم تصل إلى الاستجواب الذى يمثل الذروة فى أى مساءلة برلمانية.. وكثيرًا ما أطاحت الاستجوابات بوزراء وحكومات!
وبالطبع.. فهذه الأدوات لا يجرى استخدامها فى ممارسة الرقابة البرلمانية كهدف فى حد ذاتها، وإنما كوسيلة من وسائل المحاسبة للحكومة على كل ما تفعله.. وإذا ما تحولت أدوات هذه الرقابة من وسيلة إلى هدف، فإنها تخلق نوعًا من المكايدة السياسية بين البرلمان والحكومة، التى تجد نفسها مدعوة كل فترة إلى الاستقالة، أو إلى إبعاد عضو أو أكثر من بين أعضائها!
وهذا ما حدث كثيرًا فى الكويت خلال السنوات الأخيرة ولايزال يحدث، وليس أدل على ذلك من أن حكومة الشيخ صباح الخالد التى تشكلت قبل شهر تقريبًا، وجدت نفسها مضطرة إلى الاستقالة أمس الأول!.. وكان السبب هو حصار البرلمان لها منذ اللحظة الأولى!.