بقلم : سليمان جودة
أحد مبررات تعديل قانون الشهر العقارى الذى جرى ما يشبه التراجع عنه، أن الحكومة كانت تريد من ورائه موارد تنفق منها على الخدمات العامة للمواطنين!هذا ما قرأناه على لسان الدكتور مدبولى فى وقت الصخب الذى دار حول القانون، ورغم أن الإنفاق العام على هذه الخدمات هدف ثابت تسعى إليه الحكومات كلها فى بلاد العالم المتطور، إلا أن الملاحظ فى حالة قانون الشهر العقارى المعدل أنه صادف مقاومة واضحة من جانب كثيرين من المواطنين المعنيين بالخدمات العامة أنفسهم، كما صادف رفضًا وصل إلى حد التجاوز فى اللفظ فى حالات كثيرة!
فلماذا المقاومة ولماذا الرفض المتجاوز، رغم أن الهدف المعلن هو الإنفاق على الخدمات العامة التى يجب تقديمها للناس، وبالذات خدمة التعليم، وخدمة الصحة، ومعهما بالطبع باقى الخدمات؟!
الغالب أن هناك سببين أحدهما أن الحكومة لم تبذل الجهد الكافى الذى يجعل المواطنين على درجة كافية من الوعى بأن الخدمات العامة الجيدة تحتاج إنفاقًا عامًا كبيرًا، وأن هذا الإنفاق لا يمكن أن يتوفر بطبع البنكنوت، وإنما يتوفر من خلال الضرائب أساسًا ومعها سائر الرسوم وموارد الدخل العام الأخرى!
والسبب الثانى أن المواطنين فى حاجة إلى أن يلاحظوا تحسنًا واضحًا فى الخدمات العامة مقدمًا.. هناك بالطبع إنجاز واضح فى الطرق الجديدة مثلًا، وهذا مما يمكن ملاحظته بسهولة.. ولكن الطرق القديمة لاتزال فى مستوى سيئ، ولاتزال هى التى تستخدمها الغالبية من الناس!
نظرة واحدة على مدخل طريق أسوان الزراعى فى منطقة ما بعد المعادى تقول هذا وتؤكده.. ونظرة أخرى على طريق القاهرة- الإسكندرية الزراعى تقول الشىء نفسه!.. ونظرة ثالثة على شوارع القاهرة تؤدى إلى النتيجة نفسها.. وكذلك نظرة رابعة على شوارع باقى المدن!.. إننى أشير هنا إلى خدمة عامة واحدة هى الطرق التى بذلت الدولة جهدها الأكبر فى الجديد منها، ولكنها نسيت القديم أو رأت فيه أولوية تالية!
الإنفاق العام على الخدمات العامة ذات الصلة المباشرة بحياة الغالبية من الناس، سوف يؤدى إلى تحسن ملحوظ فى مستواها، وسوف يسهل على الناس قبول قوانين جديدة من نوع قانون الشهر العقارى، لأنهم سيكونون قد لمسوا مسبقًا مستوى من الأداء فيما تقول الدولة إنها تنفق عليه!.. هذا هو الدرس الأهم فى كل ما جرى، وليس أمام الحكومة سوى أن تستوعبه!.