بقلم : خالد منتصر
احتفى «جوجل» أمس بالطبيبة التونسية العظيمة توحيدة بن الشيخ، التى احتفت بها تونس وبنكها المركزى من قبل بتخليد ذكراها على الورقة النقدية فئة العشرة دنانير، وهى أول من حصلت على شهادة البكالوريا العام 1928، بعدها توجهت إلى فرنسا لدراسة الطب، وفى العام 1936 تخرجت من جامعة الطب فى باريس (فرنسا). بعد عودتها إلى موطنها تونس فتحت لها عيادة خاصة، أثناء الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) أسست جمعية الإسعاف الاجتماعى، وتولت رئاستها، بين العامين 1955 و1964، تولت إدارة قسم التوليد وطب الرضيع بمستشفى شارل نيكول، وهى بالطبع مسيرة تستحق كل الاحترام والتبجيل كأول طبيبة تونسية تقتحم هذا المجال، لكن استرعى انتباهى أن مواقع كثيرة على الإنترنت قدمتها على أنها أول طبيبة عربية، وإنصافاً للحق والتاريخ ومع كل الاحترام للطبيبة التونسية العظيمة، هى ليست أول طبيبة عربية، فقد سبقتها طبيبتان مصريتان تزاملتا فى التخرج والبعثة، الطبيبة هيلانة سيداروس، والطبيبة توحيدة عبدالرحمن، ولا بد من منطلق التوثيق التاريخى وأيضاً الاعتزاز بهاتين الشخصيتين العظيمتين اللتين تستحقان تركيزاً إعلامياً أكثر من مجرد كلمات فى مقال، توحيدة عبدالرحمن حسب موقع بوابة الأهرام، بفضل تفوقها الملحوظ بصفوف مدرسة السنية للفتيات، تم ترشيحها من جانب إدارة المدرسة، وهى فى سن الـ16 لتكون ضمن أول بعثة فتيات مصريات لدراسة الطب فى بريطانيا عام 1922. وعادت عام ١٩٣٢ كان بمقدورها قبول هدية والدها المتمثلة فى عيادة خاصة تمارس بها وبراحة تامة ما تعلمته طيلة سنوات بريطانيا العشر، ولكنها اختارت العمل بمستشفيات وزارة الصحة. فكانت البداية لها بمستشفى شبرا العام، الذى كان معروفاً باسم «كتشنر الخيرى»، لتصبح أول طبيبة مصرية تعين بقطاع الصحة الحكومى.
بلغت منصب كبيرة الطبيبات بوزارة الصحة، وانتدبت للعمل بإدارة الصحة المدرسية، فقد كانت صاحبة نظرة رائدة فيما يخص تطوير قطاع الرعاية الصحية بالمدارس. ولكنها تركت المجال الذى عشقته احتراماً لكرامتها، بعد محاولة التدخل فى مجريات إدارتها للعمل. فكانت الاستقالة.
كان معها وفى بعثة العشرة أعوام ذاتها، الطبيبة المصرية هيلانة سيداروس، التى عادت قبل توحيدة إلى مصر، وتخصصت فى مجال طب النساء والتوليد، فكانت أول طبيبة مصرية تدخل هذا المجال. عملت نائبة لمدة أربعة أعوام بمستشفى «كتشنر الخيرى» وتتلمذت فى هذه الفترة على يدى الأطباء الكبار على باشا إبراهيم ونجيب باشا محفوظ.
بعد انتهاء سنوات انتدابها بمستشفى «كتشنر»، قامت هيلانة بافتتاح عيادتها الخاصة لأمراض النساء والتوليد بمنطقة باب اللوق، لتصبح أول طبيبة مصرية تمتلك عيادة خاصة. وإلى جوار عيادتها، التزمت هيلانة بالعمل وفقاً لتوجيهات نجيب باشا محفوظ بالمستشفى القبطى. وكانت صاحبة باع طويل فى دعم القضايا الوطنية، وظلت على عملها الجاد واجتهادها حتى تجاوزت من العمر السبعين، فتركت ممارسة الطب لتتفرغ إلى الأعمال الخيرية، ومنها ترجمة كتب الأطفال، إلى أن توفيت فى أكتوبر 1998.
تحية إلى روح هؤلاء الطبيبات العظيمات سواء المصريات أو التونسيات اللاتى أثبتن أن المرأة ثورة وليست عورة.