بقلم - عماد الدين حسين
من حق كل مرشح أن ينفق ماليا للفوز بمقعد فى البرلمان، طالما أن ذلك فى حدود ما نص قانون مباشرة الحقوق السياسية، الذى يقول إن الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية فى الجولة الأولى للمرشحين الفردى هو 500 ألف جنيه، وفى حالة الإعادة 200 ألف جنيه.
ويكون الحد الأقصى للمرشحين، بنظام القائمة المخصص لها 42 مقعدا 7 ملايين جنيه، وفى مرحلة الإعادة يكون الحد الأقصى ٢ مليون و800 ألف جنيه، ويكون سقف الدعاية الانتخابية بنظام القائمة المخصص لها 100 مقعد 16 مليونا و600 ألف جنيه، وفى الإعادة يكون الحد الأقصى 6 ملايين و600 ألف جنيه.
هذا هو القانون، ومن الواضح أن الأمر مختلف على أرض الواقع فى بعض الدوائر الفردية.
سافرت إلى الصعيد الأسبوع الماضى، وسمعت قصصا كثيرة لو صحت لوجب علينا الانتباه والحذر واليقظة، حتى لا يعتقد الناس أن عضوية البرلمان تجارة علنية، لمن يملك المال وليس الكفاءة والجدارة وحب الناس.
كنت أعتقد أن ظاهرة الإسراف فى استخدام المال فى الانتخابات، مقصور على بعض الأغنياء جدا أو على بعض الدوائر المرشح بها شخصيات عامة، لكن من الواضح أن الأمر تكرر فى دوائر أخرى ليست معروفة للإعلام أو الرأى العام، فى حين أن أهل هذه الدوائر يعرفوها جيدا، ويتحدثون عنها بصورة واضحة.
حكم القانون واضح وهو تجريم استخدام المال السياسى أو المال عموما للتأثير على نتيجة الانتخابات.
المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات قال أكثر من مرة إن الهيئة مستقلة وميزانيتها ليست تابعة لأى جهة ولا سلطان عليها إلا للقانون، وتقف على مسافة واحدة من الجميع، وقال أيضا: إن هناك لجنة فى كل محكمة ابتدائية ــ ٢٧ لجنة ــ لمراقبة أى انتهاكات مالية، وهناك حسابا خاصا لكل مرشح فى بنك معلوم للهيئة، لقبول التبرعات وأوجه الصرف وممنوع قبول أى تبرعات من أى جهات أجنبية بل من شخص مصرى طبيعى وليس اعتباريا.
كل التقدير للهيئة والعاملين فيها، لكن من الواضح أن حيل المرشحين للإنفاق الزائد كثيرة ومتعددة، وأحيانا يصعب إثباتها بوقائع محددة، وهنا ضرورة البحث عن طرق مبتكرة لضبط هذه الظاهرة شديدة الخطورة.
فى بعض الدوائر يقوم المرشح بالتبرع لبعض أهالى الدائرة بالمال والسلع والخدمات، هل يسمى ذلك مال سياسى أم لا؟!. وفى دوائر أخرى يكون الإنفاق عينى عينك أثناء الانتخابات وفى وضح النهار.
الناس يتحدثون عن إنفاق غير طبيعى، من أشخاص لم يكن يعرف الناس عنهم أنهم من الأثرياء، ولذلك يسألون من أين حصل هؤلاء على أموالهم وكيف ينفقونها بمثل هذه السهولة؟!
والسؤال كيف يمكن مراقبة ومتابعة هذه العملية؟!
ظنى ـ كما قلت سابقا ـ أنه لا يمكن عمليا لوم الناخب المسكين المعدم والغلبان، لأنه حصل على هدية من المرشح، سواء كانت ٥٠ أو ٥٠٠ جنيه، أو كانت كرتونة بها سلع تموينية أو أى مقابل عينى آخر. مثل هذا الناخب ظروفه المعيشية فى غاية السوء والتردى، ثم إنه لا يعلم شيئا عن العملية الانتخباية، باستثناء أنها موسم يمكن أن يحصل منه على بعض المنافع.
العبء الأكبر يقع على عاتق المرشح الذى يحاول إفساد الناخبين بكل الطرق من أجل أن يظفر بالمقعد.
أتمنى أن تكثف الهيئة الوطنية للانتخابات من دورها وجهودها، وتستعين بجهود كل الأجهزة المختصة، حتى تلجم ظاهرة الإنفاق المالى السفيه، التى رأينا بعض ملامحها فى الجولة الأولى من الانتخابات فى الإسكندرية ومطروح والبحيرة والجيزة ومحافظات الصعيد.
يسأل البعض لماذا ينفق مرشح خمسة أو خمسين مليون جنيه، للحصول على مقعد نيابى سواء فى مجلس النواب أو الشيوخ؟!
هناك أكثر من سبب من أول الحصول على الوجاهة الاجتماعية والنفوذ أو تحصين ثرواته التى قد لا يعلم الناس مصدرها الحقيقى، وهل هى نتاج نشاط شرعى أم من نشاط تجارة الآثار والمخدرات، أو الحصول على منافع نتيجة دخوله البرلمان، وإن كنت أستعجب كيف سيعوض كل ما أنفقه؟!!.
مرة أخرى أتمنى أن يتم ملاحقة وفضح ومحاسبة كل من يحاول التأثير بماله على العملية الانتخابية، لأن دخول مثل هذه العينات إلى البرلمان، سيكون تطورا فى منتهى الخطورة.