بقلم - عماد الدين حسين
إلى أين ستمضى الحرب التى يشنها الجيش الإثيوبى ورئيس الوزراء آبى أحمد ضد إقليم التيجراى، وكيف ستؤثر على مستقبل إثيوبيا، والأوضاع فى منطقة القرن الإفريقى؟
السيناريو الأول: أن يتمكن رئيس الوزراء آبى أحمد من تحقيق انتصار سريع فى هذه الحرب التى بدأها فى ٣ نوفمبر الماضى.
هو يقول طوال الوقت إنه سينجز هذه المهمة بسرعة، ولذلك رفض العديد من الوساطات والمناشدات والدعوات لوقف الحرب. منظمة نوبل التى منحته جائزة نوبل قبل عامين دعته لوقف الحرب، وكذلك العديد من الدول، ومنها أوغندا التى حاولت التوسط، والمنظمات وبالأخص الاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبى. هذا السينايو لا يزال بعيد المنال رغم الإعلانات الرسمية للحكومة الإثيوبية التى تتحدث عن تقدم كبير للجيش وسيطرته على العديد من مدن إقليم التيجراى. هو يتقدم بالفعل، لكن لا يزال بينه وبين ميكيلى عاصمة الإقليم أكثر من مائة كيلومتر.
السيناريو الثانى: أن يزيد الضغط الدولى على آبى أحمد لوقف إطلاق النار، خصوصا مع تزايد الضحايا من قتلى ومصابين وكذلك عدد الذين شردتهم الحرب.
لو اضطر آبى أحمد إلى الاستجابة لهذه الدعوات والضغوط، فإن ذلك سيكون بطعم الهزيمة، لأن أى نتيجة للحرب بدون انتصار الحكومة الإثيوبية الكامل، يعتبر هزيمة حقيقية لها، وقد يكلف أحمد منصبه هو وكبار مساعديه وأنصاره فى عرقيتى الأورومو والأمهرا.
فرص تحقق هذا السيناريو تتوقف بالأساس على زيادة عدد ضحايا هذه الحرب ما سيجبر القرى الفاعلة إقليميا ودوليا على ممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة لوقف الحرب، لكن ما يمنع تحققه حتى الآن هو سياسة التكميم والقمع المنظمة التى تفرضها الحكومة الإثيوبية ضد وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.
وقرأت فى الأيام الأخيرة عن إبعاد للعديد من مراسلى الصحف ووكالات الأنباء العالمية من إثيوبيا، ومن مناطق القتال، حتى لا يتم نقل حقيقة ما يحدث للعالم.
ومنذ بداية الهجوم على الإقليم. قامت الحكومة بقطع الاتصالات عن إقليم التيجراى وبالتالى لم يعد ممكنا نقل حقيقة ما يحدث، خصوصا فيما يتعلق بأعداد الضحايا والمشردين، وهل هناك جرائم حرب حدثت فعلا أم لا؟!
السيناريو الثالث: أن تتمكن قوات إقليم التيجراى من صد الهجوم الحكومى الشامل، هذا السيناريو صعب لكنه ليس مستحيلا، بالنظر إلى رغبة آبى أحمد فى حسم المعركة بسرعة أولا، وفى ظل أن غالبية الأقاليم والعرقيات الإثيوبية تتمنى دحر وهزيمة عرقية التيجراى، والتى لا تشكل أكثر من ٧٪ من سكان إثيوبيا، لكنهم كانوا يسيطرون على معظم مراكز السلطة فى البلاد منذ أوائل التسعينيات وحتى تولى أحمد منصبه منذ عامين مضيا. لكن مشكلة أحمد وحكومته أن الجيش الإثيوبى كان يخزن كميات ضخمة من الأسلحة والمعدات الحربية الحديثة فى إقليم التيجراى المجاور لإريتريا، تحسبا لأى صراع معها، وهذه الأسلحة صارت فى حوزة الإقليم المتمرد على السلطة المركزية، كما أن العديد من قادة وجنود الجيش الإثيوبى المنحدرين من عرقية التيجراى انشقوا وانضموا إلى إقليمهم ضد الحكومة المركزية فى أديس أبابا.
وطبقا لما يقوله قادة الإقليم فإنهم يملكون الإمكانيات الكافية للصمود فى وجه الهجوم الذى يشنه أحمد وجيشه.
تلك هى السيناريوهات الثلاثة الأساسية، وما يدركه آبى أحمد أن تحقيق أفضل السيناريوهات من وجهة نظره، وهو الانتصار على الأقليم، لن يعنى نهاية المشكلة.
لأنه حتى فى ظل هذا السيناريو فإن هناك خمسة ملايين إثيوبى سوف يشعرون أن جيش بلادهم قام بقصفهم جوا لأيام متتالية، وأن هناك الآلاف سقطوا قتلى وجرى، وبعضهم صار مشردا سواء خارج الإقليم أو فى السودان. هؤلاء سوف تمتلئ قلوبهم وعقولهم بالحقد والغل، وكل ما سيفكرون فيه هو الانتقام.
السؤال الجوهرى هو: هل فكر آبى أحمد فى هذا السيناريو وخطورته وتداعياته على مستقبل اثيوبيا نفسها وعلى منطقة القرن الافريقي؟!
وما يهمنا نحن بطبيعة الحال فى مصر، هو تأثير هذا الصراع على مفاوضات سد النهضة ،حيث تتخذ اثيوبيا موقفا متعنتا جدا. وهو ملف شائك ويحتاج إلى تعامل بمنتهى التروى والحكمة،حتي نحافظ على حقوقنا المائية التاريخية وحقنا فى الحياة.