بقلم - عماد الدين حسين
نتحدث كثيرا عن أهمية الوعى، لكن هل هناك آلية عملية لتطبيق ذلك على الأرض؟
الرئيس عبدالفتاح السيسى يكاد يتحدث عن أهمية الوعى فى كل حديث أو خطاب أو تصريحات أو لقاءات له.
ورغم ذلك لا توجد آلية مؤسسية تتولى عملية التنسيق والمتابعة والتنفيذ.
الذى لفت نظرى إلى ذلك مسئول مهم وكبير خلال اتصال تليفونى قبل أسبوعين تقريبا.
نعرف أهمية عنصر الوعى، وبدونه قد لا نتمكن من تحقيق أى تقدم حتى لو كنا نملك الإمكانيات. الوعى لا يرتبط بنظام أو بحكومة معينة، حالية أو سابقة، بل هو تأسيس لحالة عامة ومستمرة لسنوات، تعكسها روح قومية تجمع بدورها المشتركات العامة للأمة أو غالبية فئاتها.
وعدم الوعى هو الذى يعطى الفرصة للمتربصين بهذا البلد، لكى يحققوا أهدافهم.
المسئول المهم الذى اتصل بى أخيرا هو الذى لفت نظرى لأهمية وجود هيئة أو مؤسسة أو لجنة تكون مسئولة عن متابعة موضوع أو قضية الوعى.
هذه القضية لا تخص جهة أو وزارة أو هيئة أو مؤسسة بعينها، بل هى متداخلة بين العديد من الوزارات والهيئات والجهات، وربما هذا هو السبب الذى يجعل «دمها مفرقا بين كل القبائل»، وبالتالى لا يمكن محاسبة أحد بعينه، لأنه فى هذه الحالة سوف يلقى بالمسئولية على الآخرين!
على سبيل المثال كل المؤسسات الإعلامية مسئولة عن هذه القضية مثل المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة ووزارة الدولة للإعلام وجميع الصحف القومية والفضائيات القومية والمستقلة والخاصة وذلك من خلال النشر والتحليل وإقامة الندوات والمؤتمرات.
نشر الوعى واحدة من أهم المهام لوزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر، خصوصا الوعى الدينى، بعد أن رأينا أن مجموعات قليلة من المتطرفين، تمكنت من استقطاب مئات الآلاف من شباب المسلمين وتحويلهم إلى ماكينات للقتل باسم الدين، مما أدى لتشويه الإسلام.
هى أيضا مهمة حيوية لوزارة الثقافة وأجهزتها المختلفة، والمؤسسات الثقافية الخاصة من سينما إلى مسرح وكتاب. وأفضل مثال على ذلك مسلسل «الاختيار»، الذى عرض فى شهر رمضان الماضى، وقبله بقليل فيلم «الممر». المسلسل لعب دورا مهما فى توعية الناس بخطورة الإرهاب والتنظيمات المتسترة بالدين، والفيلم ذكر الناس ببطولات القوات المسلحة فى حرب الاستنزاف، والأهم كشف للشباب أن عدوهم الأخطر هو الموجود فى فلسطين المحتلة.
هى مهمة ضرورية للمدارس والجامعات لتوعية الشباب صغار السن بتاريخهم وقيمهم، ثم تعويدهم على التفكير النقدى المستقل، الذى يعصمهم من تصديق الأكاذيب والإشاعات وأخماس الحقائق.
هى مهمة أساسية لوزارة الشباب والرياضة من خلال المعسكرات ومراكز الشباب والأنشطة الرياضية المختلفة نهاية بالندوات.
كل هؤلاء يتحدثون منفردين عن أهمية الوعى لأنهم يسمعون رئيس الجمهورية يتحدث عن ذلك، لكن مرة أخرى كيف يتحول الكلام إلى واقع عملى؟!
للأسف لا نعرف حتى الآن بوجود تنسيق حقيقى وعملى ومستمر وممنهج بين كل المؤسسات فى هذا الصدد.
الجهود كلها فردية، وليست مؤسسية. وأحيانا فإن ما يحدث أحيانا هو تنافس من بعض الهيئات والمؤسسات والوزارات، بل واللجان، داخل مجلس النواب السابق.
الحل العملى هو أن تكون هناك لجنة فى مجلس النواب أو الشيوخ أو هيئة مستقلة ذات صلاحيات محددة، تتولى متابعة بناء الوعى حتى لا تضيع بين دهاليز الهيئات والمؤسسات المختلفة.
مجلس الشيوخ لديه فى اللائحة المقترحة ١٤ لجنة التى لم يتم التصديق عليها حتى الآن، وهو عدد قليل جدا، بسبب ضيق المكان، ومجلس النواب لديه أكثر من ٢٥ لجنة، ويفترض أن ينتقل إلى العاصمة الإدارية قريبا، وبالتالى يمكنه استحداث لجنة جديدة باسم الوعى، أو إضافتها للجان مجلس الشيوخ.
أقترح أن تبادر أى جهة رسمية بصورة سريعة إلى دراسة فكرة إنشاء لجنة للوعى سواء كانت برلمانية أو حكومية، ويفضل أن تكون لجنة شاملة تمثل مكونات المجتمع المصرى، وتكون قومية وعابرة للانتماءات الصغيرة، وظنى أن هذه اللجنة أو الهيئة أو المؤسسة بصلاحيات محددة، قد تؤدى إلى إحداث نقلة نوعية فى بناء الوعى بدلا من الظاهرة الغريبة وهى الكلام فقط.