بقلم - عماد الدين حسين
هذه الرسالة وصلتنى من قارئ عزيز عن بعض مشاكل النقاط الغامضة فيما يتعلق بالأحياء التى لن يسمح بالبناء عليها، وجاء فيها:
«لا أحد يقف ضد اتجاه الدولة لضبط عملية البناء ووقف النمو العشوائى والتعدى على الأراضى الزراعية، وهى الظاهرة المؤسفة التى نعيشها منذ عشرات السنين، وكانت تمثل جريمة فى حق وطننا، ولا أحد يمكن أن يعارض ما تقوم به الحكومة من وضع اشتراطات جديدة للبناء وهو ما يمثل مكسبا كبيرا للدولة والمواطنين المصريين.
غير أن الأمر الذى أثار قلق البعض هو ما نشر أخيرا فى بعض المواقع الإخبارية، عن مسودة مقترح لقسم التصميم العمرانى والتخطيط بكلية الهندسة جامعة عين شمس، بوقف البناء بشكل كلى فى مناطق داخل 21 حيا من أحياء العاصمة والبالغ عددها 38 حيا، وأوضح مصدر بوزارة التنمية المحلية، أن هذه المسودة لم يتم اعتمادها بشكل نهائى ولذلك هى أولية ويجرى مناقشتها فى الهيئة العامة للتخطيط العمرانى لإقرار ما تراه مناسبا من تعديلات عليها قبل إقرارها بشكل نهائى.
بعض سكان هذه المناطق من ملاك قطع الأراضى غير المبنية حدثونى عن مخاوفهم من أن يتم منعهم من البناء عليها، خصوصا أن خطاب الحكومة فى شأن وقف البناء كلية فى بعض مناطق محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية كمرحلة أولى تمهيدا لتعميمه على باقى المحافظات، لم يكن مصحوبا برسائل طمأنة بتعويض المضارين منهم و«هل ستعوض الدولة من سيصدر قرار بإيقاف البناء على أراضيهم؟ وهل ستمنحهم أرضا بديلة لهم فى المدن الجديدة مثلا؟ وهل قرار الوقف مؤقت أم أبدى؟
فى تقديرى الشخصى أن الدولة لا يمكن أن تقصد إلحاق الضرر بالمواطنين بإيقاف البناء على أراضيهم التى يملكونها ووفقا للتوصيات، إلا إذا كان هذا الأمر مشروطا بإعداد مخطط استراتيجى أو تفصيلى لهذه المناطق، كما أن هذا المنع يتعارض مع القانون والدستور الذى يكفل حق الملكية الخاصة.
وأظن أن الأمر فى حاجة إلى توضيح رسمى من الحكومة وإيصال رسالة طمأنة للمواطنين المعنيين، حتى لا يتم استغلال الأمر من جانب القنوات المعادية فى تزييف الحقائق وتضليل المشاهدين بالأكاذيب على غرار فيديوهات هدم البيوت التى كانوا يبثونها كذبا وزورا.
وأظن أيضا أن على الحكومة أن تبدأ فى توسعة الأحوزة العمرانية المتوقفة فى بعض المناطق منذ عام 2008، وهو أحد الأسباب التى تقف وراء موجة التعدى على الأراضى الزراعية خلال السنوات الأخيرة، فكثير من الفلاحين البسطاء لا يملكون سوى قطعة أرض مساحتها قيراط أو قيراطين ولديهم 4 أو 5 أبناء فى سن الزواج، ولم يكن أمامهم خيار سوى التعدى عليها بالبناء فى ظل غياب الحديث عن توسعة الأحوزة العمرانية ويأسهم من إمكانية البناء القانونى عليها، خصوصا أن المادة 12 فى قانون البناء الموحد تنص على: «يتم مراجعة وتحديث المخطط الاستراتيجى العام للمدن أو القرى كل خمس سنوات على الأكثر لضمان ملاءمته للتطور الاقتصادى والاجتماعى والبيئى والعمرانى والأوضاع المحلية».
انتهت رسالة القارئ العزيز وكما فهمت فهى تدور حول سؤال يراه البعض مهما وهو: إذا كان هناك إيقاف كامل للبناء فى حى مثل الدقى، وكانت هناك قطعة أرض فضاء فهل يحق لصاحبها بناء عمارة أو فيلا عليها أم لا؟ واذا كانت الإجابة هى: لا. فما هى معايير استغلال هذه الأرض؟ وهل صحيح سيتم إنشاء مرافق عامة عليها من مدارس أو مستشفيات؟ وإذا حدث ذلك فمن الذى سيحدد سعر متر الأرض؟
وهل سيكون السعر عادلا ومجزيا، خصوصا أن بعض قطع الأرض هى كل ما يملكه أصحابها وتشبه تحويشة العمر لهم؟!!
وسؤال أخير: إذا انهارت عمارة فى حى متشبع وممنوع البناء فيه فما هى الخيارات المتاحة أمام أصحابها أو قاطنيها؟
تلك أسئلة قد يراها البعض مجرد تفاصيل، وقد تكون كذلك، لكن كما نعلم فإن الشيطان يكمن دائما فى التفاصيل.
وقانا الله وإياكم من الشياطين.