بقلم - عماد الدين حسين
صباح أمس الأول الثلاثاء زرت مجمع سجون طرة بدعوة كريمة من إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية، لحضور ندوة تثقيفية نظمها قطاع السجون عن أوجه الرعاية والتأهيل للنزلاء.
قبل حول عام حضرت ندوة مماثلة فى نفس المكان، لكن كان عدد الصحفيين والإعلاميين ضخما، فى المرة الأخيرة، أمس الأول، كان العدد قليلا، ولم يزد عن ٧ مدعوين إضافة للزملاء محررى الشئون الأمنية بالصحف، والجديد هذه المرة أيضا هو افتتاح مقر مصلحة السجون الجديد داخل مجمع طرة.
الندوة اقتصرت على كلمة للواء هشام البرادعى، مساعد وزير الداخلية، وبعدها تم تنظيم جولة للوفد الإعلامى فى العديد من الأقسام والمنشآت بمنطقة السجون، ومنها سجن المزرعة.
فى هذه الجولة لفت نظرى قول اللواء البرادعى إن السجون المصرية تكاد تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع والخدمات سواء كانت خضراوات أو فاكهة أو خبز أو لحوم وفراخ، والعديد من السلع الأخرى، بعض هذه السلع بها فائض تقوم وزارة الداخلية ببيعه إلى الجمهور فى المنافذ المختلفة فى المدن المصرية بأسعار مخفضة مقارنة بأسعارها فى القطاع الخاص.
إحدى السجينات التى قابلناها خلال الجولة حكت عن تجربتها وزميلاتها فى صناعة المفروشات، سألتها عن الدخل الشهرى الذى تحققه فقالت نحو ٤٠٠٠ جنيه.
النجارون والحدادون يحققون دخلا قريبا من هذا الرقم، وربما أعلى، لكن من المهم أن نوضح الصورة، فليس كل سجين قادر على كسب هذا المبلغ، وإلا لقام العديد من الناس بدخول السجن!!!، القادرون على ذلك هم الصنايعية المؤهلون، وهم قلة مقارنة بعدد المسجونين.
لكن الفكرة المهمة أن من يريد أن يتعلم صنعة داخل السجن يمكنه ذلك، خصوصا فى ظل وجود العديد من الورش الأقرب للمدارس الصناعية، إضافة إلى تنامى مفهوم الاكتفاء الذاتى من سلع ومنتجات كثيرة بالسجون.
الملاحظة الثانية: هى التسهيلات التى أعلن عنها اللواء البرادعى خلال الجولة وأهمها أن وزارة الداخلية قررت إعفاء أبناء المساجين من المصاريف الدراسية، والسماح للنزلاء بزيارة أهاليهم فى المنازل لمدد ٤٨ ساعة وبشروط احترازية، وإجراء ٤٧٢ عملية جراحية للسجناء وإيفاد ٣٨ قافلة طبية للسجون، وزيادة مدارس محو الأمية، وصرف معاشات لبعض أبناء المسجونين ذوى الظروف الصعبة، وجمع شمل الأقارب من المسجونين، أو نقل بعضهم لقرب محلات إقامتهم.
الملاحظة الثالثة: هى أن وزارة الداخلية ومصلحة السجون نجحا بصورة لافتة فى تحدى اختبار كورونا خلال الشهور الماضية، نتذكر أن دعوات كثيرة انطلقت للمطالبة بالإفراج عن المسجونين، ووقتها تهكم كثيرون على الأوضاع الصعبة بالسجون وازدحامها، وما حدث طبقا لكلام اللواء البرادعى هو أن الفيروس لم ينتشر داخل السجون، والسبب هو الرعاية الصحية المتكاملة واتباع كل الإجراءات الاحترازية، خصوصا فى ظل أن السجون أماكن مغلقة وشديدة الازدحام، والحمد لله مر الأمر بسلام ونجحنا فى الاختبار، وأفشلنا خطة الجماعات الإرهابية لاستثمار هذا الفيروس، على حد تعبير اللواء البرادعى، الذى كشف أيضا عن أنه تم الإفراج عن ٢١٥٤٧ سجينا منذ بداية العام، منهم ٣١٥٧ من كبار السن، وأكثر من ١٣ ألفا تم الإفراج عنهم بشروط وبعض يعانى من أمراض مزمنة.
سألت اللواء البرادعى عن وضع المسجونين السياسيين، فقال بوضوح: نحن هنا لا نفرق بين مسجون سياسى وآخر غير سياسى، ولا ندقق أو ننظر لهوية السجين، وهل هو من القاعدة أو داعش أو جماعة الإخوان الإرهابية، أو من أى فصيل، حينما يأتى السجين إلى هذا المكان، نتعامل معه كإنسان أخطأ من وجهة نظر القانون وجاء لقضاء فترة عقوبة، وبالتالى فنحن نتعامل مع الجميع على أساس القانون، وكل ما نرجوه من السجين أن يلتزم باللوائح والقوانين المنظمة للسجون، حتى تنتهى فترة سجنه، ويغادرنا بسلام.
البرادعى قال بلهجة قاطعة أتحدى أن يثبت أحد أننا نعذب الناس أو ننتهك حقوقهم، بل أنه فى إحدى جولاته بمستشفى السجن، وجد إعلاميا معروفا ينتمى لجماعة إرهابية يتلقى العلاج المطلوب مثله مثل أى سجين آخر.
قلت للواء البرادعى، أتمنى أن ترد مصلحة السجون على أى شكوى وتحقق فيها، حتى لا يتم تركها لمنصات معادية تحاول استثمار أى ظرف، هو قال نحن نطبق القانون، ثم إن النيابة العامة تنفذ زيارات مفاجئة للسجون، وآخرها كان قبل أيام قليلة.