بقلم - عماد الدين حسين
مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى بتطوير أكثر من٤٥٠٠ قرية وآلاف التوابع، ستكون مشروعا قوميا غير مسبوق لتطوير الريف إذا أحسن تنفيذها، وتمكنت من الإفلات من شبكة الفساد الضخمة فى المحليات.
يوم السبت قبل الماضى كنت حاضرا لافتتاح مشروع الفيروز للاستزراع السمكى فى شرق التفريعة على حدود سيناء وبورسعيد. يومها تحدث الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء باستفاضة عن المشروع، ثم تحدث بعده الرئيس عبدالفتاح السيسى، بصورة أشمل. وبعد نهاية الافتتاح والجولة التفقدية، تحدث الرئيس السيسى مع مجموعة من رؤساء التحرير والإعلاميين ــ وكنت أحدهم ــ مرة أخرى عن المشروع.
وصباح الإثنين الماضى، تحدث الرئيس السيسى فى كلمة مكتوبة فى الاحتفال بعيد الشرطة، ثم ارتجل كلمة قصيرة عن نفس الموضوع.
الخطوط العريضة لهذه المبادرة، تقول إنه سيتم تطوير كل القرى المصرية، وعددها تقريبا ٤٥٨٤ قرية و٣٥ ألف تابع، يعيش فيها ٥٨ مليون مواطن، بتكلفة ٥١٥ مليار جنيه مقسمة على ثلاث مراحل، تم البدء بالفعل فى ٣٧٥ تجمعا ريفيا تضم ٤٫٥ مليون نسمة بتكلفة ١٣٫٥ مليار جنيه بإجمالى ٢١٨٠ مشروعا.
المبادرة تستهدف بناء منازل أو ترميمها ورفع كفاءة الوحدات الصحية وشبكة الطرق وشبكة الكهرباء، وخدمة مياه الشرب، وتوصيل خدمات الصرف الصحى ورفع كفاءة المدارس والمستشفيات. وإضافة ملاعب داخل مراكز الشباب لخدمة الأطفال.
هذه المبادرة تأتى فى إطار المشروع القومى للتنمية العمرانية الذى يشمل ٣١ ألف مشروع بتكلفة تصل إلى ٥٫٨ تريليون جنيه.
حينما سمعت عن فكرة المشروع للمرة الأولى استغربت من أين سوف تأتى الحكومة بالتمويل اللازم، فى حين أنها تشكو من نقص التمويل، وتفرض كل يوم ضرائب أو رسوما جديدة، يشكو منها غالبية المواطنين.
لكن الفكرة الجديدة فى الموضوع والتى تجيب عن هذا التساؤل، تتمثل فى توجيه كل البنود المخصصة للاتفاق على الريف فى موازنات الوزارات والهيئات المختلفة، إلى هذه المبادرة. بمعنى أن كل ما هو مخصص للكهرباء والتعليم والطرق والصحة وخلافه للريف سوف يوجه لتنفيذ هذه المبادرة.
المشروع سيوفر فرصا عظيمة يستفيد منها الجميع من أول العاطلين، الذين قد يجدون فرصة عمل، والعمالة الماهرة فى الريف، ثم القطاع الخاص الوطنى، خصوصا شركات المقاولات، والأهم المصانع الوطنية، التى سوف تقوم بضخ آلات ومعدات صناعة مصرية فى هذا المشروع، وبالتالى فإن المجتمع بأكمله سوف يستفيد مما سينعكس على مستوى النمو الفعلى، والمؤشرات الكلية، وبالتالى زيادة الإنتاج القومى، والأهم تحسين جودة الحياة لأكثر من نصف المجتمع المصرى.
الرئيس السيسى قال إن الدولة حددت الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ المشروع، وهى تدعو كل الشعب للمشاركة بكل جهده من أجل إنجاح هذا المشروع.
ظنى أنه إذا تم تنفيذ هذا المشروع بالصورة التى تحدث بها الرئيس، فسوف يكون ذلك أفضل ما حدث للريف المصرى منذ عقود.
لكن ــ وآه من لكن ــ أتمنى أن نتنبه جميعا إلى ضرورة تلافى أى أخطاء أو ثغرات محتملة، يمكن أن تعرقل تنفيذ هذا المشروع. أول هذه الثغرات هى الفساد المتغلغل فى قطاع المحليات منذ عقود.
أخشى أن يمارس لوبى الفساد هوايته المستمرة فى امتصاص واستنزاف هذه الأموال الموجهة لتنفيذ هذه المبادرة.
وهنا نسأل عن الجهة التى ستقوم بالإشراف على هذه المبادرة وتنفيذها على أرض الواقع. وإذا كان مجلس الوزراء هو الذى سوف يشرف مباشرة على المشروع، فما هى الآليات التى ستمنع الاستنزاف المتوقع للمشروع، وتفريغه من مضمونه؟!!
أخشى أن يتم التنفيذ بالطريقة التقليدية، ثم نتفاجأ بأن لوبى الفساد، قد استجمع قواه وتمكن من تفريغ هذه المبادرة من محتواها، نعلم جميعا الطرق الشائعة فى السطو على أى أموال عامة.
وبالتالى أتمنى أن ندرس هذه النقطة بعمق، وأن تكون هناك آليات واضحة وفعالة للرقابة على تنفيذ هذا المشروع، حتى يتم التصدى لأى محاولات متوقعة لتجيير هذا المشروع القومى لصالح بعض الفاسدين.
علينا أن ندرس ونفكر فى كل العراقيل التى يمكن أن تواجه المشروع، ونعمل على حلها، قبل بدء التنفيذ، حتى يحقق المشروع أهدافه كاملة.