بقلم - عماد الدين حسين
الحماس والإثارة والروح فى مجلس النواب خلال الأسبوع الماضى، أمر جديد ومختلف ومبشر، لكن السؤال الأهم هو: هل يستمر ذلك ويتطور ليجعل من البرلمان رقيبا فعليا وفعالا على أعمال الحكومة؟
بداية الإثارة كانت من يوم الأحد قبل الماضى، حينما أعلن المستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، «استدعاء» رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى إلى المجلس للرد على الملاحظات الكثيرة للنواب.
حينما قرأت كلمة «استدعاء» يومها فركت عينى، وطلبت من زملائى محررى البرلمان، التأكد من أن الكلمة صحيحة، وليست دعوة أو طلبا للحضور، ولكنهم أكدوا أن الكلمة صحيحة. رئيس الوزراء ذهب للبرلمان فى اليوم التالى، وبعد أقل من ٢٤ ساعة من «الاستدعاء» عرض ما يشبه برنامج حكومته، وما فعلته منذ توليها منصبها.
بعد مغادرة مدبولى المجلس، ذهب وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوى، وأجاب عن أسئلة عدد كبير من النواب، خصوصا ما يتعلق بالجهات التى ستحول إليها حصيلة المصالحات فى مخالفات البناء والتى بلغت ١٦٫٨ مليار جنيه دفعها ٢٫٧ مليون مواطن، قائلا إن ٦٠٪ ستوجه لمشروعات تنموية بالتعاون مع وزارة الإسكان والصرف الصحى ومياه الشرب و٣٩٪ لخزينة الدولة و١٪ لإثابة العاملين.
الإثارة الأكبر كانت فى اليوم التالى، حينما ذهب أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، وتعرض لانتقادات متنوعة. أشرف رشاد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن طالبه بالاستقالة، بسبب جمعه بين الوزارة، ومدينة الإنتاج الإعلامى، كما تعرض لانتقادات من نواب آخرين اعتبروا إدارته لملف الإعلام غير ناجحة. ورد الوزير بالقول إنه استشار الحكومة فى مسألة الجمع بين الوزارة ومدينة الإنتاج، وأنه يحاول جاهدا معالجة أوضاع المؤسسات الإعلامية الصعبة خصوصا الديون المتراكمة.
تكرر الأمر أيضا مع وزير التعليم الدكتور طارق شوقى الذى انتقده نواب قائلين إن الواقع على الأرض أصعب كثيرا، خصوصا مرتبات المعلمين والنقض الفادح فى البنية التحتية للإنترنت فى المدارس.
الإثارة كانت حاضرة أيضا حينما تحدث وزير قطاع الأعمال هشام توفيق عن موضوع الساعة وهو تصفية شركة الحديد والصلب. الوزير لم يذهب كعادة أسلافه مدافعا ومبررا، لكنه كان هجوميا جدا، وقال إن الخطأ الوحيد الذى وقعت فيه وزارته والحكومة، هو التأخر فى تصفية الشركة، وأن كل من هاجموه تحدثوا عاطفيا، ولم يذكروا معلومة علمية أو اقتصادية تتيح إمكانية التراجع عن قرار التصفية، وأنه سيتم طرح أراضى الشركة البالغة ١٤٠٠ فدان بإجمالى ٦ ملايين متر للبيع لسداد مديونيات الشركة وتصل إلى ٨٫٢ مليار جنيه وتعويضات العاملين وتبلغ ٢ مليار جنيه، أما بعض نواب المجلس، فقد اتهموا الوزير بتعمد تصفية الشركة، وطالبوا الحكومة بإقالته ومحاكمته، ومنهم النائب ضياء الدين داوود الذى قال «من لا يستجيب لإرادة النواب فإن باب الخروج موجود»، وأن وزارة قطاع الأعمال فى حالة عداء مع مشروع مات صاحبه منذ ١٩٧٠ وهو جمال عبدالناصر. كما هاجم النائب علاء عابد بيان الوزير قائلا إنه لا يمت للواقع بصلة، وعندنا ألف شكوى من وزارة قطاع الأعمال.
وحينما ذهب وزير الشباب والرياضة د. أشرف صبحى، قال له النائب أحمد فرغلى نشعر أن هناك مؤامرة لهدم استاد بورسعيد، لعدم تطويره منذ عامين رغم وجود شروخ فى بعض جدرانه. لكن رئيس البرلمان حنفى جبالى حذف كلمة مؤامرة من المضبطة. وأقر الوزير بوجود مشاكل فى مراكز الشباب، متعهدا بالعمل على إصلاحها.
أميرة العادلى من «تنسيقية شباب الأحزاب» اعتبرت أن معايير حذف بعض المواطنين من البطاقات التموينية تبدو غير منطقية. والنائبة غادة على طلبت من وزير التعليم العالى إعادة تقييم معاشات هيئة التدريس خصوصا الأطباء، وكذلك ضرورة وجود معايير واضحة لاختيار القيادات الجامعية.
هذه المواجهات والمعارك والنقاشات بين ممثلى النواب وممثلى الحكومة، مهمة وجيدة، ولم نكن نراها إلا ما ندر فى الماضى.
من المهم أن يستمر الدور الرقابى لمجلس النواب فى الفترة المقبلة وإلا يتوقف الأمر عند ما حدث فى الأيام الماضية.
هذه بداية جيدة، ستجعل السلطة التنفيذية تثق أن السلطة التشريعية تراقبها فعلا وليس مظهرا.
الرأى الآخر مهم جدا، وإذا لم يكن موجودا لوجب اختراعه، والأهم أن يكون هناك إيمان حقيقى بذلك، حتى نتمكن من دحر الإرهاب، والانطلاق فى عملية البناء والتنمية.