بقلم - علي أبو الريش
في الأخوة الإنسانية لحظة فيها تتجلى الروح، وتصبح المرآة صافية كعين الطير، هي لحظة تصير فيها (الأنا) جدولاً يصب في عروق الأشجار من دون تمييز، ويصبح العالم غيمة ممطرة. في الأخوة الإنسانية يطيب للحب بأن يكون سحابة تظلل القلوب ويحق له بأن يخيط قماشة الحرير بإبرة الوعي ليذهب في العالم إلى واحات معشوشبة بالانسجام، ونسيان ما قد يحيق بالمشاعر أو يعكر صفوها، أو يختزل مساحتها الخضراء.
في الأخوة الإنسانية تجتمع الأديان كما تأتلف الأشجار لتشكل حقلاً حافلاً بالغناء، رافلاً بأجنحة الطير الشفافة، لهذا المعنى فهمت الإمارات الهدف من الذهاب إلى العالم بقلوب كأنها الأنهار، ومشاعر كأنها أجنحة الفراشات، ووعي كأنه السماء الصافية، فهذا هو ديدن الإمارات، وهذا هو ناموسها، وهذا هو قاموسها، وهذا هو فانوسها الذي من خلاله تتهجى أبجدية الأحلام الزاهية، وتتلو للعالم كتاب الأخوة الإنسانية، وترفع النشيد عالياً لأجل صدى يصل إلى الأسماع، لأن الكراهية في القرن الواحد والعشرين بلغت منتهاها، الأمر الذي يتطلب الهبة الإنسانية من دون تردد أو تمهل لأن الأجيال القادمة سوف تسأل الجميع، ماذا فعلت الدول وكل سياسييها ومفكريها ومثقفيها، ورجال دينها بخصوص جائحة الحقد، وأصحاب الأجندات السوداء، وكل من يتبنى فكرة «أنا ومن بعدي الطوفان».
الإمارات وعت لهذا الداء في وقت مبكر جداً، ولهذا فهي تستطيع بحكم التجربة، والخبرة في المواجهة، بأن تقود المرحلة إلى مرافئ آمنة، ونظيفة من شوائب الموج، ونقية من غبار الرياح، وصافية من عبث العابثين، وإسفاف المسفين، وسفاهة المعربدين.
الإمارات لديها من الرصيد الثقافي، والإرث القيمي ما يؤهلها بأن تتصدر المشهد وأن تذهب بعيداً في قيادة المرحلة لإنقاذ العالم من تشققات المشاعر التي أحدثتها النزعات الشوفينية، وتمزقات العنصرية، وتشوهات الأنانية.
الإمارات تنتمي إلى العالم أجمع وهي تعي أنها جزء من هذا الوجود، ولكي ينجو العالم من الزعزعة، على الجميع أن يدرك بأن ما يصيب الجزء لا بد وأن يلحق بالكل. فنحن أمة بشرية واحدة، نحن أوراق في الشجرة الواحدة وعندما تصاب ورقة بالاصفرار، فلا بد وأن يكون هناك خطر ما يهدد باقي أوراق الشجرة.
ما يحدث في العالم اليوم هناك دول، وهناك أفراد يسعون لزلزلة العالم وخلق بلبلة في مشاعره، لأهداف عدوانية لا غير، ولكي تتحطم هذه النتوءات في جذر الشجرة على الجميع أن ينهض، وأن يشمر عن ساعديه، ليحفر أعمق حفرة، وليتم دفن هذه اللحظات الكئيبة من حياة البشر لينتصر العالم على الكراهية