بقلم - علي أبو الريش
بتقنيات أشبه بتعويذة النهار، اجتازت أبوظبي ومعها دبي بحر المعوقات، وحملت المدينتان على كتفي الإرادة الخضم الرحب من مطالب الحياة للإنسان على هذه الأرض، وقد تقدمت أبوظبي مدن الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا في مؤشرات المدن الذكية 2020، الصادر عن مركز التنافسية العالمي، ماذا يعني هذا المؤشر للقارئ الذي يتفحص ما يجيش بخاطر مدينته، وما يحدث في الشارع، وفي المؤسسة الحكومية، وفي كل مفصل من مفاصل الحياة والتي تحتاج إلى التخلص من الأثاث القديم، والتحول إلى أريكة جديدة تتجدد معها المعاني، والأفكار، كما تنشرح لها القلوب، وتتفتح الآفاق، وتتجلى في الدروب مصابيح، منيرة، من خلالها ينتصر الإنسان على قلقه، ويبدأ في النوم العميق المريح، ليبدأ صباحاً جديداً، مشرقاً، متألقاً بأزاهير، ورياحين، وتغاريد طير حبور، بما يحدث في مدينته حيث بدت الأغصان مثل القلائد، والأشجار مثل الجدائل، والمشاريع التنموية تطل على العيون ببريق الفوز على الماضي والدخول في حلبة الحاضر بكل ثقة، ورزانة، وأمانة، وقوة وثبات.
اليوم عندما تفكر في إنجاز أي عمل، أو مهمة، فما عليك إلا أن تفتح الشاشة الصغيرة التي بين يديك، وتبحث عن المواقع الرسمية للمؤسسات الحكومية، وتضغط على زر بحجم أظفر الخنصر، وتقدم بياناتك الرسمية وتنتظر في أقل من دقيقة، حتى تجد الجواب الشافي على أسئلتك، ومن ثم إنجاز ما تريد إنجازه.
هذه تعتبر في بلاد كثيرة في هذا العالم معضلة كبرى، وعقدة أشد من عقدة «أوديب»، ولكن في بلادنا أصبحت مثل هذه المهام من السهولة بمكان، مما لا يجعلنا نندهش عندما تسفر التقارير الدولية عن هذا التتويج، لأن الذهنية الإماراتية استوعبت الأمر منذ سنوات، واليوم تطمح مدننا إلى ما هو الأبعد من ذلك، لأن العقل الإماراتي تجاوز حدود الواقع، وأصبح كالنورس في الفضاء لا يبحث عن الأشياء الساكنة، وإنما هو يجول سبراً للحياة في الأشياء التي تتحرك، وتحرك في وجدانه صبوة التفوق، والتدفق، والسير قدماً نحو العلا بثبات المخلصين، وثقة الصادقين، وحب الذين لا يملأ عيونهم إلا بريق الشاهقات، الباسقات، السامقات، المتألقات، والرشيقات، اليافعات، في الزمان، هطولاً، وجذلاً.