بقلم - علي أبو الريش
لأن «الأنا» تورمت، واحتدمت، وتضخمت، وصارت ككتلة النار تتدحرج على صدر الأرض فتحرق الأعشاب، وتهرق الدماء، وتزهق الأرواح، وتشيع الغبار، وتنشر السعار، وتحول العالم إلى أمواج محيط متلاطمة، ولا مجال لعبور القوارب إلى بر الأمان.
الآن وقد وعى العالم لما يحدث، فقد أصبح من الضروري أن تنهض القوى المحبة للسلام، لدرء الخطر، ومنع حدوث الفيضان الذي لن يميز ما بين بلد أو آخر، فالجميع سيكونون في المحنة، ضحية الأنا المتفاقمة، والتي أعمت البصر، والبصيرة، ونسخت العلاقات بين البشر إلى حالة من الضيم والظلم، والضنك.
اليوم لا بد من يقظة، وهذا ما تدعو إليه الإمارات دوماً، هو مسعاها، ومرماها، وديدنها، هذا طموحها بأن ينأى العالم عن الصراعات التي لا هدف لها سوى التفكير بأنانية، والتقوقع حول الذات، وكل من يقول «إذا سلمت أنا وناقتي ما علي من رباعتي».
الإمارات تخوض حرباً شعواء ضد الحروب، وضد اللا عقلانية، الإمارات تعبر النفق الضيق كما هو الخيط وهو يمرق عبر ثقب إبرة، وتمضي في التفاؤل بكل سخاء، تمضي بالأمل بكل رخاء، ولا تتوقف، ولن يحبطها الواقع، لأنها دولة قامت في الأساس على اختراق غشاء الواقع للوصول إلى الحقيقة، وحقيقة الإمارات هي ترسيخ السلام في العالم، وحماية الضعفاء من ظلم المفترين، وتكريس الأحلام الزاهية في نفوس الناس الذين أحبوا الحياة، وبغضوا الحروب، والكروب، الإمارات اليوم تقود سفينة الحب، بكل صرامة، وحزم، وحسم، الإمارات اليوم تنهض بفكر تنويري، مفاده بأن البشرية بحاجة إلى التلاحم كي تنجو من تشققات الأرض التي يمشي عليها الناس، الإمارات تبذل كل ما بوسعها لكي تروي حقول الحياة برضاب الوئام، وتشفي جروح التاريخ ببلسم العطاء المستمر، والذي لا تنضب ينابيعه، الإمارات بفضل القيادة الحميمة تسعى دوماً لرأب الصدع بين أبناء الأرض الواحدة، والسماء الواحدة، ولن تتوقف جداول عطائها، لأن إدراك أهمية أن يكون العالم أسرة واحدة تحت سقف خيمة واحدة، هو الدافع وهو العجلة التي تأخذ رؤية الإمارات إلى جبالها الشاهقة، الإمارات تتوسط العالمين بقناعة لا تتزحزح ظلالها، بأن التصالح مع النفس هو السبيل لعلاج معضلات العلاقات بين الأفراد، كما هو بين الدول، وعندما تصبح الأنا نهراً جارياً، تنتفي الضغائن، وتغيب الأطماع، وتنتهي الصراعات.
الإمارات منذ البدء قد بنت هذه الثوابت، ولن تتخلى عن ثوابتها، لأنها الثوابت التي تزرع حقول الحياة، بالنخلة المباركة.