بقلم - علي أبو الريش
وريون) احتار فيهم الفهيم، والعليم، فمرة يقولون لماذا الدول البعيدة عن مرمى الحدود مع إسرائيل توقع اتفاقيات سلام مع هذه الدولة، فهي ليست لها حدود معها، ولم تخض حرباً، ولم تحتل إسرائيل أرضها. ونقول لهم طالما لم يحدث لهذه الدول أن حاربت إسرائيل، ولا تعترفون بدورها في النضال من أجل فلسطين، فإذاً لا يوجد أي مسوغ لمقاطعتها، ولا سبب لمنع التواصل معها في علاقات طبيعية لا يشوبها أي غبار.
وفي محل آخر يقول الثوريون، إنهم لا يريدون أحداً غيرهم للتحدث باسم فلسطين، فنقول لهم، هذا أمر جيد، فإذاً لا نريد منكم أيضاً الاعتراض على خطواتنا في الاتجاه نحو بناء علاقات سوية وغير مواربة، ولا متسربة من تحت الأغطية.
هؤلاء لأنهم لا يملكون ما يقومون به من أجل فلسطين، وقد أفلست جعبهم، وخوت، وتلاشت، وانزوت في مكبات تاريخية بائسة، هؤلاء لأنهم احتكموا إلى العواطف، وأقصوا العقل، وصاروا يهيمون في واد غير ذي زرع، هؤلاء لأنهم خسروا القضية عندما أصبحت العصابات هي التي تقود المرحلة، وعندما تحولت القضية الفلسطينية إلى كانتونات تديرها عقول تجمدت عند نقطة الصفر، وصارت فلسطين بالنسبة لهم تدار عبر الريموت كونترول، من جهات لها أطماع تاريخية تزيد على أطماع غيرهم، وهؤلاء لأنهم فهموا التحرير على أنه هو زج الأبرياء والعراة في الصحراء ليواجهوا مصيرهم بينما القادة (العظام) يخوضون معارك تقاسم الغنائم، على الأرض، وكل يبكي على ليلاه، وليلاهم لا تتجاوز حدود المصالح الذاتية، وخلود أسماء وهمية زرعها شيطان الرغبات الشخصية، وصاروا يغتصبون الحقائق من بين أضلع الشعب المظلوم، وينهبون المصائر من تحت جلود المغبونين، ويكابرون بصواريخ لا تصل إلى أخمص أقدام من يطلقونها، بل هي أشبه بكائنات خرافية تذوب في الصحراء، ولا قافية لها ولا وزن، في قصيدة محمود درويش، أنها صواريخ كقصاصات ورقية، يلهو بها أطفال في سن ما قبل الفطام.
أحدهم وهو منظر كبير وعريق، ليس له قول، أو حديث إلا عن نظام الابرتايد، وأعتقد أنه
يحفظ المصطلح عن ظهر قلب، ولكنه لا يعرف معناه، والله يحاسب من لقنه هذا المصطلح الذي خرق آذاننا به، ولم يكف عن الهذيان لأنه معجب جداً بهذا المصطلح، ولا يريد أن ينفك عنه.
في النتيجة النهائية نريد من الثوريين، أن يصلوا إلى حل، ويعلنوا صراحة، ماذا يريدون منا أن نفعل؟ هل نكون معهم، فإذا كان الأمر كذلك فمن حقنا أن نترافع عن فلسطين بكل الوسائل والسبل، وإذا كانوا لا يريدون ذلك، فمن حقنا أن نسلك الطريق الذي يحقق أهدافنا، ويؤكد تواصلنا مع الآخر، أياً كان هذا الآخر.
ولكن كل ما نريده هو، أن يكف المهرجون عن التهريج، وتتوقف آلة الكذب عن التدليس، وقلب الحقائق.