بقلم - علي العمودي
فوجئت سائحة أجنبية بعد عودتها لبلادها بفترة باتصال من شرطة دبي يبشرها بالعثور على خاتم ثمين كانت قد فقدته خلال زيارتها للإمارة، وبإرساله لها على عنوان حددته في البلاغ الذي حررته رغم أنها لم تتذكر مكان فقده بالتحديد. تصوروا مقدار وحجم الفرحة والسعادة التي غمرتها عندما تلقت خبر العثور على خاتمها الثمين والذي يحمل ذكريات أثمن بالنسبة لها. موظفو شرطة دبي الذين تعاملوا مع الأمر، كانت مسألة إسعاد المتعاملة قناعة لديهم قبل أن تكون واجباً وظيفياً. ففي أحوال كهذه لا يذهب الموظفون البيروقراطيون المتكلسون أبعد من إحالة الأمر للمفقودات وبيعها في المزاد بعد انقضاء المدة القانونية. ولكننا نتحدث عن روح وقناعة وحرص على إسعاد متعامل، والأهم من ذلك كله الغيرة على صورة وسمعة البلاد.
كنت أتمنى أن تسود مثل هذه الروح المتعاونة والحرص على إسعاد الآخرين بعض موظفي خدمة المتعاملين في مقر وزارة التربية والتعليم بأبوظبي لدى تعاملهم مع طلب رجل خدم الدولة لأكثر من ربع قرن وغادرها بعد بلوغه سن التقاعد. وكل ما يطلبه منهم النسخة الرسمية من شهادة الثانوية العامة لابنه الذي تخرج بتفوق وبمعدل عالٍ في امتحانات العام الدراسي الماضي.
وكان عندما تقدم لاستخراج الشهادة قبيل مغادرته البلاد، قيل له وبسبب ظروف جائحة «كورونا» إن كل شيء يتم حالياً عن بُعد وعليه تنزيل صورة من الشهادة من موقع الوزارة، فقاموا بذلك وصدقوها من الجهات المختصة وحصل الطالب بموجبها على قبول مبدئي للدراسة في جامعة بأحد البلدان العربية الشقيقة، ولكن الجامعة عادت لتطلب الشهادة الرسمية واضطر معها لطرق أبواب مركز المتعاملين وهو خارج الدولة لتستمر معاناته لأكثر من ثلاثة أشهر مع وقف الطالب عن الدراسة ريثما يستكمل الإجراء المطلوب منه، ليجد الأب وابنه نفسيهما في موقف لا يحسدان عليه، وبسبب لا يد لهما فيه.
حالة تعبر عن صورتين مختلفتين لقناعة موظف في جهة وآخر في جهة غيرها والكيفية التي يتعامل بها كل منهما في أداء واجبه، فأحدهما يذهب بعيداً ليس في خدمة المراجع بل في إسعاده والحرص على ترك انطباع طيب وسعيد عن الجهة التي يعمل بها، و«وطن السعادة» الذي ينتمي إليه. إسعاد الناس ممارسة ووعي وإدراك للمسؤولية وليس مجرد وظيفة وحضور وانصراف.