بقلم - علي العمودي
«دوار المرشّ» في منطقة الميناء بأبوظبي، يعد واحداً من أهم معالمها، فالدوار إلى جانب دوره في تنظيم حركة السير هناك، لا زال يذكر الأجيال بالمرشّ هذه الوسيلة التي كانت تستخدم لتعطير الأجواء والمناسبات الاجتماعية والدينية، والتي تكاد تكون قد اندثرت وبقيت صامدة في الذاكرة، ترفض الغياب والنسيان كحال الدوار الذي نحن بصدده.
يئن الدوار اليوم من كثرة الحركة والجلبة من حوله، وودع منذ وقت بعيد السكون الذي كان يميز المنطقة، فالمدينة كبرت وتوسعت وحركة الميناء نشطة للغاية، وكذلك الأعمال التجارية من حوله، ومع هذا ظل وفياً للدور المطلوب منه وإن كان بإيقاع أبطأ مما عهدنا.
عند ذلك الدوار تشهد صراعاً غير متكافئ وبالذات خلال ساعات النهار حول أولوية المرور بين سائقي الشاحنات الثقيلة وآخرين في مركباتهم الصغيرة، وكلما زادت حلقات التكدس والاختناق من كل الاتجاهات، تزداد صور التهور بين الجانبين للخروج من الدوار الذي تحول لعنق زجاجة في مثل تلك الأوقات.
اليوم منطقة الميناء تشهد عملية تطويرية واسعة انطلقت مع هدم أبراج الميناء بلازا في عملية فنية دقيقة جعلت منها ركاماً في لمح البصر إيذاناً بإفساح المجال لمشاريع جديدة تضفي لمسات جمالية وتغذي حركة التجارة والاستثمار وتحمل إضافات جديدة للأنشطة الفنية والترفيهية هناك، خاصة وأنها تضم ميناء استقبال السفن السياحية العملاقة التي دأبت على زيارة مرافئنا للاستمتاع بالخدمات والمرافق والتسهيلات المتاحة، والتي جعلت الإمارات محطة نوعية مهمة على خريطة السياحة العالمية قبل أن يتأثر العالم بأسره من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيدـ 19.
نتمنى أن تطال العملية التطويرية الواسعة في تلك المنطقة دوار المرشّ لجهة الاعتماد على إشارات ضوئية مرورية من دون أن تؤثر في المعلم الذي أصبح من المعالم القليلة الصامدة في عاصمة الجمال والنظافة مدينة أبوظبي التي لا تتوقف فيها حركة التطور والعمران والتوسع. فمعالم المدن تتحول مع الزمن لجزء منها، تنطبع في ذاكرة الأجيال، فأبناء جيلي ما زالوا يحنون لصور تلك المعالم التي كانت تميز عاصمتنا الحبيبة في سبعينيات القرن الماضي، ومنها على سبيل المثال نافورة الشلال أو البركان على الكورنيش القديم.
تطوير المدن مع المحافظة على المعالم المهمة يعد تحدياً يواجه مهندسي التخطيط الحضري المطالبين بمراعاة كل المتطلبات.. ولهم منا كل تحية مع رشّات من عطر المحبة والتقدير.