بقلم - علي العمودي
تجدد النقاش في ساحتنا المحلية حول سن وقوانين التقاعد وأحوال المتقاعدين، بينما كان العالم يتابع تولي ثمانيني قيادة أكبر دولة في العالم، واليابان تسند رئاسة اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو لرجل تجاوز الثالثة والثمانين من العمر قبل أن يضطر للاستقالة من منصبه قبل أيام إثر ما نسب إليه بأن «النساء يثرثرن في الاجتماعات». ويحتدم الجدل المتجدد عندنا حول العبرة بالعطاء أو بالعمر، وعن تجديد الوجوه وضخ دماء شابة في مرافق العمل.
أعاد البعض تداول مقطع للمؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يتحدث فيه عن غرابة وجود من يحرم المواطن المتقاعد من العمل في بلاده التي تستقطب ملايين البشر من كل أصقاع الأرض للعيش والعمل فيها.
الواقع في مرحلة مبكرة من مراحل قيام الدولة استعانت بمستشارين استنسخوا قوانين بلادهم لتطبيقها في الإمارات دون إدراك لطبيعة واقع البلاد ومواردها البشرية، مثل ذلك الخبير الذي حدد ذات مرة مكافآت نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص بعشرين عاماً، ولما سئل عن السبب لم يعرف بم يرد، فبرر الأمر بأنه لا يتوقع أن يبقى شخص وافد في ذات المكان والبلد أكثر من تلك المدة. وبقايا مثل تلك التعقيدات لا تزال قائمة في بعض الجهات الاتحادية على وجه التحديد التي تمنع المتقاعد من العمل في جهة أخرى لمدة عامين من تقاعده..
اليوم القوانين تغيرت بصورة تواكب العصر والمرحلة التي نعيشها، والدولة قدمت من الحوافز الكثير لجعلها واحة لاستقطاب العقول والخبرات ومكاناً مفضلاً للمتقاعدين من كل أنحاء العالم، وللأسف بعض العقليات عندنا لم تتغير، فما زالت مقيمة في ذات الحقبة القديمة من التفكير القاصر والمحدود في حسن الاستفادة من الموارد البشرية والكفاءات الإماراتية التي أثبتت اليوم أنها لا تقل علماً وقدرة وخبرة عن غيرها في الدول المتقدمة.
قضايا توفير الوظائف للخريجين والتعامل مع المتقاعدين من أعقد التحديات التي تواجه المجتمعات، وتتطلب مقاربات نوعية، خاصة في مجتمع دولة الإمارات، حيث قدمت الدولة مبادرات عدة لاستيعاب مئات الخريجين الذين ترفد بهم جامعاتهم سوق العمل، والذي تغير بدوره نحو مجالات وقطاعات جديدة بالتركيز على اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي والعمل عن بُعد وغيرها. ومن وطن صناعة الأمل والسعادة نتطلع لمبادرات نوعية جديدة وإيجابية تسعد من طال انتظارهم وتقدم حلولاً فورية لمعاناتهم.