بقلم - علي العمودي
لا نتحدث عن الموجة الجديدة من جائحة كورونا التي تضرب العالم مع ظهور سلالات جديدة من فيروس كوفيد- 19 مع تحوراته، وإنما عن موجة جديدة أشد خطراً على المجتمعات وتهدد الوجود الحضاري للإنسان أينما كان، إنها موجة توظيف الدين ونصوصه لنشر التطرف والإرهاب، وهدم استقرار الأوطان بزرع الفتن وبث الفرقة، وتبني المذهبية والطائفية.
إنها بدايات موجة جديدة يلمسها ويرصدها كل حريص على عقيدته ووطنه وأمته، وذلك النفر المتاجر بديننا الإسلامي الحنيف- والدين براء منه ومن سمومه الخبيثة- يوظف نصوصاً دينية لمصلحة مراميه الخبيثة، ومتكئاً على تفسيراته الخاطئة ليسمم عقول الأغرار، ويكفّر مجتمعات وبلداناً بأكملها.
نحيي دعوة المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة المجامع الفقهية والمراجع الدينية والهيئات التشريعية للمسارعة «إلى تجريم خطاب الكراهية وازدراء الأديان والمعتقدات والتحريض عليها، من خلال خطاب تكفير الآخر، ونزع الشرعية عن أتباعه».
دعوة تجددت مع رصد الموجة الجديدة التي - كما قال المجلس- «توظف النصوص الدينية لحشد الشباب للاندفاع نحو العنف، والإرهاب»، وهي «شبيهة بتلك التي سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 الإرهابية، وساد فيها خطاب ديني يستظهر بالنصوص الدينية لتحقيق أهداف سياسية، موظفاً مفاهيم الولاء والبراء توظيفاً سياسياً يخرجها من مضمونها العقائدي الفردي، إلى أيديولوجية سياسية تتعلق بالعلاقات بين الأديان والدول والمجتمعات؛ ما أدى إلى ظهور جيل من الشباب انخرط في العنف بصورة أدت إلى أحداث دولية كبرى، مثل أحداث سبتمبر التي كانت نتائجها كارثية على العالم الإسلامي».
نعتز ونفخر بإشارة المجلس للمبادرة السباقة للإمارات بإصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً بقانون رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، والذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. ونأمل أن تلقى الاستجابة السريعة والتفاعل دعوة المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة المؤسسات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي إلى التصدي لمواجهة هذه الموجة من خطاب الكراهية «المؤسس على تحريف النصوص الدينية لتحقيق أهداف سياسية»؛ والعمل يداً بيدٍ على «استصدار قوانين وطنية ودولية تجرّم الغلو والتكفير وملاحقة منظريه والبلدان الحاضنة لهم». انشغالنا بجائحة كورونا يجب ألا يشغلنا عن التصدي للأخطر منها، هذا الخطاب المتطرف الكريه ورموزه للأسف في بلدان شقيقة.