بقلم : مشعل السديري
أعترف أنني إنسان أحب الأكل، غير أنني لست بأكول ولكنني «ذواقة» سواء بالنظر أو الطعم، وأقتدي بما قاله المصطفى: «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع»، لهذا فأكلي كله «نقنقة»، على طريقة المطرب عبد الوهاب، فاللقمة تجلس في فمي لا يقل عن ربع ساعة، لهذا يمل مني كل من يأكل معي، وإذا كنت في وليمة أكون أول من يجلس وآخر من يقوم، وأصبحت شبه نباتي لا أقرب اللحم وأفضل الأسماك، وأمشي على هدي المولى عندما قال: كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا.
ومع ذلك يلفت نظري بعض المطاعم «الغير شكل»، وأدخلها من باب مراقبة الآخرين أكثر مما آكل.
ودلفت يوماً إلى مطعم بباريس لا يدخله سوى عميان البصر، وهو المفضل لديهم، أو عميان البصيرة (كحالاتي)، والمطعم كله يغط في ظلام دامس لا تشاهد فيه ماذا بصحنك، ناهيك أن تشاهد حتى أصابعك، وخرجت منه وقد تطبع وجهي وقميصي الأنيق «بصوص» الإسباغيتي.
وقد تفنن أصحاب المطاعم في العالم بكل ما هو عجيب ولا يخطر على البال، والغريب أن الإقبال على تلك المطاعم يفوق التصور.
منها على سبيل المثال أن هناك مطعماً في جزر المالديف، كله مغمور تحت ماء المحيط، وهناك مطعم في آيسلندا كله من الثلج بما فيه الأطباق، وعليك أن تأكل وأنت متدثر بما يشبه «الفروة» بدرجة تسعة تحت الصفر.
وكل تلك المطاعم في كوم ومطعم تحدث عنه الرحالة «أحمد الشقيري» في كوم آخر، ونذرت على نفسي لو أن الله أمد بعمري، لا بد أن أدخله لا لكي أتعشى فيه، ولكن لكي أتفرج على زبائنه، واسم ذلك المطعم «يفجع» حيث إن اسمه: «السكتة القلبية»، فكل أطباقه الدسمة محشوة بـ«الكوليسترول» التي تتخطى سعراتها الحرارية «10 آلاف» وحدة، وفعلاً أصيب من رواده حتى الآن 5 بأزمة قلبية، وتوفي واحد منهم وهو جالس على كرسيه قبل أن يغادر المطعم، و«البياخة» في الموضوع أن أهل الميت أحرقوا جثته حتى تحولت إلى رماد، ثم وضعوا الرماد في زجاجة شفافة، وأهدوها لصاحب المطعم الذي شكرهم عليها وفرح بها جداً، إلى درجة أنه وضعها على طاولة في مدخل المطعم، يشاهدها ويكحل عينه بها كل زبون جديد - على أمل أن يقتدوا بصاحب الرماد.
وأختم بالمطعم الصيني «ناهوه» الذي يقدم وجبات «مجّانية» لكل امرأة يقل وزنها عن 38 كيلو، ولكل رجل يزيد وزنه على 139 كيلو.