عبد الرحمن الراشد
يندر أن تسمع أخبارًا سيئة عن الهنود في الولايات المتحدة، في الحقيقة قلما تسمع عنهم بشكل عام.
فقط حديثًا ركزت الدراسات على الجالية القادمة من الهند بعد أن أصبحت رقمًا كبيرًا من السكان، واتضح أنها من أكثر الجاليات فعالية وتأثيرًا وثراءً.
صورة الإنسان الهندي الفقير الشائعة لا علاقة لها بهنود الولايات المتحدة، فقد اتضح أنهم أغنى الجاليات الآسيوية المهاجرة، معدل دخل المنزل سنويًا 88 ألف دولار. غالبيتهم الساحقة حملة شهادات جامعية، وغالبية الجامعيين في تخصصات علوم دقيقة مطلوبة، ولهذا هم أكثر حظًا في التوظيف وأفضل حالاً معيشيًا. وفوق هذا هم مهاجرون جدد؛ حيث إن ثلثيهم مولودون في الخارج، وليسوا مثل بقية الفئات العريقة مثل اليهود والأوروبيين.
سر نجاحهم كله في التعليم. لم يمنع ضعف إمكانيات الحكومة الهندية، ولا فقر السكان، من توفير تعليم نوعي جعل المتعلمين الهنود في مقدمة السكان، ولهذا حصل غالبيتهم على حق الهجرة إلى دولة مثل الولايات المتحدة. وتم تقديمهم على بقية طابور المهاجرين من دول العالم الأخرى لأنهم يحملون تخصصات مطلوبة ومنحوا حق الإقامة، والعمل، ولاحقًا الجنسية الأميركية. وصار بينهم سياسيون لامعون، اثنتان من الولايات يحكمهما اثنان من أصول هندية، وهناك مرشح ثالث في كاليفورنيا، ويعمل أكثر من أربعين ألف طبيب منهم في المستشفيات، كما هي الحال في المجالات الحيوية الأخرى.
العبرة؛ من يريد تجاوز ظروفه وزمنه والخروج من هذه الحفرة الكبيرة، فعليه أن يمنح التعليم اهتمامه، وأعني به التعليم النوعي. التعليم الوصفة الطبية الوحيدة التي يمكن أن نتفق عليها، مقارنة ببقية الحلول الاجتماعية والاقتصادية. ومع أن كل دول العالم تمنح التعليم العام مجانًا للجميع، إلا أن القليل منها يقدم تعليمًا نوعيًا يخرج من يستطيع تطوير مجتمعه.