بقلم : عبد الرحمن الراشد
قلت للدكتور أحمد الخطيب، المسؤول عن مشروع اعتبره أصعب ملف في الحكومة السعودية: «هل أنتم واثقون أنكم تستطيعون فعلها؟». كانت إجابته عملية، تعال بنفسك واحضر واحدة من فعالياتنا.
وقبل أسبوع ذهبت لحضور حفل استعراضي فني في الرياض، ويبدو الأمر غريًبا أن أسافر من دبي إلى الرياض لحضور عمل مسرحي. كان المسرح ذو الأدوار الثلاثة، الذي يتسع لأكثر من ألفي شخص، يضج بالمرح والصراخ، من جمهور معظمه من صغار الشباب جاءوا لحضور فرقة ILUMINATE ،وقد أدت الفرقة عدة عروض بديعة. كانت اختباًرا ناجًحا، أجابت عن تساؤلاتي مثل، هل سيقبل الناس عليها؟ وهل ترضي أذواقهم؟ وغيرها. الوزير الخطيب، يرأس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، المكلفة بإدخال البرامج الترفيهية في المملكة العربية السعودية وتنميتها. وعندما أعلن عنها، كثيرون اعتبروه، أي الترفيه في السعودية، مهمة محكوًما عليها حتًما بالفشل، وهو حكم مبرر نتيجة فشل المحاولات السابقة لمشاريع حاول تنفيذها القطاعان العام والخاص، وكثير منها تعطل قبل أن يبدأ.
أعلنت عن قائمة طموحة من الفعاليات والنشاطات الترفيهية، وبدأت بعضها تسابق توقعات الناس مضى على تعيينه خمسة أشهر، ومع أنه لم تكتمل بعد إجراءات تأسيس الهيئة القانونية وهيكلتها، فقد وتشكيكهم.
لا تستهينوا بهذه المهمة وما قد تفعله من تأثيرات إيجابية واسعة، خصوصا على قطاع الشباب الذي يشكل أكثر من ستين في المائة من السكان. ولا تستهينوا بقيمتها الاقتصادية الهائلة، فسياحة السعوديين للخارج في الإجازات تتجاوز الواحد وعشرين مليار دولار، فضلا عن عشرة ملايين غير سعودي لا يجدون متنفًسا يمكن أن يمضوا فيه أوقاتهم خارج العمل.
ويمكن أن تتخيل كيف للفعاليات الفنية والاجتماعية الترفيهية أن تغير من حياة الناس. ليس صعًبا أن تتخيل أن يسافر نحو نصف مليون من سكان الرياض في إجازة نهاية الأسبوع إلى المنطقة الشرقية لو وفرت لهم وسائل سياحية وترفيهية، وقطارات أفضل، وخدمات متكاملة. وليس صعًبا أنُتملأ كل شهر الملاعب، والمسارح، والساحات، والمرافق الترفيهية الأخرى بملايين من السكان، مواطنين وغيرهم.
فالسعوديون والمقيمون يملأون مرافق الترفيه في الدول التي يسافرون إليها في أنحاء العالم.
لو تحققت فقد تغيرنا للأفضل، وتقلل من الفراغ والاحتقان، وتوقف الهدر المالي الضخم، وتعطي للحياة معنى أجمل، فالناس اقتصرت أحلامهم على السفر هروًبا من الحياة الصعبة هنا. حتى حضور المباريات في المملكة رحلة قاسية، ولا بد أن تكون متعصًبا حتى تتحمل مشقة الذهاب إلى هناك بسبب نقص الخدمات،وسوء إدارة الملاعب، والفوضى الدائمة. في لندن، أذهب إلى مباراة وأشعر كأنها نزهة حقيقية، ومتعة لمن يحبها، رغم غلاء التذاكر والازدحام الرهيب.
حضوري العرض الأخير في الرياض كان تجربة شخصية مهمة، أشعرني به صراخ الصغار من الفرح في مدرجات المسرح. ورغم أنه خطوة صغيرة فإنني رأيت فيه تاريًخا جديًدا يكتب، ولمست فيه انتقالاً إيجابًيا.
وقد تبدو للبعض مسألة هامشية، وحتى تافهة، لأنهم لا يعون أهميتها للمجتمع الذي يحتاج إلى أن يفتح أبوابه للشمس. ورأي الدكتور أحمد «أننا نعطي الناس خيارات إضافية، ليسوا مضطرين للركض إلى المطار من أجل السفر إلى الخارج في كل إجازة. بلدنا يستحق كثيرا منا».