عبد الرحمن الراشد
لن يكون الرئيس المقبل لمصر السياسي المخضرم عمرو موسى، ولا الزعيم الناصري حمدين صباحي، ولا الإخواني المستقل عبد المنعم أبو الفتوح، ولا الفريق المتقاعد شفيق، وهذه هي الخيول الأربعة المحتمل فوز أحدها إن قرر الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع استعداده للترشح. فمن المؤكد أن للسيسي شعبية جارفة ستضمن له فوزا حقيقيا، وليس ناقصا مثل المعزول محمد مرسي، أو مزورا مثل حسني مبارك.
مع هذا فإن ترشح السيسي وتوليه الرئاسة مغامرة خطيرة. فالحكم والسياسة في مصر ليست مهمة مضمونة بخلاف ما كانت عليه منذ قيام الجمهورية بعد عام 1952. النظام السياسي ليس مستقرا بعد، وتمر البلاد منذ ثلاث سنوات بحال انتقال خطيرة، يتبدل فيها المزاج الشعبي سريعا، من حب للجيش إلى غضب عليه، ومن قبول للإخوان إلى كراهية لهم. وكل خطوة خاطئة تكلف كثيرا، كما رأينا في بدايات الثورة التي كلفت أخطاؤها، فكتابة الدستور متأخرة بعد انتخاب الرئاسة حولت الرئيس المنتخب محمد مرسي إلى فرعون يتحكم في البرلمان والادعاء والقضاء والإعلام.
أما لماذا السيسي يخطئ فالسبب أنه أهم من أن يكون رئيسا للجمهورية، موقعه ودوره أن يكون ضابط الإيقاع السياسي، وحارس الدستور الجديد، وحامي النظام. أما عندما ينزل إلى المنصب التنفيذي يصبح جزءا من المشكلة، ولن يكون هناك من يرعى الانتقال التاريخي ويدافع عنه، كما فعل منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، بعد المظاهرات الشعبية التي أدت إلى عزل الرئيس مرسي وإيقاف حكم الإخوان الفاشي.
نزول الفريق السيسي من رعاية الرئاسة إلى الرئاسة نفسها ستضعه في مرمى المشكلات المتوقعة للسنوات الأربع الصعبة المقبلة. لن يكون خصوم الرئيس المقبل الإخوان وحدهم، بل ستخرج إلى الشارع وتنضم إلى صفوف المعارضة جماعات مختلفة لها مطالب اقتصادية واجتماعية، ستفرزها الظروف الصعبة التي تمر بها مصر.
على الفريق السيسي أن يقبل بحقيقة أنه قد يضطر إلى الاستقالة قبل نهاية السنوات الأربع المقبلة إن بلغت الاعتراضات درجة الغليان، وسيسلم الحكم مضطرا، لأن الشارع المصري، الذي أصر على إسقاط الرئيس حسني مبارك رافضا الانتظار نهاية موعد الرئاسة، لن يحترم عقد الأربع سنوات التي ينتخب لها الرئيس الجديد إن انحدرت الأمور الاقتصادية أو السياسية.
أعرف أنه ليس أمام المصريين زعامات كبيرة، فمعظم الأسماء الحالية لها باع في الساحة لكنها لا تملك الشعبية الجارفة التي يمكن أن تؤسس للانتقال الضروري، وتعزيز النظام السياسي. ولأن الجيش يمثل المؤسسة الكبيرة والموثوقة، وابتعد سريعا عن المماحكات السياسية خلال زمن الاضطراب الماضي، فقد كان الجدار الذي استندت إليه غالبية المصريين بعد أن حاصرهم نظام الإخوان واستطاع أن يحمي الملايين الغاضبة ويستجيب لمطالبهم بإقصاء مرسي ورفاقه، تماما كما فعل عندما خرجوا ضد مبارك فتولى حماية المتظاهرين وتولى مهمة عزل مبارك.
السؤال: لمن سيذهب المصريون غدا إن قرروا الزحف على ميادين القاهرة؟ وكيف سيجري التعامل معهم؟