إسعاف الثورات المعلقة
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

إسعاف الثورات المعلقة!

إسعاف الثورات المعلقة!

 الجزائر اليوم -

إسعاف الثورات المعلقة

مأمون فندي

إضافة إلى كوبري 6 أكتوبر وكوبري 15 مايو وكوبري 26 يوليو، تلك الكباري المعلقة فوق القاهرة لتفادي الزحام «اللي تحت»، لن أندهش لو بنى المصريون «كوبري» آخر وسموه 25 يناير، أو «كوبري» خامسا سموه 30 يونيو، بأسماء ثورات 2011 و2013. فالكباري في مصر طريقة حياة وأسلوب تفكير يدور حول المشكلة ولا يحلها أو يطير فوقها للإيحاء بحلها. الكباري المعلقة في القاهرة تشبه ثوراتها، أو أن ثورات القاهرة تشبه كباريها. القصد من تلك الكباري ربط الأماكن وحلول المشاكل. ولكن ما أحاول أن أعرض له هنا هو أن الكباري في مصر كما الثورات لا تحل المشاكل أو تواجهها كما هي على الأرض، بل تتجنبها وتطير فوقها. وهكذا بدت لي ثورات مصر من 23 يوليو (تموز) إلى 25 يناير (كانون الثاني) إلى 30 يونيو (حزيران)، طيران فوق المشكلة في حالة احتفال كرنفالي بإمكانية الحلول قبل حدوثها، حالة اجتماعية وثقافية توحي بالتوصل إلى الحل، ولكنها في الأساس تجنب للمواجهة والقبول بدفع الثمن.. مثل طبيب يحوم حول المرض بالتخمين وبالمسكنات ولا يقرر أن يعمل مبضعه من أجل جراحة ناجحة، لأنه لا يثق بالنتائج وغير متأكد من وجود الإسعاف الضروري لإنقاذ المريض.
ورغم أن كباري القاهرة العلوية والمعلقة صممت لحل مشكلة الإسعاف لكن يبقى الإسعاف معطلا. فمن شبه المستحيل أن تمر سيارة الإسعاف في القاهرة لإنقاذ مريض كما تمر في مدينة مزدحمة مثل لندن أو نيويورك، فطريق الإسعاف شبه مسدود تحت الكباري المعلقة حرفيا ورمزيا. والإسعاف كمحطة لمن لا يعرفون القاهرة تقع في تقاطع القديم والجديد بين شارعي رمسيس (الذي يحمل اسم الفرعون)، و26 يوليو الذي يرمز إلى ثورة يوليو والذي يقطع النيل إلى منطقة الزمالك وكان من قبل في وسط البلد يحمل اسم ملك قريب وهو الملك فؤاد. والإسعاف من أكثر مناطق القاهرة ازدحاما وغالبا ما يكون فيها المرور متوقفا تماما، وتلك صورة أخرى لها دلالتها على الثورات والتغيير وعلى المريض الذي اسمه مصر وعلى قدرة المصريين على مواجهة المشاكل بحلول ناجعة من عدمها.. الإسعاف معطل. والكباري كما الثورات تطير فوق المشاكل ولا تواجهها، تلف وتدور حول الأزمات كما الطريق الدائري، ويدخل المصريون في حيص بيص عندما ينزلون من الكباري إلى وسط المشكلة ووسط البلد.
التحدي أمام المصريين اليوم هو ليس بناء «كوبري» آخر باسم 25 يناير أو 30 يونيو وإنما النزول إلى أرض الواقع ومواجهة المشاكل على الأرض وتشريحها وحلها من جذورها لا الطيران فوقها أو الاحتفال بالحل قبل حدوثه. حتى الآن بالنسبة لي 25 يناير و30 يونيو رغم أنهما حدثتا على الأرض في ميادين الخديو (كما كتبت في مقالات سابقة)، لكنها ثورات تشبه إلى حد بعيد كباري القاهرة، ثورات معلقة لم تنزل إلى الأرض من حيث مواجهة مشاكل مصر الحقيقية، وربما أدفع الصورة أو الاستعارة إلى مستوى آخر، وأقول إنها ثورات تتجه إلى مزيد من العلو والابتعاد عن أرض الواقع إلى درجة أننا نجدها في الفضاء أو في الفضائيات أكثر من وجودها على الأرض.
الكباري شيء، والكباري العلوية أو المعلقة flyover شيء آخر، فالكباري تربط بين نقاط تفصلها ظواهر طبيعية كالأنهار أو الجبال أو حتى البحار، أما الكباري العلوية فهي محاولات ربط لتفادي اختناقات على الأرض ولا عيب أن تكون هناك «كباري» علوية في المدن المزدحمة مثل نيويورك أو لندن، ولكنها قليلة جدا وضرورية، أما في القاهرة فتجد نفسك في غابات من الإسمنت الطائر. في نيويورك أو لندن أو باريس يبذل جهد حقيقي لحل المشاكل على الأرض، ولا إسعاف معطلا هناك لا بالشكل الحقيقي ولا الرمزي، وتبقى القاهرة ظاهرة فريدة وكذلك ثوراتها.
بالطبع لن أتحدث عن أرقام الكباري العلوية في القاهرة ودلالته، فهناك مثلا تسلسل رقمي بين 6 (أكتوبر) و15 (مايو) و26 (يوليو). فطبيعي أن يأتي الرقم 6 قبل 15 ويأتي الرقم 15 قبل 26، ولكن ترتيب الشهور لا يعكس هذا التصاعد.. فمايو قطعا قبل يوليو، ويوليو ومايو قبل أكتوبر. لا مانع فتلك إشارات لأحداث وتواريخ وطنية لا يمكننا التحكم فيها، ولكن في علم الأرقام إشارات، وقد أحصى من يهتمون بتخطيط المدن كباري القاهرة فوجدوا أنها 67 «كوبري» بين الكباري العلوية والتي تربط ضفتي النيل. و67 ليس من أرقام التفاؤل في التاريخ المصري القريب!
جزئية الأرقام هذه ليست من أصل المقال، ولكنها شيء من الترفيه الذهني لالتقاط الأنفاس قبل الاستمرار في ذلك الفهم الرمزي لكيفية إسعاف ثورات تبدو كما كباري القاهرة معلقة تطير فوق المشاكل المصرية وتدور حولها ولا تحلها، رغم أنها مشاكل مصيرية لا مصرية فقط.
إذا أخذنا 30 يونيو على سبيل المثال والتي جاءت بعد انهيار نظام الإخوان، نجد أنها على خلاف ثورة يناير التي لم يكن لها قائد، فقد أنتجت لها قائدا في شخص الفريق (أيامها) والمشير (الآن) عبد الفتاح السيسي، ومع ذلك تقاسم القائد قيادتها مع الذراع الشعبية للثورة متمثلة في شباب تمرد والأزهر والكنيسة ومجموعة الدكتور محمد البرادعي، ثم تراجعت تلك القيادات أو قفزت من السفينة مثل حالة البرادعي ليبقى السيسي ومعه الجيش وحوله أغلبية من الشعب في إجماع وطني غير مسبوق، ومع ذلك بدلا من أن تواجه ثورة 30 يونيو المشاكل الجوهرية للمجتمع المصري والدولة المصرية والثقافة المصرية مواجهة حاسمة من خلال دستور تجري فيه المفاهيم الحاكمة للثورة من حرية وعيش وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، جاء دستور لجنة الخمسين مجرد «كوبري» علوي إضافي يحلق فوق مشاكل مصر ولا يواجهها.
حتى الآن ورغم الإجماع الذي يتمتع به عبد الفتاح السيسي، فإننا ما زلنا في انتظار جردة حساب لمشاكل مصر التي سيواجهها كرئيس ومجموعة الجراحات التي يتطلبها الجسد السياسي المصري كي يتعافى. وحتى نكون منصفين، لا بد أن ننتظر برنامجه والطاقم المعاون له في الحكم قبل أن نصدر حكما نهائيا، ولكن لو كانت طريقة عمله امتدادا للجنة الخمسين التي اختارها مستشارو الرئيس دونما معايير حاكمة، فهذا غير مبشر. المنافس للسيسي والذي يدعي أنه يمثل ثورتين أو ثلاث ثورات، وهو الأستاذ حمدين صباحي، تكون عنده فكرة الثورة المعلقة شديدة الوضوح، فهو يريد إقامة «كوبري» علوي يربط 25 يناير بثورة 23 يوليو. «كوبري» علوي جدا ومحلق جدا يربط بين نقيضين.. إذ كان زخم 25 يناير في أولها هو أنها ثورة على يوليو، وأن معمار يوليو وصل لنهايته بعهد حسني مبارك وقد انهار هذا المعمار في 2011. هاتان نقطتان في التاريخ المصري يصعب الربط بينهما، ومع ذلك تحاول جماعة حمدين صباحي بناء «كوبري» علوي يطير فوق التناقضات بين عالم يناير وعالم يوليو. لا مواجهة هناك سوى بقاء القطاع العام والحد الأدنى للأجور، كما أن الجيش غير موجود في معادلة صباحي، ولا أدري ماذا يتبقى من الناصرية عندما تكون ناصرية دونما جيش!
الكوبري في الثقافة المصرية المعاصرة من كرة القدم إلى الكوبري في تصليح دوائر الكهرباء المنزلية، هو حيلة مؤقتة وتكتيك للف والدوران حول المشكلة وليس حلا لها، الكوبري تكتيك وليس استراتيجية للحل، وهذا نقيض لفكرة الثورة التي هي في الغالب جراحة جذرية تبتغي تغيير القيم الحاكمة للمجتمع. الكباري العلوية في القاهرة رمزية لموقع الثورة من المجتمع الآن، وحتى تنزل الثورة إلى الأرض وينفتح طريق الإسعاف، فكل ما ستفعله مصر كما يتضح من الحوار الفكري المصري الآن ومن التدافع السياسي، هو إضافة «كباري» علوية جديدة لتفادي المشاكل الحقيقية، وقد جرى إضافة أسمي اثنين منها.. «كوبري 25 يناير» و«كوبري 30 يونيو».

 

 

 


 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسعاف الثورات المعلقة إسعاف الثورات المعلقة



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 22:23 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

"ألفا روميو جوليا" تفوز بلقب سيارة العام 2018

GMT 04:38 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

جيمي سونغ يحوِّل منزله غابة تحوي نباتات نادرة

GMT 00:35 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

نور درويش يكشف ثبات أسعار السيارات

GMT 15:16 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

صلاح يفوز بجائزة لاعب الشهر في ليفربول للمرة الرابعة

GMT 20:42 2014 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

"أرميل" تطرح أحذية رجالية راقية لشتاء 2015

GMT 06:01 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أبرزالتوقعات الفلكية عن كل برج في سنة 2018 تعرف عليها

GMT 00:02 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طرق متنوعة لارتداء اللون الأبيض مع الحجاب لإطلالة مثالية

GMT 09:55 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حريق هائل استدعى تدخّل جماعي لفرق الدفاع المدني في جازان

GMT 01:45 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الجيش التركي يمهّد لشن عملية عسكرية في عفرين

GMT 06:12 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

سميرة الكيلاني تعطي نصائحها للحصول على بشرة نضرة
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria