هل ماتت نظرية الدولة الريعية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

هل ماتت نظرية الدولة الريعية؟

هل ماتت نظرية الدولة الريعية؟

 الجزائر اليوم -

هل ماتت نظرية الدولة الريعية

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

سادت في مدارس العلوم السياسية في ثمانينات القرن الماضي وما بعده، نظرية الدولة الريعية التي تحاول تفسير علاقة الدولة بالمجتمع في دول الخليج.

في الدولة الريعية، حسب النظرية، يعتمد الاقتصاد على الإيجار للخارج ومن هنا تنتفي الحاجة لقطاع إنتاجي محلي. وفي الدولة الريعية هناك نسبة صغيرة من السكان تشارك في توليد الريع، كما أن الحكومة هي المستفيد الأول من هذا الإيجار الخارجي لموارد الدولة. نظرية الدولة الريعية بتبسيط شديد تدّعي أنَّ الدولة ليست مضطرة لمنح أي نوع من الحريات الاجتماعية والاقتصادية أو السياسية لمواطنيها لأنهم غير منتجين، ويعتمدون في كل حياتهم على الدولة وعطاياها لاستمرار حياتهم ورفاهيتهم، الدولة الريعية ليست دولة جباية ضرائب بل دولة مانحة تعطي المواطن من مدخول بترولها، إذن المواطن ليس لديه وسيلة ضغط للتغيير كما هو الحال في الديمقراطيات الغربية والتي يكون فيها التمثيل مقابل الضرائب.

هذا الشعار الذي أطلقه باترك هنري في بدايات الثورة الأميركية 1765 «لا ضرائب من دون تمثيل» هو الذي مثَّل جوهر النظرية الريعية. وبما أنَّ هذه المعادلة غير موجودة في دول الخليج -وحسب النظرية الريعية- فلن تكون هناك فرصة لليبرالية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلا بنهاية الاقتصاد الريعي. وإذا كان الأمر كذلك فكيف لنا أن نفسِّر ما حدث من تغيرات في المملكة العربية السعودية من تحولات اجتماعية جرت في خمس سنوات منذ أن تولى الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة، خصوصاً حرية المرأة؟ حدثت في المملكة تطورات وإنجازات لم يكن ليتصور حدوثها أكثر الباحثين حصافة في الشأن السعودي خلال خمسين عاماً.

بالطبع ليس هناك مجال في مقال قصير أن نطرح سؤالاً آخر مفاده: لماذا لم تزدهر الحريات في الدول غير الريعية أو غير البترولية في المحيط العربي وهي دول تجبي ضرائب من دون تمثيل أو بتمثيل شكلي لا يتعدى كونه قشرة على طلاء قديم؟

ما يحدث في السعودية اليوم لا أقول إنه ينسف نظرية الدولة الريعية في فهم التغيرات الاجتماعية وتنمية المجتمعات ولكن على الأقل يجعلها محدودة الصلاحية في قدرتها على فهم أو تفسير ما يحدث من تغيرات كبيرة حدثت في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية.

إذن كيف نفسر ما يحدث إذا كانت نظرية الدولة الريعية قد فشلت في التفسير؟

هناك نظرية أخرى في العلوم السياسية تُعرف بـ«نظرية النخبة»، أو التغيير من أعلى مقابل التغيير الاجتماعي أو التغيير من أسفل.

ترى تلك النظرية أنه في وجود نخبة متماسكة بيدها القرار لا تخضع للضغط ومستنيرة تستطيع أن تأخذ المجتمع في تحولات إلى الأمام، وتكون القيادة ركناً أساسياً في تلك النخبة. الملك سلمان منذ أن تولى الحكم وبمساعدة ومتابعة دؤوبة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، استطاعا أن يؤسّسا لحركة التغيير الاجتماعي الذي لا يعرِّض المجتمع إلى هزات تعصف بالاستقرار، فالتغيير دائماً كالزلازل له هزات مصاحبة وارتدادات، ومن هنا تكون إدارة التحول والتغيير بذات الأهمية إن لم تكن أهم من التغيير ذاته.

ولا شك أن نسبة التغيير التي حدثت في المملكة بأقل تكلفة لاستقرار النظام السياسي كانت أعلى من التغيرات التي كانت مرجوّة في دول ما عُرف اصطلاحاً بالربيع العربي، أي أن المملكة كان لها ربيعها الخاص الذي حقق إنجازاً أعلى وبتكلفة أقل، وما عليك إلا أن تقارن ما حدث من تغير سلمي في المجتمع السعودي بدول الجوار حتى تعي حقيقة ما أرمي إليه.

أتمنى ألا يُفهم ما أقوله في إطار مديح أجوف، فالهدف من المقال هو محاولة البحث عن نظرية تفسِّر لنا ما يحدث في مجتمعاتنا، وما السعودية إلا مثال واضح على فشل تطبيق نظريات غربية على مجتمعات أكثر تعقيداً وتحتاج إلى فهم أعمق للسياق الذي يحدث فيه التغيير.

الدولة السعودية الثالثة بمراحلها المختلفة اتّبعت مساراً للتطور الاجتماعي والسياسي يمكن وصفه بالـevolution لا بالـrevolution (تطور وارتقاء تدريجي وليس عملاً ثورياً جذرياً). وإذا قارنّا حالة الاستقرار السياسي والاجتماعي وربما الاقتصادي في المملكة بدول الجوار تتضح الصورة.

وعودة على نظرية الدولة الريعية فربما يمكن تطبيقها على الدول النفطية الصغيرة، ولكنها تفشل تماماً فيما يحدث في دولة كبيرة ومساحات مترامية الأطراف بتعددية ثقافية مناطقية مثل المملكة العربية السعودية.

الفكرة الأساسية من هذا المقال هي رفض الاستسهال والاستعجال في إعمال نظريات وُلدت في سياقات اجتماعية أخرى لتفسير ما يحدث في مجتمعاتنا، وهذا لا ينطبق فقط على السعودية وحدها بل على جميع الدول التي بُنيت في سياق عربي إسلامي بها خليط من البداوة والحضارة، وخليط من المؤسسات التقليدية مثل القبيلة وغيرها والمؤسسات الحديثة.

مع تحفظي على ربط كل التحولات السياسية في دولة ما بشخص القائد، إلا أن نظرية الكاريزما الخاصة بالقيادة ودورها في النقلة النوعية التي حدثت في المجتمع السعودي خلال السنوات الفائتة قد تفسر لنا جزءاً كبيراً مما حدث.

الملك سلمان كان ركناً أساسياً في الحكم السعودي منذ بداياته ويهتم كثيراً بتاريخ المملكة وتطورها السياسي وبعقلانية شديدة، فقد عاصر السياسات التي أثبتت نجاحاً على مر السنين والسياسات التي لم تكن موفَّقة، ولذلك هو يمثّل ذاكرة مؤسساتية للنظام السعودي، ولذلك عندما أقدم على رؤيته في التغيير التي أدارها تنفيذياً ولي العهد، أقدم عليها بجرأة غير مسبوقة ومصحوبة بكوابح (أو فرامل) تمنعها من الانزلاق، وما حرب الملك وولي العهد على الفساد بشقيه المالي والإرهابي المتسربل بالدين إلا اثنان من هذه الكوابح الرئيسية.

أُتيحت لي فرصة الاستماع إلى رؤية الملك سلمان السياسية أكثر من مرة وفي سياقات متعددة، وكان في كل مرة يعكس قدرات قائد ملمّ يتسم بالموضوعية والعقلانية. والملك سلمان كان دوماً ضد الفساد المالي والإداري في النظام السياسي، وعندما جاء الوقت أن يكون على كرسي الحكم نفّذ وبدقة شديدة سياساته التي ترمي إلى بناء دولة حديثة قابلة للاستمرار بغضّ النظر عن الأشخاص.

يأتي هذا المقال النظري والسعودية تترأس مجموعة العشرين من الاقتصادات الأكبر في العالم، وهذا إنجاز تراكمي أسهمت فيه قيادات سعودية سبقت الملك سلمان، وكلهم إخوة له، من الملك عبد الله إلى الملك فهد إلى الملك فيصل، كلٌّ كان له إسهامه في إيصال المملكة إلى هذا الموقع الرفيع.

بالطبع الطريق ما زال طويلاً، وليس معنى ما كتبت في هذا المقال أن ليس هناك فجوات يجب سدها في المستقبل، ولكن ما شهدناه من تطور خلال السنوات الخمس الفائتة على مستويات عدة، ومن دون هزات اجتماعية وسياسية تهدد الاستقرار، يثبت لنا بما يدع مجالاً للشك أن أهل مكة فعلاً أدرى بشعابها، وبالسرعة والتوقيت اللذين يتحركون بهما لتجنب مخاطر هذه الشِّعاب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ماتت نظرية الدولة الريعية هل ماتت نظرية الدولة الريعية



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق

GMT 03:51 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الجديدة لعام 2017

GMT 23:41 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

"بن عمار" تشارك في مهرجان الربيع العربي بـ"سنديانة"

GMT 01:54 2017 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

كاتلين جينر تتألّق في فستان أزرق طويل بكتف واحد

GMT 09:28 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب التركي لكرة القدم يلاقي المنتخب القطري وديًا

GMT 06:11 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار تنعش الحركة الزراعية في المدينة المنورة
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria