هجوم الكونغرس المبنى والمعنى
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

هجوم الكونغرس: المبنى والمعنى

هجوم الكونغرس: المبنى والمعنى

 الجزائر اليوم -

هجوم الكونغرس المبنى والمعنى

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

شهد العالم كله الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يخطب في مناصريه ويحثهم على الزحف إلى مبنى الكونغرس عبر شارع بنسلفانيا الذي يربط بين البيت الأبيض (بيت الرئيس ومكان عمله) وبيت الشعب المتمثل في مبنى الكابيتول، الذي يحوي مجلسي الشيوخ والنواب اللذين يطلق عليهما معاً مسمى الكونغرس، والذي كان لحظتها يشهد الطقوس النهائية لإعلان فوز جو بايدن بالرئاسة. الزحف عبر شارع بنسلفانيا خارجاً ونتائج ولاية بنسلفانيا محل اعتراض بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين في داخل القاعة الرئيسية للكونغرس. رمزية مهمة يجب التوقف عندها قليلاً حتى لا نسيء قراءة ما حدث، ونقرأه بعيوننا المحلية التي ربما لا تعي معاني المباني في عاصمة الديمقراطية الأميركية العريقة ورمزياتها.

منذ البداية غرق بعضنا في إساءة القراءة لما يحدث في جمهورية عريقة مثل الولايات المتحدة، وبات أمراً جلياً أن بعض العرب أساءوا قراءة الانتخابات الأميركية، وما تبعتها من شكاوى قضائية وإعادة فرز للأصوات في الولايات خصوصاً في بنسلفانيا وأريزونا وميشغان ووسكنسون، وكانت خطبة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب أمام مناصريه وأمام البيت الأبيض هي آخر آمال من يسيئون القراءة لبقاء ترمب في السلطة. في هذا الخطاب حثَّ ترمب مناصريه على السير في مظاهرة إلى مبنى الكونغرس (الكابيتول). وتجرأ نفرٌ منهم على اقتحام المبنى، وظنّ جماعتنا أنَّ هذا انقلاب على السلطة، كما حدث مع إردوغان في تركيا منذ أعوام، قد يعيد تنصيب ترمب رئيساً.

لمبنى الكابيتول معنى ورمزيات في الوعي الأميركي، فالناظر إلى هذا المبنى، مجرد نظر لتلك الكتلة المعمارية القادمة من عالم إخناتون، لا تفوته ملاحظة موقع المكان وسط العاصمة. فهو أضخم مبنى في العاصمة، بما يوحي معمارياً بأنَّ القوة العظمى في تلك الجمهورية الأميركية (وأميركا جمهورية وليست ديمقراطية)، القوة والسلطة للشعب.

وعندما عيَّن جورج واشنطن عام 1791 الأميركي من أصل فرنسي بيير لانفان (Pierre L’Enfant) ليكون مصمماً ومخططاً لمدينة واشنطن جعل لانفان في تصميمه لمركز الحكم مبنى الكابيتول في المركز، صمم هذا المبنى كأنَّه قرص الشمس الإخناتوني تشع منه شوارع المدينة بشكل مائل (diagonal) كأنها أشعة شمس تشرق على المدينة. ورغم أن تصميم لانفان كان متأثراً بتخطيط مدينة باريس وموقع قصر فرساي من المدينة والتي كانت فيها رمزية الشمس مرتبطة بغرفة نوم الملك تشع منها شوارع المدينة وتعود إليها، أما واشنطن العاصمة في تخطيط لانفان فكان قرص الشمس هو مبنى الكونغرس تنبثق منه الشوارع وتعود إليه، وكان ذلك من وحي النظام الفيدرالي الأميركي وتوازن السلطات وكذلك فكرة المساواة بين المواطنين التي تمثل أعلى قيم الجمهورية الأميركية. خطة لانفان للمدينة الفيدرالية هي خطة ترى فيها عيون المواطنين مركز الحكم من أي مكان في المدينة، كما ترى عيون الدولة المواطنين أيضاً من صرّة الحكم... تخطيط ديمقراطي بامتياز. وكان هذا واضحاً ليس في زحف أنصار ترمب إلى الكونغرس بل أيضاً كان واضحاً في مظاهرات الصيف التي كان عنوانها «حياة السود مهمة»، حيث كان كلما تفرق المتظاهرون وتاهوا في شوارع المدينة، كان مبنى الكونغرس وقبّته التي تمثل أعلى مبنى في المدينة منارتهم ومرشدهم إلى حيث يكون مركز التظاهر والاحتجاجات. تلك كانت رؤية المعماري لانفان ومعه جورج واشنطن في تخطيط عاصمة ديمقراطية لاتحاد فيدرالي أساسه المساواة بين المواطنين وحرية الاحتجاج. بالطبع لم يتم بناء واشنطن في عهد لانفان نتيجةً لاختلافه مع جورج واشنطن، حيث استقال بعدها، ومات مفلساً ودُفن في مدافن العبيد في ولاية ميريلاند المجاورة حتى لحظة نقل رفاته عام 1909 والاحتفاء به ودفنه في مدافن أرلينغتون الوطنية المخصصة للأبطال. بالطبع هناك تفاصيل كثيرة لأسباب استقالة لانفان وإعادة بناء العاصمة في بداية القرن العشرين لا يتسع لها مقال، لكن تصميمه لم يتغير كثيراً. مبنى الكونغرس وبيت الشعب ومصدر سلطته هو المركز الذي تنبثق منه شوارع على شكل أشعة مائلة لقرص شمس الديمقراطية المتمثل في مبنى الكونغرس وشبكة متقاطعة عرضياً لشوارع بالأرقام تمر من الشمال إلى الجنوب، وطولياً لشوارع بالحروف تمرّ من الشرق إلى الغرب. وعلى عكس أمم أوروبا، جاء البيت الأبيض أو قصر الرئيس، أقل بكثير من مساحة الكونغرس. لتأكيد أن سلطة الرئيس التنفيذية ليست هي مصدر الإلهام. وتبقى قبة الكونغرس هي أعلى مبنى في المدينة بحكم القانون وهي أيضاً مركز المدينة بالتمام والكمال، تراها من أي مكان في العاصمة.

وكما أن الطريق بين الشعب ومشرّعيه مفتوح للاحتجاج والاعتراض، وكما أن شارع بنسلفانيا هو طريق احتجاج الرئيس ومؤيديه إلى مبنى الكونغرس، كذلك نفس الطريق هو طريق الكونغرس لمحاكمة الرئيس وتوبيخه وربما عزله من خلال دستور يشبه الشبكة المتماسكة (grid) التي تتألف منها شوارع العاصمة واشنطن.

واشنطن ليست مجرد مبانٍ بل معانٍ تعكس قيم نظام الحكم وتقسيم السلطات، والسياق الحاكم للمدينة والاتحاد الفيدرالي ذاته.

تعاقبت على هذا المكان في واشنطن أحداث جسام، وبنظرة تاريخية يبدو حدث الأربعاء الماضي من اقتحام مبنى الكونغرس أقلها خطراً على الديمقراطية الأميركية.

ففي تنصيب أبراهام لنكولن الأول عام 1861 كانت سبع ولايات جنوبية قد أعلنت انفصالها عن الاتحاد وعيّنت جيفرسون ديفس رئيساً لها. وكانت الأجواء أكثر عدائية وعنفاً، وقد أسرّ لنكولن لأحد أصدقائه: «يُفضّل ألا تخرج النساء إلى الاحتفال». وكانت القوات المسلحة تحمي طريق بنسلفانيا ذاته، ومع ذلك خرج جيمس بيوكانن المنتهية ولايته مع لنكولن في العربة ذاتها إلى حفل التنصيب وانتقال السلطة. لم يكن البناء قد اكتمل في مبنى الكونغرس ولم ينتهِ العمل من بناء القبة بعد، ومع ذلك رأى لنكولن في خطابه هذا رمزية مهمة لاكتمال البناء الأميركي كأحد تحدياته الكبرى، وفي حفل تنصيبه الثاني ألقى لنكن خطاباً تصالحياً يعد من أهم الخطابات الرئاسية في التاريخ الأميركي يضمّد الجراح. فهل لدى جو بايدن القدرة على كتابة خطاب من هذا النوع؟ وهل لدى ترمب الشجاعة الأخلاقية أن يركب في العربة ذاتها مع غريمه من أجل انتقال سلمي للسلطة؟ بالطبع لا، ومع ذلك سيبقى خطاب بايدن مهماً جداً هذه المرة، ولا بد أن يرقى إلى لحظة التحدي. ورغم ما يقال عن هجمات أخرى محتملة من أنصار ترمب، فإن جغرافيتَي مبنى الكونغرس الذي يقف على ربوة مقابل مبنى البيت الأبيض في المنحدر تحددان المعاني المرتبطة بالمباني في تلك العاصمة الديمقراطية العريقة. لقد مرّت واشنطن بأحداث أكثر صعوبة وتهديدات أكبر من أنصار ترمب وبقيت عاصمة للاتحاد الفيدرالي الأميركي لأكثر من مائتي عام، وسيبقى الكونغرس رمزاً للديمقراطية الأميركية، به شبّاك مكسور هنا وهناك، وفي هذا تكمن فكرة البحث عن اتحاد كامل مكمل (more perfect union) تلك العبارة التي نسمعها دوماً كأُمنية كلما تحدث رئيس أميركي في خطابه السنوي عن حالة الاتحاد.

للحالة الأميركية ولمبانيها معانٍ ورمزيات يجب ألا نفك رموزها بمفاتيحنا المحلية، وعلينا أن نقرأها في سياقها الأميركي حتى لا نسيء فهم عاصمة لقراراتها وشؤونها تبعات على حياتنا، وحياة العالم بأسره.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجوم الكونغرس المبنى والمعنى هجوم الكونغرس المبنى والمعنى



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق

GMT 03:51 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الجديدة لعام 2017

GMT 23:41 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

"بن عمار" تشارك في مهرجان الربيع العربي بـ"سنديانة"

GMT 01:54 2017 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

كاتلين جينر تتألّق في فستان أزرق طويل بكتف واحد

GMT 09:28 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب التركي لكرة القدم يلاقي المنتخب القطري وديًا

GMT 06:11 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار تنعش الحركة الزراعية في المدينة المنورة
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria