«الفيسبوك» وثقافة الانغلاق
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

«الفيسبوك» وثقافة الانغلاق

«الفيسبوك» وثقافة الانغلاق

 الجزائر اليوم -

«الفيسبوك» وثقافة الانغلاق

مأمون فندي

كان الحديث في بداية ظهور وسائل الاتصال الحديثة على أنها مصدر تعددية ثقافية وانفتاح ودمقرطة للغة والحوار ومعها المجتمعات والدول، في هذا المقال سأطرح عكس كل هذا وأتحدث عن «الفيسبوك» و«تويتر» على أنهما سجن انغلاق لغوي وثقافي وبالتبعية انغلاق سياسي وزينوفوبيا.

دخل العرب عالم الآيفون والإنترنت كعلامات للحداثة، ولكن ليس المهم هو الآيفون، وإنما المحتوى الذي ينقل من خلاله، كما أنه ليس المهم «الفيسبوك» أو «تويتر»، ولكن ما يكتب فيهما. فهل تغير المحتوى خلال الخمس سنوات الماضية، أي هل قالت العرب شيئًا جديدًا لم تقله من قبل، أو بلغة جديدة، أم أن القارورة جديدة وهو الشراب ذاته؟

المتابع لصفحات «الفيسبوك» والصحف الإلكترونية الجديدة لا تخطئ عينه، إن الصفحات تجذب مؤيديها، وبهذا يخلق ما يسمى بالإجماع الكاذب حول جدية الأفكار. فإذا دخلت مثلاً على صفحة لأحد مناصري الشاعر السوري أدونيس، وقرأت حوارًا على هذه الصفحة حول حديثه الأخير عن النص المقدس وتاريخيته إلى آخر ما قاله مما قتل بحثًا في مدارس اللاهوت في الغرب، وقلت إن ما قاله أدونيس لا يصمد أمام الربع ساعة الأولى في سيمنار لطلاب الدراسات العليا في مدارس اللاهوت في إيطاليا أو في مدرسة اللاهوت في هارفارد أو غيرها، لجاءتك ردود من مؤيديه بأنك على خطأ، ولو قررت الاستمرار في الحديث مذكرًا بمدرسة التفكيك من داريدا إلى فوكو إلى تلميذهم الراحل إدوارد سعيد وتحدثت عن الهرمنوتكس كمنهج، لظهرت كما شخص أصابه الخرف. هذا ليس لأن هذه النظريات غير موجودة، ولكن لأن عالم «الفيسبوك» لم يعد مصدر استلهام من ثقافات أخرى بل أصبح سجن لغة وثقافة لا تكرر إلا ذاتها ولا ينجذب إليها إلا من يؤيد الفكرة.

وهذا ليس بغريب فالأساس في الإعلام التعبوي من ألمانيا النازية إلى الصين الشيوعية هو قولبة العقل ليصبح مواطنًا جديدًا. ونقد فكرة التنشئة السياسية وصناعة المواطن الجديد، كثير جدًا لا يتسع له مقال أو حتى كتاب كامل.

النقطة هنا تبدأ من مقولة مكلون الشهيرة إن الوسيلة هي الرسالة (medium is the message) التي يعرفها المبتدئ في مدارس الإعلام إلى كلام الفيلسوف الفرنسي بودريارد القائل بأن «حرب الخليج لم تحدث»؛ بمعنى أنها حدثت على الشاشات لا على الأرض، ونظريته عن أن الصورة أهم من الأصل وأن الصورة أكثر حقيقة من الواقع في عالم الإعلام الجديد.

الثقافة السردية في «الفيسبوك» و«تويتر» هي كما عنكبوت ينسج بالكلمات وتكرارها بأشكال مختلفة سجن للأفكار يصنع اختلافًا وهميًا لا علاقة له باختلاف الأفكار، وإنما هي الأفكار ذاتها في لباس سردي جديد تقف خلفه صورة فتاة جميلة أو مشهد بشع يهدف إلى تأييد فكرة بدائية من دون الزخرفات المصاحبة والتغليف البراق يكون الداخل بدائيًا، ولا يقبل في جلسة وجهًا لوجه أو تواصل مباشر حيث تنتفي الأدوات المصاحبة، وتلك نقطة فرعية يمكن لأي شخص أن يقولها ولا ترقى إلى مستوى تعميقها.

ومع ذلك، يبقى شيء لا بد من ذكره، وهو عقلية التسليع؛ أي تحويل الأشياء والبشر إلى سلعة بغض النظر عن الثمن، وهذا ليس بجديد ففي رسوم المستشرقين مثل الفرنسي دالكوا الذي رسم مشاهد من نساء الجزائر أو من رسموا لوحات من أفريقيا كانت دائمًا الصورة للمرأة البيضاء وفي خلفيتها خادم أسود. والأسود هنا ليس لشخصه وإنما لإظهار البيضاء وفي هذا عنصرية بغيضة، تستخدم السيدات والرجال معًا اليوم في «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» صورة للأطفال والزوجة أو الزوج وإنما كخلفية وليس لذاتها، وهذا ليس بالضرورة سلوكًا مدفوعًا بوعي وإنما كثيرا من دون وعي ولكن من سيدرسون هذه الصور فيما بعد سيكتبون ما نكتبه اليوم عن رسامي فترة الاستعمار الأوروبي في أفريقيا والشرق الأوسط، ولكنه استشراق محلي الصنع تم قبوله بالتعود والتكرار ليس لقيمة جمالية فيه، وهذا يأخذني إلى نقطة أخرى حول الإبداع العربي في عالم «إنستغرام» و«الفيسبوك» و«تويتر».

غياب المعايير الفنية في صفحات تبدو وكأنها إعلانات تجارية، لا يسمح بتقييم للإبداع في «الفيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام»، لأن المتابعين لك يشيدون بإبداعك ولا داعي للمعايير، خصوصًا لو كان لديك مليون متابع بعضهم حقيقي وكثير منهم وهمي يقولون إن كل ما تكتب أو ترسم هو إبداع، فالطبيعي أن تصدق أنك مبدع. لكن هذا الإبداع المدعى لم يمر بصرامة النقد الحاكم لعلوم الجمال سواء في الشعر أو النثر أو الصورة. فقط هو جميل لأن مؤيديك يقولون ذلك وبتكرار ملح، وهنا تبدأ صناعة الانغلاق على المعايير وتبدأ حالة السجن الذاتي.

«الفيسبوك» وأزمة الإنسان الوحيد الباحث عن «سيلفي»؛ أي الذات فقط ولا غيرها في نرجسية منقطعة النظير، فلا يصبح «الفيسبوك» فقط سجنًا لجماعة على صفحة ما، وإنما سجن للفرد في صوره وسرده معلنًا عن أزمته الوجودية التي تكون الوحدة أحد مكوناتها.

ما ذكرته عن أدونيس في البداية واستخدام عقلية الزحام لإزاحة صرامة النقد خارج المشهد يقال عن الذين يمارسون تجارة الدين في تلك الوسائط الاجتماعية؛ إذ يكون لرجل بدائي أكثر من مليون متابع فقط، لأنه يبيع بضاعة رخيصة لا تخضع لمعايير الجودة مثل من يفترشون الشوارع ببسطة ملابس في العتبة في القاهرة.

بالطبع يستطيع شباب الباحثين الجري بفكرة «الفيسبوك» كأداة انغلاق، وقد تأكد التخلف بالنظر إلى بنية الوسيلة، فمثلاً نستطيع القول بأن فكرة الباطن والظاهر أو التقية يزداد تأكيدها من خلال ما يكتبه الشخص في العام وما يقوله على الخاص، وبهذا يسهم «الفيسبوك» في تطوير فكرة الأداء المسرحي السياسة في عالم تحكمه الديكتاتورية والسلطة الأبوية. ففي كل نظريات الديكتاتورية مثلاً كانت الصحيفة هي العمل الروائي، وتصبح الرواية من خلال تخفي الشخوص هي مصدر الحقائق الاجتماعية كما في مصر عبد الناصر ومحفوظ حيث كانت الصحف القومية يمارس فيها الكذب وتنقل الحقائق السياسية في الأعمال الروائية. «الفيسبوك» لم يقض على ظاهرة النفاق، بل زاد الفجوة بين المعلن والمخفي أو الظاهر والباطن ومنحنا تقية ما بعد حداثية من خلال الوسائل لا المحتوى.

التواصل مع الحضارات الأخرى من حيث الترجمة وغيره اندثرت ودخلت الصور لا المفاهيم كأسرع بضاعة تستورد ولا تحتاج إلى عناء ذهني، أضف إلى ذلك أن 144 حرفًا في «تويتر» أو أكثر لا تنتج عقلية نقدية بقدر ما تنتج عقلية الثرثرة المتقطعة.

المهم في هذا كله أن التوقعات والآمال النظرية التي كان يعقدها البعض على دور وسائط التواصل ما بعد الحداثية لدمقرطة المجتمعات التقليدية تبدو نتائجها الأولية وكأنها تأصيل للقدامة لا للحداثة وتساعد المفاهيم البدائية على البقاء التي ربما كان الاندثار مصيرها من دون «الفيسبوك» و«تويتر».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الفيسبوك» وثقافة الانغلاق «الفيسبوك» وثقافة الانغلاق



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria