في ذكرى ثورة 30 يونيو تقطيع التاريخ يقسم الجغرافيا
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

في ذكرى ثورة 30 يونيو: تقطيع التاريخ يقسم الجغرافيا

في ذكرى ثورة 30 يونيو: تقطيع التاريخ يقسم الجغرافيا

 الجزائر اليوم -

في ذكرى ثورة 30 يونيو تقطيع التاريخ يقسم الجغرافيا

مأمون فندي

 لماذا لا يفهم المصريون ثورة بذاتها أو في سياق أوسع لتاريخ الثورات دون محو أخرى أو تسفيه دوافعها؟ فلسفة القطيعة مهمة أحيانا، لكن أن تكون القطيعة منهجا ففي ذلك يكمن ليس فقط تفكك التاريخ بل أيضا تفكك الجغرافيا، وهنا أنبه في ذكرى ثورة 30 يونيو (حزيران) إلى أن «يونيو 2013» ليست محوا لثورة يناير (كانون الثاني) 2011، كما أن «يناير» ليست محوا لثورة يوليو (تموز) 1952، أو أن «1952» ليست محوا لثورات سعد زغلول أو أحمد عرابي من قبل. تقطيع التاريخ المصري من عهد مينا وتقسيمه إلى أحواض كما أراضي الفلاحين حول النيل، وجعله ملكيات خاصة هو علامة وهن. تاريخنا ليس كأحواض أراضي الفلاحين حول النيل، تاريخنا يجري مستمرا من المنبع إلى المصب كما النيل ذاته. نعم به تعرجات مثل انحناءة النهر في منطقة أولاد عمرو بمحافظة قنا، والتي نتخذها مثلا في الصعيد فنقول «عند أولاد عمرو اختلف الأمر» أي تغير مجرى النهر. تغير تاريخنا القريب بعد «ثورة 25 يناير»، فأخذ «الإخوان» مياه النهر في انحناءة، وما لبث النهر أن صحح مساره في 30 يونيو أو بعد أولاد عمرو. تاريخنا كل، وهويتنا كل، ووطننا كل لا يقسم ولم يقسم منذ آلاف السنين. تقسيم التاريخ يؤدي إلى تقسيم الأوطان وتقسيم الجغرافيا، وهذا ما ينهى عنه هذا المقال.
حصل المصريون على رئيسهم الذي يريدون، ومع ذلك ما زالت المقابلة أو المفاضلة بين «25 يناير» و«30 يونيو» مناظرة مصرية زائفة، الهدف منها الهروب من مواجهة أزمات مصر الحقيقية المتمثلة في اتخاذ القرارات الصعبة بعد الثورة، بداية من مواجهة تكلسات نظام قديم أنتج بيروقراطية معادية ورافضة للتغيير. فبينما العنصر البشري المتمثل في شباب الثورة يدفع باتجاه التغيير، نجد أن تركيبة وبنية الدولة ليست بها من المرونة ما يسمح بتغيير. وهنا لا أتحدث عن المفهوم المنقول من الحالة التركية «شحط محط»، والذي تلقفه أصحاب العقول الناقصة والمعروف بالدولة العميقة. وليس المجال هنا للحديث عن استيراد مفاهيم مغشوشة ومطبقة خطأ نتيجة لتدني حالة العلوم الاجتماعية في المنطقة العربية. فأصل مفهوم «الدولة العميقة» التاريخي في تركيا يعود إلى النظام الخاص الذي أنشأ عام 1889 شبكة عابرة للقوميات أشبه بالتنظيم السري لـ«الإخوان المسلمين»، ولا ينطبق على الجيش المصري كما يصر مروجو مفهوم الدولة العميقة، وتلك قصة طويلة. المهم (وأعدكم بمقال كامل عن هذا) أن الدولة العميقة التركية لا توجد في مصر، وأن نظرية مانكير أولسون عن أصحاب المصالح والتي درسها معظم طلاب السياسة في فترة الماجستير، والتي خرجت منها نظرية الدولة العميقة في أصلها التركي، أفضل بكثير لتحليل الحالة المصرية إذا أصر ضعاف العقول على ما ينقلونه ويروجونه على أنه من بنات أفكارهم.
المهم في كل هذا هو ما يحدث في مصر من مغالطات كبرى، يروج لها بعض الفلول، مثل أن موجة «30 يونيو» من الثورة هي ثورة عاتية مستقلة، وأنها قامت ليس ضد نظام «الإخوان» بقيادة محمد مرسي فحسب، وإنما قامت في الأصل ضد ثورة «25 يناير». وبالفلول هنا لا أعني المعنى التي روج له «الإخوان» بمعنى السيف «الثلم»، أو الذين هُزموا، لكنني أعني الفلول بالمعني الشامي أو اللبناني «الفلول هم الذين فلوا من حول مبارك أو انفضوا من حوله وتركوه وحيدا»، ومن فلوا من مبارك سيفلون من السيسي لو اشتد البأس. كتبة الفلول أو الذين فلوا دولته يستخدمون الملايين الهائلة من الشعب المصري التي خرجت إلى الشوارع على أنها أكبر دليل على أن «30 يونيو» هي الثورة، وأن «25 يناير» هي مجرد احتجاج عابر أو فورة.
الحقيقة لو أردنا إقامة الحجة والبرهان بالأرقام، فـ«ثورة يناير» لم تكن في «25 يناير»، وإنما كانت يوم 11 فبراير (شباط) يوم تنحي مبارك. يومها خرجت مصر على بكرة أبيها بأعداد كالتي خرجت يوم «30 يونيو»، وربما أكثر، لتقول لا لنظام مبارك. إذن «11 فبراير» ليست أقل عددا من «30 يونيو». أعداد المصريين الذين خرجوا يحتفلون بنهاية استبداد مبارك لا تقل عن أعداد الذين خرجوا إلى الشوارع يوم عزل مرسي في 3 يوليو 2013، معلنين احتفالهم بنهاية الاستبداد الديني في مصر. نفس الأعداد تقريبا خرجت ضد الفساد والاستبداد أيام مبارك، ونفس التحالف أيضا خرج ضد فساد واستبداد «الإخوان». إذن المقابلة بين 25 يناير و30 يوليو هي مقابلة مغشوشة.
منذ 23 يوليو 1952 حتى الآن، هناك طبقة مصرية تركب أي موجة وأي ثورة، ولديها من المرونة ما يجعلها تخدم أيا من كان في السلطة، والناظر إلى تشابك العلاقات الاقتصادية بين نظام مبارك ونظام «الإخوان» يدرك هذه الحقيقة بالأرقام وبالأسماء. ركبوا موجة عبد الناصر وركبوا موجة السادات وموجة مبارك وموجة يناير، وركبوا موجة الإخوان خلال عام حكمهم اليتيم، ويريدون الآن ركوب «30 يونيو». هذه ليست الدولة العميقة، وإنما الطبقة الطفيلية بالمعنى السوسيولوجي، أو طبقة ورد النيل بالبلدي، ومن أشرت إليها في مقال سابق بالقول: «إن الطبقة الوسطى بالمعنى الأوروبي ليست أرقاما، أي أن تكون ضمن معيار معروف من الثراء المالي، وإنما يصحب هذا الثراء المالي غنى قيمي وأخلاقي، وإذا انتفت الصفة القيمية والأخلاقية عن المال انحدرت الطبقة من حالة الطبقة الوسطى إلى حالة الطبقة (المتدنية)، أي المفرغة من القيم» («الشرق الأوسط» 19 أبريل/ نيسان، 2010).
النقطة الرئيسة هنا هي أن ما حدث في «30 يونيو» وفي «3 يوليو» من حيث خروج المصريين إلى الشارع رفضا للاستبداد والفساد، هو ذاته ما حدث يوم 11 فبراير 2011. إنها رغبة الشعب في أن يمتلك مقدراته ويحكم السيطرة على دولته. ولا توحد في مصر مؤسسة يتجلى فيها النسيج المصري سوى مؤسسة الجيش، لذا نرى اليوم حب المصريين للجيش يتجلى في أحسن صوره. ولكن للأسف يحاول البعض أن يترجم خطأ حب المصريين للجيش على أنه احتضان لدولة مبارك. هذا غير صحيح البتة. الجيش المصري ودوره في بناء الدولة هو مخالف تماما لدور جيش الدولة العميقة في تركيا، والذي كان جزءا من مافيا مسيطرة بشكل حصري على مقدرات الدولة، وتحالف مع جماعات مشبوهة منها جماعات الجريمة المنظمة لتحقيق مكاسبه. فهل هذا ما يريد أن يصل إليه مروجو مفهوم الدولة العميقة في مصر؟ أليس مفهوم الدولة العميقة في صورته الفجة، هو ما قاله الإخواني أبو العلا ماضي، نقلا عن الرئيس السابق مرسي، عندما قال إن للمخابرات المصرية جيشا من البلطجية يصل إلى 300 ألف بلطجي.
في مقال أكاديمي مهم نشر عام 2009 عن صعود وهبوط الدولة العميقة في تركيا، كتب المؤلف سيدار كايا في المقدمة: «في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 1996 صدمت سيارة مرسيدس سيارة نقل وهي خارجة من محطة تموين بنزين، وقُتل كل من في المرسيدس إلا شخصا واحدا. كانت المرسيدس تقل نائب رئيس بوليس إسطنبول وعشيقته ورجل مافيا تركيا مطلوبا للإنتربول ورجلا عسكريا وبرلمانيا، ومن لحظة وصول الخبر للصحافة حتى الآن، أصبح مصطلح الدولة العميقة جزءا من اللغة اليومية للناس».
الجيش في مصر ليس لديه بلطجية كما قالت جماعة الإخوان، ولا تحالفات مع الجريمة المنظمة كما يحاول من يروجون لمفهوم الدولة العميقة الإيحاء دون تصريح. والجيش ليس جيش مبارك أو جيش «الإخوان». الجيش هو المؤسسة الوطنية الوحيدة الباقية في مصر، لذا يلتف الناس حوله. ولن يكون الجيش المصري بتركيبته الوطنية هو جيش الدولة العميقة التركية. هناك فروق كبيرة بين مصر وتركيا، واستيراد المفاهيم بهدف تشويش الناس وخلط الأوراق عمل قبيح. أما محاولة ترويج أن «30 يونيو» تعني عودة دولة مبارك، وأن حب الناس للجيش يعني حبا لنظام مبارك، فتلك هي المعارك الوهمية التي قد تودي بمصر للتهلكة. الجيش هو المؤسسة الوحيدة اليوم في مصر التي تعرف معنى المصلحة الوطنية المصرية بشكل مؤسسي، وذلك لأن مصلحة الوطن جزء من عقيدته العسكرية، على عكس جماعات المصالح الأخرى التي تسيطر على بيروقراطية رثة لا تخدم إلا مصالحها الضيقة.
تقطيع تاريخ الثورات من أجل تفضيل ثورة على أخرى هو بداية وهن الدولة وتفكيكها. في تقطيع التاريخ تقسيم للجغرافيا.

 

 

 

 

 

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ذكرى ثورة 30 يونيو تقطيع التاريخ يقسم الجغرافيا في ذكرى ثورة 30 يونيو تقطيع التاريخ يقسم الجغرافيا



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria