قمة الدول الاقتصادية السبع في كندا انتهت بخلاف عميق بين الولايات المتحدة وحلفائها، وكانت الدول السبع وقعت بياناً عن الاجتماع، إلا أن الرئيس دونالد ترامب انسحب منه وهاجم رئيس وزراء كندا جاستن ترودو وقال إنه ضعيف. ترودو وصف الضرائب الأميركية على الواردات بأنها «مهينة»، ورد ترامب أن ترودو غير صادق وضعيف، والضرائب رد على فرضه 270 في المئة من الضرائب على الواردات من منتجات الحليب الأميركية.
مكتب ترودو قال إن رئيس الوزراء لم يقل خلال القمة شيئاً لم يقله في السابق، إما علناً أو في اجتماعاته مع الرئيس ترامب.
الرئيس الأميركي كان فاجأ المشاركين الآخرين في القمة بطلب عودة روسيا الى المجموعة بعد طردها، إثر ضمها شبه جزيرة القرم. رئيسة وزراء ألمانيا انغيلا مركل قالت إن جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي المشاركين في الاجتماع ضد هذه الفكرة من دون تقدم في موضوع اوكرانيا، وهو موقف أيدته كندا.
رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي هددت بأن قمة الدول السبع ستتخذ مزيداً من الإجراءات ضد روسيا، إذا استمرت في التدخل في شؤون الدول الأخرى. هي قالت أيضاً إن الاتحاد الأوروبي سيفرض إجراءات ضد زيادة الولايات المتحدة الضرائب على الواردات من أوروبا مثل 25 في المئة على الألومنيوم وعشرة في المئة على الحديد.
لعل أفضل ما تمخضت عنه قمة الدول السبع في كندا إعلان رئيس وزرائها أن بلاده ستقدم 2.9 بليون دولار، بمساعدة من الاتحاد الأوروبي، لتمويل تعليم البنات والنساء الفقيرات من العالم الثالث.
أنتقل الى سنغافورة التي وصل اليها الرئيس ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ-أون لعقد قمة بينهما اليوم. أكتب قبل توافر تفاصيل عنها. الأشهر التي تلت رئاسة ترامب شهدت خلافاً كبيراً بين البلدين والرئيس الأميركي يهدد بيونغيانغ بحرب «غضب ونار»، وكيم يرد بأن ترامب «أحمق» وأيضاً «متخلف عقلياً».
الضغوط الأميركية السنة الماضية لم تنجح، وكوريا الشمالية أجرت ست تجارب نووية وقالت إنها أصبحت تملك ترسانة نووية عسكرية. مع ذلك، بدأت كوريا الشمالية في مطلع هذه السنة حملة لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة والعالم الخارجي كله، وهي نجحت في بناء علاقة مباشرة مع كوريا الجنوبية التي كانت وسيطها مع الولايات المتحدة، وكانت لها علاقة مباشرة مستمرة مع الصين.
ماذا يريد كل من البلدين من الآخر؟ الولايات المتحدة تريد شبه الجزيرة الكورية كلها خالية من السلاح النووي، مع تفتيش دولي للتأكد من التزام كوريا الشمالية بالتخلي عن السلاح النووي. لا أعتقد أن اتفاقاً متكاملاً، أو مكبلاً، سيتم في سنغافورة، وإنما ستكون هناك بداية للاتفاق.
الاجتماع مع ترامب نصر عالمي للرئيس كيم؛ فبلاده معزولة عن العالم الخارجي منذ عقود وهو استطاع أن يفتح لها طريقاً يخرجها من العزلة. ما يريد كيم من القمة هو تمكين بلاده من بناء اقتصاد ناجح يلبي طلبات الشعب. طبعاً عليه أن يقدم تنازلات وضمانات للحصول على ما يريد، والأرجح أنه سيفعل لتخرج بلاده من عزلتها.
لا أريد أن أتكهن بنتائج القمة فأنتظر نهايتها. في غضون ذلك، أقول إن هناك بعض الأخبار العربية السارة، وفي مقدمها قمة مكة المكرمة التي دعا إليها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وانتهت بدعم اقتصادي للأردن تعهدت به السعودية والإمارات والكويت التي وعدت بتقديم 2.5 بليون دولار سنوياً لدعم اقتصاد الأردن، مع وجود مشاريع اقتصادية من هذه الدول لمساعدة الأردن الذي شهد تظاهرات صاخبة ضد زيادة الضرائب.
أيضاً كان هناك اتفاق بين مصر وإثيوبيا على «سد النهضة» التي تعتزم إثيوبيا بناءه على النيل، وبدا من متابعة محادثات الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء اثيوبيا آبي أحمد أن البلدين يريدان فعلاً الاتفاق وإبعاد أي خلاف بينهما على المشروع. أعتقد أن قمة مكة المكرمة واتفاق مصر وإثيوبيا حدثان مهمان ومفيدان، بعكس قمة كندا أو قمة سنغافورة.
المصدر: جريدة الحياة
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع