جهاد الخازن
مصر تحتاج إلى رئيس له كاريزما جمال عبدالناصر من دون أخطائه. الكاريزما شرحها أن رجلاً خسر حرباً فضاعت القدس والضفة الغربية وسيناء وقطاع غزة والجولان يموت فيخرج خمسة ملايين مواطن في جنازته، وأن رجلاً انتصر في حرب العبور فاغتيل «مكافأة» له، وخرج قادة أجانب في جنازته.
جمال عبدالناصر ذهب إلى سورية مع إعلان الوحدة فحمل السوريون سيارته وهو فيها. هو ما كان يحتاج إلى جهاز استخبارات من أي نوع لأن العرب كلهم ساروا وراءه، مع ذلك حكم عبر أجهزة استخبارات كانت فوق القانون وحريات المواطنين.
أسوأ من هذا أن جمال عبدالناصر وجد أمامه نموذجين: الرأسمالية الغربية واقتصادها المزدهر، والكتلة الاشتراكية، أو الشيوعية، الجائعة، فاختار الاشتراكية وخرب اقتصاد مصر.
تأميم الصناعة والتجارة في الستينات أفقر مصر، ووضع عمالاً في مجالس الإدارة أدى إلى طلب العمال في كل اجتماع رفع الأجور، فأصبحت البضاعة غير تنافسية وأغلقت المصانع.
في سوء ذلك أن جمال عبدالناصر أمّم الصحافة، أي خنق حرية الرأي، وهو آخر مَنْ يحتاج إلى مثل هذا القرار، فالشعب المصري والشعوب العربية سارت معه. وكانت النتيجة أن دولاً عربية عدة تبعت مصر في تأميم الميديا وخنق الكلمة الحرة.
أسجل أخطاء جمال عبدالناصر كما رأيت آثارها بأم العين، وتابعت نتائجها وقد أصبحت صحافياً وكاتباً. هذه الأخطاء لا تجعلني أنكر الكاريزما الطاغية للرئيس، وحاجة مصر إلى قائد مثله يجمع المصريين حوله ويعيد لمصر دورها القيادي العربي.
هل نرى في عبدالفتاح السيسي جمال عبدالناصر ثانياً؟ لا أعرف، ولكن أتمنى ذلك.
أرجح أن يفوز الفريق الأول الـسيسي بالرئاسـة من الـجـولة الأولـى إذا رشـح نـفـسـه، وأرجو ألا يكون فوزه بـنـسـبة 99 فـي الـمـئـة من الأصوات.
المصريون جميعاً يعرفون ما على رئيس مصر القادم أن يفعل، ربما باستثناء الإخوان المسلمين الذين زادوا كل مشكلة مصرية أو أزمة أضعافاً في سنتهم الوحيدة اليتيمة في الحكم التي لن تكرر.
الرئيس المصري القادم يجب أن يبقى ابن بلد متواضعاً، وبعد ذلك يحتاج إلى العمل فوراً لإنهاض الاقتصاد المصري من عثاره، والمهمة سهلة على رغم ارتفاع عدد السكان وقلة الموارد، فدول الخليج القادرة سـتسـاعد مـصـر، وقد فعلت بمجرد سقوط الإخوان الذين تآمـروا على كل دولة عربية وجدوا لهم فيها أعواناً. وهم يمارسون الإرهاب في مصر اليوم والتخريب والدجل، ويخالفون كلام الله وسنّة رسوله.
لا اقتصاد ناجحاً من دون أمن وأمان، والفلتان الأمني الذي تبع نهاية عهد حسني مبارك وصعود الإخوان يجب أن يكون أولوية للعهد الجديد في أهمية الاقتصاد.
هل نرى في مصر ديموقراطية تتسع لكل المواطنين وحُكْم قانون مستقل هو السلطة الثالثة، والحَكَم بين السلطتَيْن التنفيذية والتشريعية.
الديموقراطية لا تكتمل من دون سلطة رابعة هي ميديا مقروءة ومسموعة ومرئية، حرة ضمن نطاق القانون، تراقب السلطات الثلاث.
ونقطة أخيرة. مصر تعاني من الفساد، وهو كان قصراً على «الرموز» في عهد حسني مبارك، وأصبح من فوق لتحت في أيام الإخوان.
الرئيس الجديد سيكسب شعبية فورية إذا أعلن حرباً على الفساد فور تسلمه الدفة، والشعبية هذه ستسهل عليه تنفيذ المطلوب اقتصاداً وأمناً وحريات.
هل يكون عبدالفتاح السيسي جمال عبدالناصر جديداً من دون أخطاء الرئيس الراحل؟ لا أجزم بجواب ولكن لو كنت مصرياً لانتخبته.