جهاد الخازن
بعد 34 سنة من القطيعة تحدث الرئيسان باراك اوباما وحسن روحاني بالهاتف في 27/9/2013، ووُقِّع الاتفاق النووي الموقت بين الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) في 24/11/2013. غير أنني أتابع المفاوضات للوصول الى اتفاق دائم كل يوم وأشعر بأن المهاتفة والاتفاق الموقت لم يحصلا في السنة الماضية وإنما قبل قرن أو أكثر.
ثمة خلافات كبيرة تهدد الاتفاق النهائي يرافقها تصعيد اميركي وإيراني يهدد عمل المفاوضين من الجانبين، ويجعل الحديث الأصلي عن اتفاق نهائي في أواسط هذا الشهر نوعاً من التمنيات أو أحلام اليقظة.
في الولايات المتحدة قدم 26 عضواً في مجلس الشيوخ مشروع قرار جديداً بزيادة العقوبات على ايران إذا لم يتم التوصل الى اتفاق نووي معها يضمن ألا يزيد تخصيب اليورانيوم فيها على 20 في المئة. وقد هدد البيت الأبيض علناً باستعمال الفيتو ضد القرار إذا وافق عليه مجلس الشيوخ.
الحزب الديموقراطي له غالبية في مجلس الشيوخ، ومع ذلك يواجه الرئيس صعوبات فيه، والشيوخ الذين رعوا مشروع القرار ضموا أعضاء بارزين في حزبه. الوضع في مجلس النواب أسوأ كثيراً حيث للجمهوريين غالبية واضحة، وأرى أن المجلسين يمثلان اسرائيل لا أي مصلحة اميركية في المفاوضات، فاليوم وبعد ألف سنة لا يمكن لإيران النووية أن تهدد أي مصلحة اميركية في المنطقة أو خارجها.
في ايران مجلس النواب ضد الاتفاق الموقت، وغالبية من أعضائه تشكك في إمكان الوصول الى اتفاق نهائي. وقد اختار المجلس يوم عيد الميلاد 25/12 لإصدار قرار أيّده نحومئتي عضو من أصل 290 عضواً عنوانه "واجب الحكومة تخصيب اليورانيوم حتى 60 في المئة" في حال فرض أي من الدول الست عقوبات إضافية على ايران أو فشل الوصول الى اتفاق. والقرار يطالب الحكومة باستئناف النشاط كاملاً من مفاعلات فوردو وناناتز وأراك، وهذا الأخير لإنتاج الماء الثقيل المستعمل في تخصيب اليورانيوم.
وفي حين أن علي أكبر ولايتي كبير مستشاري المرشد علي خامنئي في الشؤون الخارجية، اقترح مفاوضات ثنائية مباشرة بين ايران والولايات المتحدة، فإن لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في مجلس النواب التي يرأسها علاء الدين بوروجردي تبدي شكوكها في إمكان الوصول الى اتفاق نهائي كل يوم. وقد ضم نائبان متشددان الى مجلس مراقبة المفاوضات مع أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف صرح دائماً بأن لا حاجة لمراقبة المفاوضين الإيرانيين لأن عملهم يجري بمعرفة المرشد.
إذا كان ما سبق لا يكفي فإن اسرائيل ضد أي اتفاق مع ايران، وقد صرح رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو علناً بأن اسرائيل تريد الغاء البرنامج النووي الإيراني كله لا مجرد حصره في برنامج سلمي، لتبقى إسرائيل وحدها مع ترسانة نووية مؤكدة تهدد دول المنطقة كلها. وبالتأكيد فلإسرائيل نفوذ في الكونغرس يعادل ما لدى الرئيس اوباما أو يزيد عليه أحياناً، فالمفاوضات كلها تجري بالنيابة عن اسرائيل.
كل ما سبق معلومات صحيحة عندي الدليل عليها، فأختتم برأي مختصر هو أنه إذا اتفقوا فسيتفقون علينا، وإذا اختلفوا فسندفع الثمن، لذلك أطالب مرة أخرى مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ببدء برنامج نووي عسكري معلن، بل مع طبل وزمر، لإرغام الشرق والغرب على التدخل لتجريد الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. كل حديث آخر حديث خرافة يا أم عمرو.