اتصل بي صديق وقال: كتبتَ عن شعر الوطنية، وكتبت عن شعر الغزل فمتى ستكتب عن شعر الشيخوخة؟ قلت له إنني كتبت، وأصرّ على أنني لم أكتب، فأنزل عند رغبته.
ابن هذيل قال:
لما رأت شعري تغير لونه/ ورأته محتجباً وراء خضاب
قالت خضبت فقلت شعري إنما/ لبس الحداد على ذهاب شبابي
شعر جميل، والصديق وأنا لم نخضب ولن نخضب.
عبد بني الحساس الجفري قال: عميرة ودع ان تجهزت غازياً/ كفى الشيب والاسلام للمرء ناهياً
أما عدّي بن الرقاع فله: لولا الحياء وان رأسي قد عفا/ فيه المشيب لزرت أم القاسم
معروف بن عبدالرحمن قال: لكل دهر قد لبست اثوبا/ حتى اكتسى الرأس قناعاً أشيبا
وأجمل مما سبق قول سويد بن أبي كاهل اليشكري: بسطت رابعة الحبل لنا/ فوصلنا الحبل منها ما انقطع/ كيف ترجون سفاها بعدما/ جُلِّل الرأس بشيب وصلع.
أبو تمام قال: شاب رأسي وما رأيت مشيب الرأس إلا من فضل شيب الفؤاد.
وقال غيلان بن سلمة النقفي:
أُسلُ عن ليلى علاك المشيب/ وتصابي الشيخ شيء عجيب/ وإذا كان النسيب بسلمى/ لذّ في سلمى وطاب النسيب.
كثير قال عن بثينة:
رمتني على عمد بثينة بعدما/ تولّى شبابي وأرجحن شبابها
ولكنها ترمين نفسا مريضة/ لعزة منها صفوها ولُبابها
ابن الرقيات كان خفيف الدم وهو يقول:
بكر العواذل في الصباح يلمنني وألومهن
ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت انه
ودافع آخر عن الشيّاب والشيب قائلاً:
خبريني ماذا كرهت من المشيب/ فلا علم لي بذنب المشيب
أضياء النهار أو وَضَح اللؤلؤ/ أم كونه كثغر الحبيب
علي بن جبلة قال:
راعه الشيب اذ نزل/ وكفاه من العذلْ
وانقضت مدة الصبا/ فانقضى اللهو والغزل
فابكِ للشيب إن بدا/ لا على الربع والطلل
أكمل مع المتنبي، فقد وجدت أن له شعراً كثيراً في الشيب أختار منه:
شيب رأسي وذلتي ونحولي/ ودموعي على هواك شهودي
وقال أيضاً: وما ماضي الشباب بمسترد/ ولا يوم يمر بمستعاد
متى لحظت بيض الشيب عيني/ فقد وجدته منها في السواد
وله:
خلقتُ ألوفاً لو رجعت الى الصبا/ لفارقت شيبي موجع القلب باكياً
وأيضاً:
أتى الزمان بنوه في شبيبته/ فسرّهم واتيناه على الهرم.
الصديق الذي بدأت به مثلي فعمره 29 سنة، وكلانا من طلاب الجامعة.
المصدر : جريدة الحياة