يحشد الرئيس أوباما كافة قواه المقنعة للضغط لصالح الاتفاق الذي يقول إنه أبرمه مع إيران بشأن مشروعها النووي. وكجزء من جهود الضغط التي يمارسها، وافق الرئيس على إجراء الكثير من المقابلات الشخصية، وخصوصا مع الصحافيين الذين كان دائما معجبا بهم، متجنبا الأسئلة غير المناسبة من الصحافيين التي يعتبرها مكتب الرئيس ذات طبيعة «معادية».
ولكن كيف لمثل تلك المقابلة أن تبدو؟ إذ إن أوباما يرفض الخضوع لمثل تلك الطريقة من العمل، فلن يكون أمامنا إلا تصور إجراء إحدى تلك المقابلات. والنتيجة يمكن أن تكون شيئا على النحو التالي:
- السيد الرئيس. أنتم بصدد حملة من أجل الاتفاق الذي تقولون إنكم توصلتم إليه مع إيران حول مشروعها النووي.. فما هو بالضبط الشيء الذي تحاولون الترويج له: أهو معاهدة، أم اتفاقية، أم مذكرة تفاهم، أم اتفاق؟
أوباما: لا شيء مما سبق.
إن ما نحن بصدده هو خطة شاملة من العمل المشترك.
وهي ما يحاول دعاة الحروب الذين قادونا إلى مستنقع الحرب في العراق، أولئك الجمهوريون، ودعاة «الموت لأميركا» في طهران برفقة نتنياهو في إسرائيل، العمل على تخريبها.
- لذا، ليست هناك معاهدة ولا اتفاقية. بل مجرد خطة. ولكن الخطة يمكن دائما تعديلها أو حتى تجاهلها. فهل هناك من آلية تضمن تنفيذ تلك الخطة؟
أوباما: إنني ألمس في سؤالك صدى صوت المحافظين الجدد ودعاة الحرب. إن خطة العمل المشترك الشاملة مدعومة من جانب قرار بالإجماع من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
- إن إيران، رغم كل شيء، لم تقبل ذلك القرار، رقم 2231، الذي يختلف عن خطة العمل المشترك الشاملة ذات الـ150 صفحة في نواح عدة، حيث أوضح المسؤولون الإيرانيون أنهم كما رفضوا الموافقة على القرارات الستة السابقة، فليست لديهم نية حالية لقبول القرار الجديد. ويقول عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني إن نقطة المرجعية بالنسبة للجمهورية الإسلامية هي خطة العمل المشترك الشاملة وليست القرار الأممي.
أوباما: ها أنت تقولها تماما مثلهم، إن دعاة الحروب والجمهوريين يحاولون دفعنا إلى أتون حرب جديدة في الشرق الأوسط.
- تكمن المشكلة في أن إيران لم تصادق على خطة العمل المشترك الشاملة كذلك. إنها حتى لم ترفع الأمر للمناقشة الرسمية، ناهيك بالتصديق عليها لدى مجلس الوزراء كما ينص القانون الإيراني. كما أنه ليس هناك نسخة باللغة الفارسية لخطة العمل المشترك الشاملة. وقد أصدر وزير الخارجية هناك الشهر الماضي نصا كان مسحوبا من الخطة بعدما لاحظ المسؤولون وجود 73 خطأ متعمدا في الترجمة يقصد منها التضليل. وتم تقديم نص آخر في وقت لاحق يتضمن 13 خطأ آخر في الترجمة. ومع ذلك، وحتى ذلك الحين، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أنه ليس هناك نص رسمي يمكن المناقشة بشأنه في مجلس الثورة الإسلامية (البرلمان الإيراني).
أوباما: ذلك الادعاء، مرة أخرى، مصدره دعاة الحرب، أولئك الذين ساقونا إلى مستنقع العراق، الناس الذين يحملون الأجندات الخفية. لقد أسسنا هيكلا دبلوماسيا مبتكرا وفعالا يغلق كل الطرق أمام إيران للحصول على الأسلحة النووية. وليس من خطأ في ذلك، إن وقت الاختراق الإيراني الحالي للحصول على الأسلحة النووية لا يتعدى بضعة أشهر.
- ماذا لو أن الجمهورية الإسلامية لن تفعل ما تعتقد أنها سوف تفعله، بموجب خطة العمل المشترك الشاملة؟
أوباما: سوف تظل كل الخيارات مطروحة على الطاولة. وفي أي حالة، ومن خلال دبلوماسيتنا المبتكرة، لدينا نظام يمكننا من خلاله، إذا ما عمدت إيران إلى الغش، إعادة فرض العقوبات الاقتصادية عليها. وإننا نسميها الخطة المعتدلة أو «مخطط الارتداد»، وهي خطة مضمونة.
- كما يعلن المسؤولون الإيرانيون علانية أن خطة العمل المشترك الشاملة ليست أكثر من سيناريو «لانهيار نظام العقوبات الاقتصادية»، حسبما صرح صالحي بصراحته المعتادة.
أوباما: كان ذلك في الأيام الأولى، ولا ينبغي علينا أن نلقي بأسماعنا إلى حزب دعاة الحرب أو للمجموعة المحيطة بنتنياهو. أولئك الذين يقللون من أهمية خطة العمل المشترك الشاملة، يتناسون أن إيران قد وقعت أيضا على «خريطة الطريق» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وينبغي أن يؤخذ ذلك في الاعتبار إلى جانب خطة العمل المشترك الشاملة وقرار مجلس الأمن الدولي لكي تكون الصورة واضحة.
- هل تعرف فحوى «خريطة الطريق» تلك؟
أوباما: كلا. فإن ذلك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولا يمكن الإفصاح عن محتوياتها للآخرين.
- إذن، كيف يمكنك اتخاذها ذريعة تدعم بها حشدك لقوى الضغط في واشنطن من دون أن تعرف محتواها؟
أوباما: ذلك لأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لديها دور مهم تلعبه وتتأكد من خلاله أن إيران تلتزم بتعهداتها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وما نحاول فعله الآن هو دعم تلك المعاهدة التي تواجه هجمات من دعاة الحرب وأناس أمثال نتنياهو من الذين لم يوقعوا عليها.
- مع كامل الاحترام سيدي الرئيس، إن خطة العمل المشترك الشاملة ذاتها قد تعد من قبيل الهجوم على معاهدة حظر الانتشار النووي، نظرا لأنها تخلق آلية موازية للتعامل مع الانتهاكات.
أوباما: ذلك ادعاء سافر يخرج من أفواه أولئك الذين قادونا إلى حرب العراق وإلى إسقاط الحكومة الشرعية هناك في عام 2003، ولقد رأينا ما الذي حدث. وتريد نفس الشخصيات منا أن نغزو إيران ونغير نظامها الحاكم عسكريا. ولكننا لا نعمل في مجال تغيير الأنظمة الحاكمة في أي مكان من العالم.
- مع كل الاحترام سيدي الرئيس، لم يطلب منكم أحد. ولكن السؤال، رغم كل شيء، يدور حول أن خطة العمل المشترك الشاملة لديكم تمنح الجمهورية الإسلامية نوعا من المعاملة الخاصة.
أوباما: أي معاملة خاصة؟
- هذا ما تنص عليه خطة العمل المشترك الشاملة لديكم: جميع الأحكام الواردة في خطة العمل المشترك الشاملة هي فقط لأغراض التنفيذ بين دول مجموعة «5+1» وإيران ولا يمكن اعتبارها من قبيل إرساء السوابق حيال أي دولة أخرى أو لصالح مبادئ القانون الدولي والحقوق والالتزامات بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وغير ذلك من الأسانيد، فضلا عن المبادئ والممارسات المعمول بها دوليا. وبعبارة أخرى: التعامل مع إيران كحالة خاصة قائمة بذاتها.
أوباما: كانت إدارتي ولا تزال ملتزمة بالنأي بالولايات المتحدة عن الحروب الخارجية وليس السقوط في حروب جديدة. وأولئك الذين يزعمون أن إيران تلقى معاملة خاصة من قبلنا يعارضون استراتيجيتنا الشاملة بسبب أن لهم مصالح جمة في الصراعات والحروب.
- ربما. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أنكم تسخرون في كثير من الأحيان من أولئك الأميركيين الذين يظنون أن بلادهم دولة ذات وضعية خاصة. فإن منح نظام الخميني وضعية خاصة في التعامل قد يكون صدمة لهم، وخصوصا حينما لم تطالبوا النظام الإيراني بتغيير أي جانب من جوانب سلوكهم بشكل عام.
أوباما: لماذا يتعين دوما على الآخرين التغيير من مواقفهم؟ لماذا لا تقوم الولايات المتحدة بتغيير سلوكياتها في بعض الأحيان كما فعلنا من قبل من خلال تقاربنا التاريخي مع كوبا؟
- يعرف الجميع ذلك تماما. فلقد حاولتم تملق الملالي هناك بالثناء على دين الإسلام، الذي لا يمثلونه، والتعبير عن إعجابكم بالحضارة الإيرانية التي يمقتونها.
أوباما: بصرف النظر عما يقوله دعاة الحروب والمحافظون الجدد والموالون لبوش، فإنني ملتزم بذلك الاتفاق وعاقد العزم على إنفاذه حتى لو اضطررت لاستخدام حق الفيتو ضد معارضة الكونغرس لخطة العمل المشترك الشاملة. لقد اتخذت قراري، وانتهى الأمر.