إيران تحليل الثورة الوطنية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

إيران... تحليل الثورة الوطنية

إيران... تحليل الثورة الوطنية

 الجزائر اليوم -

إيران تحليل الثورة الوطنية

بقلم : أمير طاهري

عقب هدوء نيرانها بعد أيام من الاشتعال، لا تزال «الأحداث» التي هزت الداخل الإيراني، في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وأوائل يناير (كانون الثاني) الحالي، تثير كثيراً من التعليقات، والتكهنات، وفي مثل هذه الحالات، المزاعم الكاذبة المضللة.

والسؤال الأول الذي يطرح نفسه: ما التسمية التي ينبغي أن نطلقها على ما حدث؟
إن وصفها بـ«الأحداث» وصف لطيف ومعتدل، كما أن وصفها بـ«الثورة» يحمل قدراً لا بأس به من المبالغة. ولقد بدأت الزمرة الخمينية الحاكمة في إطلاق اسم «الاضطرابات» على ما حدث كما لو كنا نتعامل مع تدافع جماعي همجي في سوق من الأسواق أو ازدحام جماهيري فوضوي كمثل ما نراه في مباريات مصارعة الثيران الإسبانية الشهيرة. وعندما اتضح أن إطلاق وصف «الاضطرابات» على ما جرى في نحو 100 مدينة إيرانية لا يمكن قبوله بأكثر الطرق اعتدالاً، ارتدّت السلطات الخمينية إلى موقفها الاحتياطي المتمثل في إلقاء تبعة ما حدث على «المتآمرين الأجانب»... في كل شيء.

وبالتالي، أنعمت علينا الدعاية الحكومية الإيرانية بمصطلح آخر وهو «المؤامرة» مع دلالات ملونة على الشخصيات التي من المفترض أنها شاركت في الأحداث. ومن بين هؤلاء المتآمرين كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، وجماعة بارزاني في كردستان العراق، ونسيب الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وابن عم الرئيس الأفغاني أشرف غني، وجاسوس متقاعد لدى الاستخبارات المركزية الأميركية الذي اعتنق النسخة «الخاطئة» من دين الإسلام. وفي غضون أيام، رغم كل شيء، استدعت اللهجة الخمينية الرسمية كثيراً من السخرية والاستهزاء.

كيف تسنى لمثل هذه الزمرة المتباينة من الشخصيات أن تقنع كثيراً من المواطنين الإيرانيين الساخطين بالاندفاع إلى الشوارع للتظاهر والاحتجاج ضد النظام؟ وكيف يمكن لتلك الشرائح الكبيرة من المؤسسة الخمينية أن تعرب عن تعاطفها مع المتظاهرين بدلاً من إغراقهم بأساليب القمع والاعتداء التي اعتاد الملالي استخدامها منذ زمن بعيد؟
كلا، إن توصيف ما جرى بـ«المؤامرة» لا يفيد في شيء هذه المرة.

ومن ثم تحول أقطاب الدعاية الخمينية إلى استخدام مصطلح «الفتنة»، الذي يوفر لهم كثيراً من المزايا بقدر اهتمامهم بالأمر.

وبادئ ذي بدء، فإنه من المصطلحات الدينية التي توحي بالانقسام الكبير الذي يتحدى النسخة الراسخة من التعاليم الدينية والإيمان بواسطة الخطاب المنافس المؤيد بالسيف.

وهكذا، ركن الخطاب الخميني إلى أن المتظاهرين كانوا منشقين يهاجمون الدين الإسلامي مباشرة. لدرجة أن وسائل الإعلام الإيرانية التي يسيطر عليها الأمن «الإسلامي» شرعت في نشر لقطات مرئية وصور مطبوعة تزعم أن المتظاهرين كانوا يحرقون المساجد والحسينيات، وكانت الرسالة المبينة من بين السطور تفيد بأن المتظاهرين الإيرانيين مثل السوريين الذين ثاروا في وجه بشار الأسد بغية تحقيق هدف وحيد: تدمير الأضرحة والمزارات الشيعية.

ومع ذلك، فإن مصطلح «الفتنة» لم يجد أرضاً صلبة تحمله؛ ففي حقيقة الأمر كانت إحدى مميزات الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة، وللمرة الأولى في التاريخ الإيراني المعاصر، انعدام وجود النبرة الدينية في أي من الشعارات والخطب التي رفعها أو ألقاها زعماء الاحتجاجات. 

وكانت المحاولة الثانية لتشويه صورة «الأحداث» الإيرانية هي وصفها بأنها «احتجاجات اقتصادية». وحاول بعض المسؤولين السابقين في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما برفقة بعض من جماعات الضغط السياسي الموالية للزمرة الخمينية في الولايات المتحدة، التحايل للزعم بأن «النظام الخميني» في إيران ما زال يحظى بشعبية جارفة ولكنه يواجه السخط الشعبي بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية التي جعلت الحياة مستحيلة على أغلب شرائح المواطنين في إيران. وعندما اتضح أن أغلب الشعارات كان سياسي المقصد، فإن هذه المحاولة هي الأخرى أصبحت مستهلكة وفائضة عن الحاجة. وفي كل الأحوال، استند الأمر برمته إلى «سوء قراءة» التقسيم الماركسي للواقع إلى «البنية التحتية الاقتصادية» و«البنية الفوقية السياسية».

ويتفق كثير من الإيرانيين، ومن بينهم شخصيات داخل النظام الحاكم نفسه، ضمنياً، على أن الملالي قد استولوا قبل أربعة عقود على بلد مزدهر إلى درجة ما وحولوه إلى منزل فقير متهالك يعاني فيه ما يربو على خمسة ملايين مواطن من الجوع المزمن، إلى جانب 25 مليوناً آخرين يعيشون في عشوائيات فقيرة للغاية لا تصلح لسكنى البشر. ومع ذلك أيضاً، فإنهم يعلمون أن المشكلات الاقتصادية في البلاد هي نتيجة مباشرة للسياسات الرعناء المتهورة التي يعتمدها النظام الحاكم في الداخل والخارج.

وبالتالي، ما شهدناه كان ثورة سياسية وطنية ضد الوضع الراهن.

ومصطلح «وطنية» لا يعني مشاركة جميع شرائح الشعب الإيراني أو حتى السواد الأعظم منه؛ بل وصفت الثورة بأنها «وطنية» نظراً لأنها ضمت قطاعات من مختلف الطبقات والأعراق والمذاهب الإيرانية. وفي بعض الأماكن، مدينة أصفهان على سبيل المثال، كانت العائلات الثرية تخرج في مسيرات مع أفقر سكان المدينة ومع أبناء الطبقة المتوسطة والطبقة تحت المتوسطة في مظاهرة واحدة. وفي مدينة آراك الصناعية، خرج العمال مع أرباب الأعمال كتفاً بكتف في المظاهرات للإعراب عن استيائهم البالغ من «النظام الخميني» في البلاد.

كما عصفت الثورة أيضاً بالفجوة بين الأجيال، حيث ضمت أناساً من جميع الشرائح العمرية في المجتمع الإيراني. ومن المؤكد أن أغلب المتظاهرين كانوا من الشباب، وأكثر من 90 في المائة من الثلاثة آلاف الذين اعتقلتهم قوات الأمن «الإسلامي» كانوا دون سن الثلاثين. ولكن مَن بوسعه أن ينسى المشاهد التي أظهرت الرجال والنساء المسنين الذين قادوا المسيرات في مدن مشهد، وتبريز، وشيراز، وكرمان؟
كما تقاطعت الثورة الإيرانية الوطنية مع الفجوة بين الجنسين؛ حيث جمعت كثيراً من الرجال والنساء جنباً إلى جنب. وفي كثير من الأماكن، وحتى في البلدات الصغيرة، تزعمت المرأة الإيرانية الاحتجاجات، وتعمدت النساء إحياء ذكرى المناضلة الشيوعية الإسبانية الراحلة «لاباسيوناريا» من خلال خطبهن النارية الساخنة خلال الاحتجاجات.

وفي حين أن الهيئة الخمينية تضم بضعة آلاف من رجال الدين، إلا أنها، وبكل تأكيد، لا تعبر أو تمثل جميع أطياف رجال المذهب الشيعي، وهذا هو السبب في أن كثيراً من الملالي وطلاب العلوم الدينية انضموا إلى الاحتجاجات ضد النظام؛ الأمر الذي أكد الشخصية الوطنية للثورة الأخيرة. ومن المثير للاهتمام، أن أياً من كبار رجال المذهب الشيعي أو ملالي المستوى المتوسط في مدن قُم ومشهد والنجف قد خرج لتأييد النظام الحاكم وإدانة الثورة الوطنية. بل كان على النظام أن يحاول العثور على مَن يدافع عنه من بين بضع مئات من الملالي المدرجين على كشوف الرواتب الحكومية.

وتوصف الثورة الإيرانية بأنها وطنية لسبب آخر: لم يلعب أي حزب سياسي أو جماعة سياسية أو حتى شخصية سياسية معروفة أي دور يُذكر في الثورة الأخيرة. وأغلب الأحزاب الإيرانية، بما في ذلك الأحزاب كافة التي أيدت الخميني في 1978 - 1979، قد انضمت إلى الثورة الأخيرة، ولو من الناحية الشفهية على الأقل، تماماً كما فعلت قائمة مثيرة للإعجاب من كبار المسؤولين السابقين والمدافعين على «النظام الخميني». ومن بين أعضاء المجلس الإسلامي البالغين 290 عضواً، صدر عن بعضهم (نحو 60 عضواً) بعض الهتافات المؤيدة للثورة الشعبية. ومما يثير الاهتمام أيضاً، تردد النخبة العسكرية في البلاد، لا سيما في الجيش النظامي الإيراني، في الوقوف بوجه الثورة الوطنية، خلال مراحلها الأولى على أقل تقدير.

إن ما حدث لم يسبق له مثيل في تاريخ إيران المعاصر.

لقد كانت ثورة وطنية حقيقية ضد النظام القائم. وهي لم تعرض بديلاً واضحاً للنظام، ولكنها ساعدت في تنقية الأجواء من خلال كشف المزاعم الواهية لـ«النظام الخميني» بأنه لا يُقهر. وحتى قبل عام مضى، كان عدد قليل يقر بأن «النظام الخميني» يمكن الإطاحة به. أما الآن، فقد أصبح كثيرون يعترفون بذلك، بمن في ذلك جماعات الضغط السياسي المؤيدة للنظام الإيراني في الخارج.

في عام 1989، صرح علي خامنئي بالمقولة التالية أمام جلسة مجلس الخبراء التي سرعان ما أيدت توليه منصب «المرشد الأعلى»: «لا بد أن نبكي بدموع الدم على الأمة الإسلامية إذا ما استحققت بجدارة أن أكون زعيمها».

ولا أعتقد أن البكاء بدموع الدم هو الخيار الوحيد. فمن الخيارات الأكثر واقعية هو إغلاق فصل «الخمينية»، والإرشادية العليا للبلاد، والمفاهيم اللاإنسانية ذات الصلة، من خلال السماح للأمة الإيرانية بإعادة صياغة ذاتها وحياتها، ولكن بطريقة أكثر عقلانية.

كانت الثورة الوطنية الإيرانية تتعلق، أكثر ما تتعلق، بالتغيير، الذي ربما يتأخر ولكنه لن يموت.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تحليل الثورة الوطنية إيران تحليل الثورة الوطنية



GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 21:11 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

معضلة المراسل بين اليأس والافتراض

GMT 12:50 2021 السبت ,06 آذار/ مارس

على بايدن تجاهل اتفاق الدوحة مع «طالبان»

GMT 20:43 2021 السبت ,27 شباط / فبراير

منطقة «سندريلا» في حالة تمرد

GMT 03:46 2021 الجمعة ,19 شباط / فبراير

بازار الوساطة الإيرانية

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria