الانتخابات الأميركية حلقة من حرب ثقافية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

الانتخابات الأميركية... حلقة من حرب ثقافية

الانتخابات الأميركية... حلقة من حرب ثقافية

 الجزائر اليوم -

الانتخابات الأميركية حلقة من حرب ثقافية

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

رغم أننا لم نبلغ بعد ذروة الأحداث في الأسبوع الأخير من الانتخابات الرئاسية داخل الولايات المتحدة، يبقى ثمة أمر واضح بالفعل: كان ذلك حدثاً استثنائياً في تاريخ الديمقراطية الأميركية البالغ عمرها 200 عام.
بداية، كانت هذه المرة الأولى التي يجري خلالها التنافس في الانتخابات خارج قواعد منظومة الحزبين التقليدية، فالحزب الجمهوري، من جانبه، لم يطرح بياناً أو برنامجاً، ما سمح للمنافسة الانتخابية أن تتحول إلى مبارزة بين الرئيس دونالد ترمب وخصومه. وأدى هذا الأمر بدوره إلى إسباغ صبغة شخصية على الانتخابات على نحو لم يحدث من قبل قط.
في المقابل، طرح الحزب الديمقراطي برنامجاً بالفعل، لكن كان الهدف من الجزء الأكبر منه سد الفراغ ـ برنامج نصفه يلغي النصف الآخر. وادعى المرشح الرئاسي عن الحزب، جو بايدن، أن لديه خطة سرية للتعامل مع «كوفيد ـ 19»، لكن دار الجزء الأكبر من حملته حول مناهضة ترمب ومحاولة اجتذاب التأييد من فئات متنوعة من المجتمع بناءً على هذا الأساس.
أما الجمهوريون، فقد عانوا انقساماً مع المؤسسة القديمة داخل الحزب واختار بعض الآملين في الصعود اتخاذ مواقف مناهضة لترمب. وداخل الحزب الديمقراطي، حاول اليسار التركيز على الفوز في انتخابات الكونغرس، بينما صوت لصالح بايدن على مضض. وعلى امتداد شهور قبل الانتخابات، توقعت استطلاعات الرأي تحقيق بايدن فوزاً ساحقاً مع وقوع تسونامي أزرق يكتسح ترمب والقطاع الداعم له داخل الحزب الجمهوري، ويلقي بهما في غياهب النسيان.
ومع ذلك، أخفق جناح الانفصاليين داخل الحزب الجمهوري في تقليص نفوذ ترمب والمعسكر الداعم له، وبالتالي خلق قاعدة لهم من أجل خططهم المستقبلية. وتكشف النتائج أن أنصار الحزب الجمهوري خرجوا بأعداد غفيرة لمؤازرة مرشحهم، وكان من شأن ذلك تمكين الحزب المنقسم على نفسه من زيادة أعداد مقاعده داخل مجلس النواب، والاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ.
على النقيض نجد أن الجناح اليساري داخل الحزب الديمقراطي فشل في تحقيق الفوز الثوري الذي كان يطمح إليه. ورغم أن السيدات الأربع اللائي عملن على تحفيز اليسار احتفظن بمقاعدهن، اختار الناخبون الديمقراطيون في أغلب الحالات مرشحين من تياري الوسط أو اليمين، بمعنى أنهم اختاروا أشخاصاً أقرب إلى جو بايدن عنها إلى بيرني ساندرز.
وكانت هناك مفاجآت أخرى، فقد عاين الديمقراطيون «تحالف الأقليات» الذي شكل العمود الفقري الانتخابي للحزب طيلة عقود يتخلى عنه لصالح ترمب. ونجح الرئيس الحالي في اجتذاب المزيد من أصوات الأميركيين من أصول أفريقية، بمقدار يقارب 50 في المائة، وفاز كذلك بنصيب أكبر من أصوات أبناء الأصول اللاتينية عن أي مما حصل عليه مرشح رئاسي من الحزب الجمهوري منذ عقود. في الوقت ذاته، خسر الديمقراطيون أصواتاً في صفوف الأميركيين اليهود الذين خرجوا للتصويت لصالح ترمب بأعداد غير متوقعة.
في هذه الانتخابات، أظهرت عبارة بيل كلينتون الشائعة «إنه الاقتصاد يا غبي!» حدودها، فقد استمر المزيد من الناخبين في الشعور بالثقة تجاه ترمب وقدرته في إصلاح الأوضاع الاقتصادية أكثر عن بايدن. وبالنظر إلى كل ما سبق، فإن المرء قد لا يملك سوى التساؤل: ما الذي دارت حوله هذه الانتخابات بأكملها في نهاية الأمر؟
من غير المجدي هنا إجراء تحليل على أساس التقسيمات الطبقية بالمعنى الماركسي. الملاحظ أن أعداداً أكبر من الأثرياء والميسورين من أبناء الولايات المتحدة صوتوا لصالح بايدن عن ترمب. كما نجح بايدن في جمع قدر أكبر بكثير من الأموال لصالح حملته الانتخابية عن ترمب. واللافت أن الجزء الأكبر من مؤسسة النخبة التجارية والأكاديمية والإعلامية صوتت لصالح بايدن، علاوة على غالبية المشاهير، من كبار وصغار. ومع ذلك، لم يكن ناخبو ترمب حصرياً من الطبقات الأدنى من المجتمع، والذين أطلقت عليهم هيلاري وصفاً رديئاً.
ومع ترك زاوية تقسيم الطبقات، من الواضح كذلك أن السياسة الخارجية لم تكن عاملاً جوهرياً هي الأخرى ـ في الواقع، لم يجر بشأنها حتى جدال ملائم بين الجانبين. وقد اتفق الجانبان على أن الصين تمثل تهديداً وشيكاً. ومع إعلانه شروطاً قليلة تجميلية لا أكثر، أقر بايدن المبادرات التي اتخذها ترمب لإحلال السلام في الشرق الأوسط. أيضاً، لم تكن سياسة الدفاع مصدراً للانقسام بين ترمب وبايدن، وأشار الأخير إلى أنه لن يلغي أعمال الحشد والتحديث التي بدأت في عهد ترمب. والآن، ماذا لو كانت هذه الانتخابات حلقة في حرب ثقافية حول الخطاب الوطني الأميركي؟
يدور الموضوع الرئيسي في الخطاب الوطني الأميركي حول أن ضحايا الاضطهاد الديني والقمع السياسي يأتون إلى «العالم الجديد»، وبفضل روح الريادة والعمل الدؤوب والتعطش إلى الحرية والإبداع، فإنهم ينجحون في تحويل أنفسهم إلى أبطال. وفي إطار هذا الخطاب، تظهر الولايات المتحدة باعتبارها تجسيداً للنجاح والبطولات الفردية.
من جهته، أعرب الكاتب الألماني إريش ماري ريمارك عن اعتقاده بأن المرء يدخل الولايات المتحدة تاركاً خلفه سيرته الذاتية، لينضم إلى القصة الأميركية العظيمة. كما صور كتاب غير أميركيين آخرين أمثال تشارلز ديكنز وإيفان بنين وإيليا إهرنبرغ وفرانتز كافكا وبارفيز داريش، الولايات المتحدة باعتبارها «أرض البدايات الجديدة» أمام كل من يفرون من «المظالم والأفكار القديمة».
وكتب ألين روبي غريليت عن تحدي تفعيل ضمير «أنا» على النحو المأمول بعدما ظل طوال حياته مفعول به داخل حياته من خلال الدين والتقاليد والسلطة المطلقة. وأشار إلى أنه فقط داخل الولايات المتحدة بمساحاتها الفعلية والاجتماعية الضخمة، يمكن للمرء أن يستعيد الضمير «أنا» بفعالية. ومع ذلك، يواجه هذا الخطاب تحدياً كبيراً اليوم من جانب قطاع كبير من النخبة الأميركية، خاصة الأكاديميين والإعلاميين، لصالح خطاب جديد يدفع بالمظلومية محل البطولة. في إطار هذا الخطاب، يجب أن تظهر أنك أو أسلافك تعرضتم بصورة ما للمعاناة، الأمر الذي يسبغ عليك وضعية الضحية الجديرة بالتعاطف والاعتذار والتعويض من «النظام».
وشكلت المظلومية المجاز الذي لجأ إليه غالبية المرشحين في هذه الانتخابات. على سبيل المثال، حرص بايدن على تذكير الجمهور بالوفاة المأساوية لزوجته الأولى في حادث سيارة وكذلك وفاة أحد أبنائه. كما تعمد إحياء ذكر اسمه الأوسط، روبينيت، للإشارة إلى المعاناة التي تكبدها أسلافه لكونهم بروتستانت داخل فرنسا الكاثوليكية. أما نائبة الرئيس، كمالا هاريس، فلم تتمكن من الإشارة إلى أي معاناة تعرض لها والدها المنتميان إلى أصول جامايكية وهندية تاميلية داخل الولايات المتحدة، لكنها استغلت كثيراً بشرتها الداكنة لكسب جزء من التعاطف الموجه لضحايا العبودية في «العالم الجديد».
أما ترمب، فقد تنقل ما بين دوري البطولة والضحية، وكثيراً ما صور نفسه باعتباره البطل المعبر عن الضعفاء الذي يقف ببسالة في وجه المؤسسة القوية المهيمنة. إلا أنه سرعان ما كان ينتقل إلى دور الضحية الذي تعرض للاضطهاد من جانب التيار الرئيسي من وسائل الإعلام. وكانت هناك مؤشرات أخرى على أن المرشحين ينأون بأنفسهم عن الخطاب الأميركي الكلاسيكي. على سبيل المثال، تحدث بايدن عن «مجتمعاتنا»، مشيراً بذلك ضمنياً إلى وجود مجموعات متنوعة جنباً إلى جنب، بدلاً عن إثارة صورة الإناء الذي ينصهر داخله الجميع. وتعهد بايدن حماية وتعزيز حقوق المجتمعات، متناسيا في خضم ذلك أن «وثيقة الحقوق» و«الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، وكلاهما منتج أميركي في الجزء الأكبر منه، يتعلقان بالحقوق الفردية، وليس الجماعية.
على مدار أكثر من قرن، قدمت الولايات المتحدة للعالم نموذجاً اجتماعياً وسياسيا واقتصاديا مختلفاً، وسعت ضمنياً لجعل الدول الأخرى أكثر شبهاً بها. ونجحت بالفعل في ذلك نجاحاً فاق كل التوقعات بالنظر إلى أن غالبية الدول اليوم أصبحت أنظمة ديمقراطية لديها دساتير ومنظومات اقتصادية رأسمالية تعتمد على السوق. وما يزال النموذج الأميركي الكلاسيكي الأكثر جاذبية بمختلف أرجاء العالم.
بيد أن المفارقة الكبرى هنا أن هذا النموذج يجري التشكيك فيه اليوم داخل الولايات المتحدة ذاتها. وبدلاً عن الرغبة في جعل الآخرين يشبهون الولايات المتحدة، يرغب قطاع كبير من المؤسسة الأميركية اليوم في جعل الولايات المتحدة أكثر شبهاً بالآخرين، خاصة النماذج الديمقراطية الاشتراكية الأوروبية.
وإذا كانت هذه الانتخابات تدور حول محاولة تغيير الخطاب الأميركي، فإنها قد أخفقت، ومع هذا فإن الحرب الثقافية الكبيرة أبعد ما تكون عن خط النهاية.

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأميركية حلقة من حرب ثقافية الانتخابات الأميركية حلقة من حرب ثقافية



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق

GMT 03:51 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الجديدة لعام 2017

GMT 23:41 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

"بن عمار" تشارك في مهرجان الربيع العربي بـ"سنديانة"

GMT 01:54 2017 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

كاتلين جينر تتألّق في فستان أزرق طويل بكتف واحد

GMT 09:28 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب التركي لكرة القدم يلاقي المنتخب القطري وديًا

GMT 06:11 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار تنعش الحركة الزراعية في المدينة المنورة
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria