أوروبا بين الخوف والأمل
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

أوروبا بين الخوف والأمل

أوروبا بين الخوف والأمل

 الجزائر اليوم -

أوروبا بين الخوف والأمل

أمير طاهري

كانت مدينة دريسدن الواقعة شرق ألمانيا في كل يوم اثنين خلال الشهور الـ6 الماضية محل تجمعات ترفع شعار «احفظوا أوروبا من الأسلمة». والجماعة التي تولت تنظيم تلك الممارسات تُطلق على نفسها اسم «الوطنيون الأوروبيون»، وتستخدم اسم (PEGIDA - بيغيدا) اختصارا، وتمكنت من تكوين 18 فرعا لها في مدن ألمانية أخرى.

دريسدن من المدن التاريخية وتتمتع بسجل ثقافي حافل وفني متميز. وهي أيضا مدينة مأساوية، حيث تحولت إلى أنقاض إثر القصف البريطاني الأميركي خلال المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية ثم عمل الجيش السوفياتي على نهبها، ثم قبعت وراء الستار الحديدي لتكون جزءا من ألمانيا الشرقية الشيوعية.

حينما زرنا مدينة دريسدن لأول مرة في عام 1974، كانت المدينة لا تزال تعلن عن جراحها التاريخية في شكل توابيت متفحمة من المباني التاريخية، بما فيها الكنائس، والتي تُركت كعلامة بائسة على الماضي البغيض. ولكن، وفي ذلك الوقت، كانت المدينة تستعيد ما يكفيها من الجرأة والشجاعة لتغذية المعارضة ضد الإمبراطورية السوفياتية. فلقد كانت من المواضع القليلة للغاية في ألمانيا الشرقية التي تجرأت على التواصل مع الزائرين الأجانب، وبمزيد من الأهمية، إشعار المراسلين الأجانب بلمحات عن مشاعرهم الحقيقية. وبالتالي، لم تكن مفاجأة كبيرة أنه، منذ حقبة الـثمانينات فصاعدا، قادت مدينة دريسدن ثورة شعبية متنامية ضد نظام الحكم الشيوعي. وبحلول منتصف الـثمانينات كانت دريسدن موطن المظاهرات الأسبوعية الداعية إلى إسقاط حائط برلين. وأحد الشعارات الرئيسية في تلك المظاهرات كان «امنحوا الناس حرياتهم!».

وبدأت حركة (بيغيدا) مظاهراتها انطلاقا من تلك التجمعات الأسبوعية التي اعتادتها المدينة في الماضي.

هناك، برغم ذلك، عدد من الاختلافات الجوهرية بين الماضي والحاضر. وفي واقع الأمر، إذا ما أراد أحدنا أن يكون قاسيا في حكمه على حركة (بيغيدا) فإنه قد يشير إلى أن التجمعات الأسبوعية ليست إلا رسوما كاريكاتيرية لتلك المظاهرات التاريخية المناهضة للشيوعية في الماضي.

وأول تلك التباينات هو أن مظاهرات «امنحوا الناس حرياتهم!» كانت تهدف إلى إسقاط الجدار الفاصل بين شطري ألمانيا، بينما تدعو تجمعات (بيغيدا) إلى تشييد جدار جديد، وإن كان جدارا قانونيا وسياسيا. وطالبت المظاهرات القديمة بحرية انتقال وتحرك الناس أينما شاءوا. بينما تطالب التجمعات الجديدة بعدم السماح لفئة معينة من الناس بالذهاب إلى حيث يمكنهم الذهاب حتى لو كانوا يفرون من نظم حكم قاتلة مثل نظام بشار الأسد في سوريا.

والفرق الثاني يكمن في أن المظاهرات القديمة تحدت خصما يسهل تحديده والتعرف عليه بناء على أسس آيديولوجية وتنظيمية. فلقد كانت الإمبراطورية السوفياتية واقعا ملموسا، وكانت كتلة واحدة متفردة بهياكلها الآيديولوجية، والسياسية، والعسكرية، والأمنية، ولديها مصطلحاتها العابرة للحدود من جبال الألب الأوروبية وحتى الشرق الأقصى.

أما الإسلام، وهو هدف حركة (بيغيدا)، برغم كل شيء، فليس كتلة سياسية منفردة ولا هو آيديولوجيا ذات مصطلحات أو إمبراطورية مترامية الأطراف. ولا يمتلك الإسلام دبابات تجوب شوارع دريسدن أو أي مدينة ألمانية أخرى لذلك الغرض. ومن المثير للسخرية، أن مدينة دريسدن، من بين كافة المدن الألمانية، بها واحدة من أدنى النسب المئوية للسكان المسلمين ومن المهاجرين بصورة عامة.

أما الفرق الثالث، وربما أكثر الفروق أهمية، فهو أن المظاهرات القديمة كانت مستوحاة من الأمل وموجهة ناحية المستقبل بينما تخرج تجمعات اليوم من رحم الخوف مع وعود بالعودة إلى ماض لم يكن له سابق وجود.

وأخيرا، تلقت المظاهرات التاريخية المناهضة للشيوعية دعما كبيرا من كلا شطري ألمانيا المنقسمين حينها ومن خارجها كذلك، وبالتالي انطلقت في تيار واحد. أما التجمعات الجديدة، برغم ذلك، شطرت ألمانيا نصفين إثر المسيرات المناهضة لحركة (بيغيدا) والتي نُظمت في أكثر من 10 مدن ألمانية، وعلى نطاق أوسع في بعض حالاتها.

الأسوأ مما تقدم، من زاوية زعماء (بيغيدا) أنفسهم، أن موقفهم المناهض للإسلام، في حقيقة الأمر، يحول دون مناقشة قضية الهجرة بصورة مناسبة، وهي من القضايا المهمة في عامة أوروبا، ناهيكم عن موقف الإسلام كآخر الأديان ذات الجماهير العريضة في القارة القديمة. كان يسيرا على النخبة السياسية الأوروبية الصحيحة أن تسم حركة (بيغيدا) بالحركة النازية الجديدة ومقارنة حملتهم بتلك التي أطلقها هتلر ضد اليهود. ولغلق الباب أمام أي مناقشة في ألمانيا من السهل في غالب الأمر استدعاء أيام الرايخ الثالث البغيضة وتطويع مفهوم «عقدة الذنب التاريخية» كسوط يضربون به على عقدة الصمت والخنوع الألمانية.

تشير حركة (بيغيدا) إلى عدد من المشاكل الحقيقية ولكنها توفر لها حلولا خاطئة، وفي بعض الأحيان، خطيرة. تمر أوروبا بأزمة هوية نشأت إثر تلاشي تراثها المسيحي، وأوجه القصور التي تتعرض لها باستمرار بسبب الديمقراطية، وفقدان الثقة في نظام اقتصادي يعد بالكثير ويحقق القليل.

وبالتالي، تأتي حركة (بيغيدا) جزءا من الشعور الواسع بالضيق والانزعاج الأوروبي والذي أعطى دفعة قوية للجماعات الراديكالية المتطرفة على طرفي النقيض اليميني واليساري على حد سواء. والحركات المشابهة لحركة (بيغيدا)، ومنها الجبهة الوطنية الفرنسية، وحزب الاستقلال البريطاني، وحركة (سيريزا) اليونانية، وحركة (إنديناندوس) الإسبانية، والديمقراطيون السويديون، من بين حركات أخرى كثيرة، بينها وبين الشعور الواسع بالضيق والانزعاج حالة من التغذية المتبادلة والمتواصلة. ظلت حالة الضيق الثقافي الأوروبية محل التأملات والتكهنات لما يربو على عقد من الزمان، حيث ألف البابا راتزينغر الراحل كتابين حولها، مشيرا إلى إحياء الجذور المسيحية في القارة، وهو موقف لاقى أصداء متعاطفة بين أصحاب الفكر الحر من الألمان، وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس.

تُشجع الحركات مثل (بيغيدا) أولئك الساعين إلى تشييد جدار وقائي ضد أي نقاشات مناسبة لعدد من القضايا المعقدة ومن بينها العلاقة بين أوروبا وسكانها من المسلمين. ومع ذلك، فإن ذلك الجدار الوقائي من شأنه أن يقيم غيتو ثقافيا، مما يُصعب الأمر كثيرا على أوروبا لكي توفر لسكانها المسلمين مساحة ملائمة بينما تواجه بعض المسلمين الآخرين بمشاعر الإقصاء والرفض التي، بدورها، تجتذب ملايين من الشبان المسلمين الأوروبيين ناحية كاريكاتير «الجهاد الدموي» الذي تقدمه جماعات الإرهاب الشرق أوسطية ومن بينها الخلافة التي أسسها تنظيم داعش.

وفي حين أن الأمل لا يوحي دائما بالإبداع في مناحي التاريخ، إلا أن الخوف بلا شك يقود إلى الهزيمة الذاتية المدمرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا بين الخوف والأمل أوروبا بين الخوف والأمل



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 00:16 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صيحة جديدة من مكياج "المونوكروم" لموسم خريف 2017

GMT 17:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار تامر شلتوت سفيرًا للسلام في مهرجان ابن بطوطة الدولي

GMT 14:53 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب سلة الأهلي يواصل برنامجه التأهيلي في الفريق

GMT 11:36 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 20

GMT 21:44 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات ترتيب المطبخ وتنظيمه بشكل أنيق

GMT 02:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤسسات لبنانية تستثمر في إنتاج 2.6 ميغاواط كهرباء من الشمس

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 08:31 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بيروجيا إحدى بوابات التعليم للأجانب في إيطاليا

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

انطلاق تصوير الجزء الثاني من مسلسل عروس بيروت في تركيا

GMT 19:14 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

علي النمر يبدي سعادته بتحقيق فريقه الانتصار أمام الأهلي
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria