بين عصر التحرر وعصر الحرية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

بين عصر التحرر وعصر الحرية

بين عصر التحرر وعصر الحرية

 الجزائر اليوم -

بين عصر التحرر وعصر الحرية

بقلم : غسان الإمام

هل كان جمال عبد الناصر ديمقراطياً؟ أبداً. كان الرجل ديكتاتوراً عسكرياً. شأنه في ذلك شأن نده الجنرال خوان بيرون رئيس الأرجنتين المحبوب. لماذا، إذن، أحب العرب عبد الناصر؟! تسامح العرب مع عبد الناصر. فقد عاش في عصر التحرر. لا في عصر الحرية والديمقراطية.

كان عبد الناصر في مقدمة زعماء العالم الذين ناضلوا من أجل تحرير الشعوب، ومنها العرب، من الاستعمار الأوروبي البغيض. ثم كان من المؤسسين لحركة «عدم الانحياز» مع الهندي نهرو. واليوغوسلافي تيتو. والأفريقي نكروما... وكان الهدف مواصلة التحرر من الاستعمار. وتطبيق «الحياد» في الحرب الباردة بين روسيا الحمراء. وأميركا وأوروبا.

لماذا احتل التحرر من الاستعمار هذه الأهمية الكبيرة، بحيث بات عنواناً لعصر مميز امتد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1945) إلى تحرير فيتنام نهائياً في عام 1975؟ لأن التحرر تأخر خمسين سنة، نتيجة مخادعة أوروبا الاستعمارية لحليفتها أميركا في الحرب العالمية الأولى (1914/ 1918).

في «العصر الجميل» الذي ساد أوروبا بعد الحرب بين ألمانيا وفرنسا (1870)، هدأ أوار الحروب في القارة العجوز. لكن اشتد التنافس على استعمار واحتلال بلدان عربية تطل على الشاطئين الجنوبي والشرقي للمتوسط. وبالذات سوريا. ولبنان. ومصر. وليبيا. وتونس. والمغرب.

انتهى «العصر الجميل» بنشوب الحرب العالمية الأولى بين ألمانيا من جهة. وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى، وذلك لأسباب استعمارية تنافسية. ولأسباب اقتصادية تمثلت بفرض الحواجز والرسوم الجمركية. والحماية التجارية.

وخلال تلك الحرب، لفظت دولة الخلافة العثمانية أنفاسها اللاهثة الأخيرة. وعاشت روسيا ثورتها الشيوعية. أما أميركا فكانت تعيش مرحلة رومانسية قصيرة. مع مثاليات الرئيس وودرو ولسون عن تحرير الشعوب. ومع أفكار شلة المفكرين المعاصرين للصحافي الكبير والتر ليبمان المنادي بالإصلاح الاجتماعي.

تمكنت بريطانيا وفرنسا من جر أميركا إلى الحرب معهما ضد ألمانيا. مع وعود خادعة لولسون بالبدء بتصفية الاستعمار بعد الحرب. كان مؤتمر فرساي (1919) مؤامرة استعمارية كبيرة خيبت آمال الرئيس الأميركي المثالي. فقد فرضت بريطانيا وفرنسا الانتداب على بلدان كثيرة، عبر «عصبة الأمم». وكانتا قد اتفقتا سراً خلال الحرب على اقتسام المشرق العربي: سوريا ولبنان لفرنسا. العراق. والأردن. وفلسطين، بالإضافة إلى مصر، لبريطانيا.

كانت الصدمة الكبيرة من نصيب أميركا والعرب، إلى درجة أن الرئيس ولسون راح يهذي، وهو يجول في أنحاء البيت الأبيض، مخاطباً صور الرؤساء الذين سبقوه. لكن الجرأة دفعت بالزعيم السوري الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، إلى المناداة بانتداب أميركي على سوريا، إذا لم يكن بد من فرض الانتداب الأجنبي.

لماذا أميركا؟ لأن أميركا لم تكن رسمياً تملك مستعمرات. ولم تكن الصهيونية قد نقلت بارودتها من الكتف الأوروبي إلى الكتف الأميركي. ولأن الشهبندر المثقف كان متابعاً لمرحلة ولسون المثالية التي جاءت بعد مرحلة الرئيس تيودور روزفلت الذي كانت سياسته الخارجية تعتمد على قوله: «تكلم بنعومة. واحمل هراوة غليظة».

اتسم عصر التحرر العربي بالنضال الناجح ضد الاستعمار، على أساس الإيمان الوطني والقومي في مصر والمشرق. وعلى المزج بين الوطني. والديني في بلدان المغرب. وتمت هنا وهناك التضحية بالدم. والروح. والمال. وفي نضالات كثيرة، جرى تبنى الديمقراطية (الغربية) كأداة لحماية مرحلة النضال والتحرر من الفوضى. ومن الاحتكار لصالح تنظيم نضالي معين. أو حركة تحرير فردية.

بعد الحرب العالمية الثانية (1945)، تحررت دول عربية كثيرة. لكن عصر الحرية لم يكن على مستوى طموح الأمة العربية. فقد قطع الاستقلال الطريق على الدولة العربية الكبرى. دولة الوحدة القومية القوية المهابة. المطلة على مفاصل أهم القارات. والبحار. والمحيطات.

وأحيطت «الاستقلالات» بأنواع مختلفة من التبجيل لحدود التقسيم وللكيانات المجتزأة. والأسوار الراقصة على أنغام الطبلة. والدربكة. والمزمار المصاحبة للأناشيد الاستقلالية. ونشأت عن الانفصال خصوصيات نفسية محلية، باعدت بين المجتمعات العربية الشقيقة والمتجاورة. وشلّت جامعة «التضامن» بين الدول العربية. بل أدت الخصوصية السورية إلى إحباط الوحدة مع مصر (1961).

بعد مرور نحو خمسين سنة على الانتقال من عصر التحرر إلى عصر الحرية، بقيت السعودية التجربة العربية الوحدوية الوحيدة. صمدت الدولة. فقد وحدت منذ أكثر من مائة عام قلب الجزيرة العربية، بحيث باتت اليوم، باتساعها ومواردها، العمق الاستراتيجي للأمة العربية.

وبعد انتقال مركز الثقل السياسي - المادي العربي إلى الخليج، أصبحت السعودية الدولة العربية الأولى، من حيث القوة الاقتصادية. والمصداقية السياسية. والمهابة والاحترام في العالم. والدولة الفاتحة حدودها لملايين العرب العاملين. والدولة التي تتحمل اليوم عبء التصدي للاختراق الفارسي لدول «الاستقلالات والكيانات» التي طاولها الصدأ والاهتراء من الداخل والخارج.

هل عصر الحرية في خطر؟ هل الديمقراطية التي كانت المحرك. والملهم. والحامي للنظام الرأسمالي الصناعي. والتقني. ثم الإلكتروني، على مدى 250 سنة، قد فقدت زخمها. وتوشك أن تفقد قيمها. وتقاليدها. وثقافتها. وقدرتها على مكافحة الفساد؟

عندما ابتكرت الرأسمالية مبدأ «العولمة»، اعتُبر إنجازاً رائعاً للنقل السريع للمال. وللديمقراطية. وللثقافة. والاستثمار. والتنمية. لكن العولمة تبدو اليوم جسراً طويلاً. غامضاً نحو الظلام. نحو كآبة المجهول. فقد تعطلت الطبقة العاملة في البلدان المتقدمة، بنقل شركاتها. ومصانعها إلى العالم الثالث. العالم الأرخص. ولم يعتنق العالم النامي ديمقراطية حقيقية حامية لحرية التعبير. ولحقوق العمال والعاملين.

ونشأت حركات وأنظمة شعبوية جديدة لا مبالية بالحرية والديمقراطية. ولا هي على اليمين. ولا على اليسار. ومستعدة للنزول إلى الشارع لتحدي الرأسمالية، في منتدياتها ومؤتمراتها. والمعركة اليوم محتدمة في أوروبا بين النظم الديمقراطية التقليدية. والحركات الشعبوية الآتية من أميركا اللاتينية. والولايات المتحدة الأميركية.

أين العالم العربي العالق في هذا الممر الضيق الصاخب، بين عصر التحرر وعصر الحرية؟ لا دولة الاستقلال تحولت إلى دولة الوحدة القومية. ولا عصر الحرية كان عصر الديمقراطية. لا الأنظمة واثقة بمجتمعاتها وشارعها. ولا الانتفاضة حافظت على الهوية القومية. وعلى روادها من شباب الإنترنت المنتمين إلى الطبقة الوسطى. على العكس، فقد أنجبت الانتفاضة حركات انتهازية. مشرذمة. بلا هوية. وبلا مبدأ. وهي أسوأ من الأنظمة التي ثارت عليها. بل ها هي تتعاون مع هذه الأنظمة لتغييب وتهجير قوى الإنتاج. والإبداع في المجتمع، وللقضاء على قوى العقل والمنطق.

لا حل إلا بالعودة إلى الأصل. إلى التمسك الصريح بالهوية الأعمق من الطائفة. والمذهب. والعنصر. والأوسع من النزوح. والهجرة. لكن لا عروبة من دون ليبرالية تحافظ على التوازن بين الأمن والحرية. بين التقاليد والديمقراطية. بين الممنوع والحوار الحر، إذا أردنا أن نجتاز الحاضر السيئ إلى مستقبل أفضل.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين عصر التحرر وعصر الحرية بين عصر التحرر وعصر الحرية



GMT 00:57 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الـ«روبوت» ينافس الصين في هذا القرن

GMT 05:21 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السلطة والإدارة والتنمية

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 06:22 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شخصيات وراثية

GMT 06:14 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رؤية للمستقبل من خلال الحاضر العربي

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria