الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»

 الجزائر اليوم -

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»

غسان الإمام

تزوج كارل ماركس فتاة بورجوازية نبيلة وجميلة أخلصت له. وتحملت معه فقره وشقاء إقامته المتواضعة في مهجره الرأسمالي بلندن. فخانها مرارا. بل وأنجب من خادمتها. واضطر صديقه ومموّله الوفي رجل الأعمال الإنجليزي إنجلز إلى أن يتبنى ابنه غير الشرعي، كي لا يجرحا عواطف الزوجة. لكن ماركس ظل وفيا لطبقة البروليتاريا التي أخطأ في الرهان عليها، كالطبقة الاجتماعية المدعوّة للثورة على طبقة زوجته وصديقه الرأسمالية. لا أومن بالصراع الدموي للطبقات. غير أن مفكري الاقتصاد الرأسمالي استفادوا من ابتكار ماركس «لفرز» المجتمع إلى طبقات، في جعل الطبقة الوسطى هي المستهلكة والمهندسة لاقتصاد الوفرة الرأسمالي، فيما حولت طبقة البروليتاريا النظام الشيوعي إلى دولة بيروقراطية مرعبة. وكان عليها أن تنتظر، للطرافة البالغة، طبقتها الوسطى، لتحقيق ثورة بلا دماء. وبلا رصاص. كنا كلما سألنا الرفاق الماركسيين الذين شمُّوا الهواء بانتظام في بلغاريا وروسيا، حدثونا بفخر وإعجاب عن المنجزات التي وُضع من أجلها الرفيق لينين للعرض في تابوت زجاجي ما زال حبيسا له. ثم فاجأنا القوميسار. المتمرد بوريس يلتسين بتوريث الدولة الجديدة إلى الضابط المخابراتي فلاديمير بوتين الذي يسلح بشار بأسلحة الدمار التي قتل ويقتل بها عشرات الألوف من أبناء الطبقة الوسطى في حلب. حمص. حماه... قصف بشار الطبقة الوسطى السورية التي لم تتمرد عليه. ولم تنضم إلى الثورة الريفية/ الجهادية التي اجتاحت المدن المذكورة. أما الطبقة الوسطى الدمشقية فهي تعتقد أن بشار يحبها حبا جمّا. وليس مستعدا لتدمير أحيائها فوق رؤوسها، كما فعل بالمدن المذكورة. تحت عسف نظام طائفي جائر، بلا أية ثقافة فكرية، أو رؤية اجتماعية، نشأت في سوريا، خلال السنوات الخمسين الأخيرة، طبقة وسطى عريضة، في المدن الكبيرة والبلدات المحيطة بها التي تحولت إلى مدن صغيرة. كان ازدهارها النسبي من صناعتها الذاتية. فقد اعتمدت على جهدها، في تحصيل المال من الخليج، أو من الاتجار بالأرض التي تمتلكها. ولم تكن هذه الطبقة الميسورة الحال نسبيا والنشيطة جدا في العمل. والتجارة. والبناء العقاري، بأحسن حالا من النظام، على مستوى الفكر. والثقافة. غياب الثقافة حرمها من القيم الفكرية والسياسية التي تنطوي عليها الطبقة الوسطى الأوروبية، في الإيمان العميق بديمقراطية الدولة والمجتمع، والاستعداد للموت في الدفاع عن الحرية السياسية والاجتماعية، كما فعلت وضحّت بعشرات الملايين في الحرب العالمية الثانية، لإسقاط الفاشية العنصرية. بدأت الحرية الدينية تأخذ بُعدا نفسيا في أوروبا منذ بدء ازدهار الطبقة الوسطى، خلال القرون الثلاثة الأخيرة، فيما تعرضت الطبقة الوسطى السورية والعربية إلى «غزو» ديني مكثف! الطريف هنا غض النظام النظر عن التربية الدينية المكثفة والسرية التي مارستها المرجعية التقليدية الدينية والمرجعية السلفية و«الجهادية»، فيما مُنع الحزب الإخواني من ممارسة نشاطه، بعد نجاح النظام في استئصاله مؤقتا بمجزرة حماه (1982). عقد النظام وفاقا شفهيا مع المؤسسة الدينية التقليدية وَفَّرَ نوعا من الحرية الدينية. لاقى ذلك ترحيبا لدى الطبقة الوسطى السنية في المدينة الكبيرة، وليس في الريف المتذمر الذي لاقى لا مبالاة النظام في الاهتمام بالخدمات، لا سيما في تخطيط وخدمة المدن الصغيرة، فكان البناء العشوائي سمة التشويه الغالبة على التوسع العمراني فيها. غير أن المرأة السورية هي التي تعرضت إلى «غزوة» دينية حقيقية. خلال السنوات الخمسين الأخيرة، نتيجة لنجاح التنظيمات الدينية التقليدية والسلفية والجهادية، في جعل البيت شبه السري مركزا للتلقين الديني. وتم غسل دماغ المرأة السورية الأمية أو شبه المتعلمة، من أي أفكار عن الادعاءات المبالغة عن «تحرر» المرأة العربية. اشتراكية النظام تحولت إلى رأسمالية متوحشة. شراهة النظام في ابتزاز الطبقة الوسطى المزدهرة أفقدت هذه الطبقة قيم الطبقة الوسطى الأوروبية في احترام القانون. فبات ساذجا أو غبيا، في عرف الرأي العام، كل من لا يتعامل بالرشوة مع المجتمع والغير، لتحقيق الربح الفاحش. وتقدمت العائلة والطائفة لتستغلا الاقتصاد المدني والعسكري (استيراد. تصدير. مقاولات وتوريدات الجيش. وقوى الأمن). حلف الطبقة البورجوازية التجارية والصناعية لم يهتز مع العائلة والطائفة. فاستفاد كبار المتمولين السنة والشيعة المسيطرين على الغرف التجارية والصناعية أيضا من رأسمالية النظام «الاشتراكية»، في تحقيق أرباح واستثمارات توقفت مع نشوب الثورة وتدمير المصانع. وتفجرت بالهرب إلى الخارج. أما تجار الجملة والتجزئة من الطبقة الوسطى الذين نجح آباؤهم في قلب نظام عبد الناصر، وإنهاء الوحدة القومية مع مصر، من خلال تحريض أبنائهم الضباط متوسطي الرتب في الجيش (1961)، هؤلاء ليس لهم أبناء اليوم في الجيش الطائفي لتغيير الوضع. وبالتالي فتجارة البازار أصيبت بكارثة حقيقية، بانعدام الأمن. وتدمير الأسواق. والمصانع. التذمر شديد لكن مكتوم تحت الضغط الأمني. الثورة المسلحة ليست من قيم الطائفة الوسطى. فهي جبانة بالمقارنة مع ثوار البروليتاريا الريفية أو العمالية. كان الحل بالهرب إلى الخارج مع كبار البورجوازيين حاملين معهم أموالهم. هذه المرة ليس إلى لبنان كالعادة، وإنما أيضا إلى أوروبا واسكندنافيا (دول الشمال). تريفت الثورة وتأسلمت. غزا الريفيون الفقراء والبسطاء مدينة الطبقة الوسطى التي هي أيضا مدينة النظام الفاسد وبطانته السنية التجارية والدينية. قتل الشيخ سعيد رمضان البوطي أكبر الدعاة الدينيين التقليديين الذي فتح له النظام دكانة تلفزيونية دينية، لاستعادة ولاء الطبقة الريفية الفقيرة، بعد فوات الأوان، وللمحافظة على سكوت الطبقة الوسطى. هذه هي حال الطبقة الوسطى السورية، في عصر النظام الطائفي الغارب. فكيف ستكون حالها وموقفها، إذا تمكنت الثورة الريفية من إقامة نظام ديني أو «جهادي»؟ من سوء حظ الجبهات الإسلامية و«الجهادية» أن خطف راهبات دير معلولا قدم صورة عالمية سلبية للمشروع السلطوي الديني في هذا البلد العربي. المسيحية السورية فصيل لا ينفصل عموما عن الشريحة العليا من الطبقة الوسطى. فهي تكاد تلامس في الثراء الطبقة البورجوازية التجارية والصناعية المرتبطة مصلحيا بالنظام الراهن. ولعل بطاركة المسيحية الشرقية يصدرون بيانا مشتركا عن «حياد» المسيحيين السوريين، في الصراع الطائفي البشع الذي هو الآن المرحلة الحاضرة في الحرب السورية. والغرض من البيان طمأنة الثوار المتأسلمين، إلى أن المسيحية لن تكون عميلة للنظام. تحدثت طويلا عن إشكالية التنظيم الديني المتسيس، في الثلاثاء الماضي. وها هو «خطف معلولا» يبلور مجددا عجز المشروع السياسي السلطوي الديني، عن ضمان المساواة في المواطنة للطوائف الدينية غير الإسلامية التي ضمنتها لها، نظريا أو عمليا، الدولة المدنية الحداثية، وضمنتها لها الدولة العربية المستقلة. أيضا، هل تقبل الطبقة الوسطى السورية المستوطنة للمدن الكبيرة مشروع الدولة الدينية؟ هذه الطبقة تقبلت وتعايشت مع نظام طائفي جائر لم يتعرض اجتماعيا لتقاليد غالبيتها السنية الدينية. وهي تعرف سلفا أن أي نظام ديني معتدل أو جهادي متزمت سيشهر السيف في وجهها، كما يفعل مع الطبقة الوسطى السورية في المدن الكبيرة التي هدمها النظام. الغالبية والأقلية في سوريا ضمنت لها الدولة المدنية والطائفية التقيد بالأحوال المدنية الشخصية لأديانها، في كل ما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث. من هنا، فلن يكون مشروع الدولة الدينية عبئا كبيرا عليها، إلا إذا مارس التدخل بالفرض والإكراه غير المألوفين لدى السنة السورية. لست متفائلا. فالصراع في سوريا قد يستمر، على الأرجح، حتى ولو سقط النظام الطائفي. الطبقة الوسطى هي التي ستكون ضحية الصراع، لأنها ستتمرد عاجلا أو آجلا، عندما تعرف أن الدين المتسيس ليس كافيا وحده لضمان أمن واستقرار البلد الذي يحكمه.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية» الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria