«المضحك المبكي»
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

«المضحك المبكي»

«المضحك المبكي»

 الجزائر اليوم -

«المضحك المبكي»

غسان الإمام

بعد الاشتباك الدموي المروِّع الذي شهدته فرنسا أخيرا، بين التطرف المتزمت في الدين، والغلو المتزمت في الحرية، أود أن أقدم صورة لصحافة الهزل الساخرة والناقدة. صورة عربية تختلف تماما عن صورة «شارلي إيبدو» الفرنسية الأسبوعية.

اعتبرت «المضحك المبكي» الحرية مسؤولية. فمارست السخرية بوعي وطني. وانضباط ذاتي. انتقدت الطائفية. فعطلتها مرارا سلطة الانتداب والاحتلال. ثم ضاقت بها دولة الاستقلال. فحجبها عن الصدور النظام الطائفي منذ 49 عاما.

ورث بشار نظاما فقيرا. فلم يملك أدنى اعتبار للحرية. والديمقراطية. ولحياة مواطنيه. وفي يوم مجزرة «شارلي إيبدو»، كان طيران بشار يقتل بحممه وبراميله المتفجرة أطفال باص المدرسة الذي يقلهم إلى منازل آبائهم في إدلب.

صدرت «المضحك المبكي» في يوم حار من أيام عام 1929، وكانت على غلافها صورة كاريكاتيرية لرئيس الحكومة الشيخ تاج الدين الحسني، بعمامته. وجبته. ووجهه الطفولي. أقرأ في العدد الأول. الافتتاحية قصيرة. تصف الشيخ تاج بأنه «قصير القامة. مكرش قليلا». السخرية ناعمة قد تحرج. لكن لا تجرح.

رجل دين يعمل في السياسة؟ كان الشيخ تاج ديمقراطيا. يقبل نقد صحيفة ساخرة. يؤمن بأن رجل الدين الذي يعمل في السياسة لا تحميه القداسة. أين سماحة الشيخ تاج من عصبية حسن نصر الله. ورعونة يوسف زُعَيِّن رئيس حكومة البعث (1966)؟!

كم تأخرت وتخلفت الديمقراطية عندنا! فقد هدد الأول محطة التلفزيون التي داعبته بالقصف والنسف. آمن بأنه محمي بـ«معصومية» الفقيه. وأودع الثاني سمير كحالة رئيس تحرير «المضحك المبكي» السجن. فقد طالب حكومة الأطباء الثلاثة بتأمين الدواء للشعب.

لكن لماذا صدرت «المضحك المبكي»؟ يجيب مؤسسها ورئيس تحريرها حبيب كحالة منذ العدد الأول: «لأن الهزل يزيل الهم. ويشرح الصدر. ويسهل الهضم». كان حبيب يكتب دعاباته. ويحرر مجلته، وهو في سريره. ثم يرتدي طربوشه. وبزته الأنيقة. ويطوق عنقه بعقدة «البابيون». ثم يذهب إلى النادي، ليسهر مع الساسة الذين داعبهم. أو يستقبلهم في منزله. فهم يعرفونه منذ أن أصدر «سوريا الجديدة» صحيفته السياسية اليومية في عام 1918 في عهد الدولة الفيصلية المستقلة.

كان أبي يقرأ «المضحك المبكي». بل كان صديقا لأبي درويش «الرجل الكاريكاتير» في المجلة، بعصاه القصيرة. وطربوشه الأطول قليلا من عصاه. ودعاباته اللاذعة. والدعابة السورية لاذعة. تقرص. وتلسع. والدعابة المصرية توقعك على قفاك من الضحك.

لا صحافة ساخرة بلا كاريكاتير. كان هناك 5 رسامي كاريكاتير في «شارلي إيبدو». قتل الإرهاب 4 منهم. ونجا الخامس ليرسم غلاف العدد الجديد. فأثار العالم الإسلامي مجددا على الصحيفة. كان مصطفى أمين في الأربعينات الكاتب الساخر والمخبر الصحافي الأول في مصر. كان في التاسعة والعشرين عندما أصدر أسبوعية «أخبار اليوم». وامتلكت الجرأة الرسام الكبير رخّا، فرافق قلم الصحافي الكبير، في محاولة هدم شعبية مصطفى النحاس زعيم «الوفد»، بالسخرية منه.

كانت «المضحك المبكي» جهدا فرديا مضنيا للحبيب. وكان هو أيضا رسام شخصيات الدعابات السياسية. ويتولى رسامون أصدقاء رسم أبي درويش والغلاف. ثم عثر رئيس التحرير على الرسام اللبناني خليل الأشقر. فتولى رسم الغلاف 8 سنوات، قبل أن يعود إلى لبنان، ليتولى رسم كاريكاتير «الشبكة» و«الأنوار» عقودا كثيرة.

استهوت السياسة الكتّاب الصحافيين. فغدا حبيب كحالة ومصطفى أمين نائبين في برلمانات الأربعينات. وخرجا من التجربة الأولى وهما يلعنان السياسة. وينتقدان فساد الحياة النيابية. وعندما أخرج السادات مصطفى من سجن عبد الناصر في السبعينات، لم يسمح له بالعودة إلى التدريس في الجامعة الأميركية قائلا: «يكفينا مصطفى أمين واحد». وعندما مات السادات، راح مصطفى يحضر جلسات المجالس النيابية في عهد مبارك، ليجلد حضرات أعضاء مجلس الشعب بدعاباته الصحافية الساخرة.

حبيب كحالة صحافي ساخر وكاتب جاد. خرج من مجلس النواب، ليؤلف كتابا (مذكرات نائب) عن أسرار الحياة النيابية والسياسية. وذهب في غضبه ومرارته، إلى حد التشكيك في قيمة الديمقراطية، مركزا على العامل الثقافي في تهيئة العرب للقبول بالمبدأ الديمقراطي. لا أريد أن أطيل في مجال نقد التجربة النيابية. أخشى أن تقضي ذرائع حبيب كحالة القوية على مستقبل الحياة النيابية، بعدما أصبحت مجالس الشعب والنواب مكاتب لبصم سياسات الأنظمة وقرارات الحكومات.

توفي حبيب كحالة غمًا وهمًا، في ذروة أزمة مجلته مع «البعث» الطائفي الذي اغتال مائة سنة من تاريخ السخرية في الصحافة السورية. المضحك أن كتّاب السخرية تكاثروا. المبكي أن الصحافة العربية تدَّعي الرصانة، لتخفي السخرية عن قلم الرقابة.

ورث محمد الماغوط أسلوب مصطفى أمين الساخر. لم يلجأ الساخران الكبيران إلى مزج الفصحى بالعامية، كما فعل السعدني وأحمد رجب. رسم أدونيس الماغوط شاعرا. فأبى الماغوط أن يموت إلا كأشهر كاتب عربي ساخر.

أنجب حبيب كحالة أسرة صحافية. ذهب نجله الأكبر جورج إلى باريس مراسلا لـ«المضحك المبكي». عندما احتجبت الصحيفة للمرة الأولى، انتقل جورج إلى الدبلوماسية. فسرحه حسني الزعيم! فتبنته الأمم المتحدة كبيرا لمترجميها العرب. توفي جورج منذ سنوات قليلة عن 87 عاما، تاركا نجله (جورج الثالث) رجل القانون أحد كبار المحامين اليوم في الولايات المتحدة.

ورث النجل الثاني سمير متاعب «المضحك المبكي» عندما تصدر. وعندما تحتجب. طور سمير تحرير الدعابات الساخرة بالكاريكاتير. توقعتُ له في الستينات أن يصبح رسام المستقبل في الصحافة العربية الساخرة. فسجنه يوسف زعين (1966).

خرج رئيس تحرير «المضحك المبكي» المحتجبة من سجن «البعث» ليعمل في المحاماة. عندما أضرب محامو سوريا مطالبين بتطبيق قوانين الحرية، وإلغاء الأحكام العرفية كان سمير رئيس تحرير مجلة نقابة المحامين (1980). لم يرتكب حافظ غلطة العمر، كما فعل ابنه بشار الذي استخدم السيف في موضع الغدر. ظل حافظ يعد السوريين بالديمقراطية إلى أن تمكن من تأميم النقابة. واعتقال المحامين المعتصمين.

نجا سمير. فهاجر إلى فرنسا. حاولت أن أقنع رئيس تحرير الصحيفة الساخرة المحتجبة بأن يصدرها من باريس عاصمة الحرية في العالم. آه. نحن الصحافيين السوريين كزملائنا المصريين. لا نملك جرأة

زملاء حملوا معهم صحفهم في طائراتهم، لإصدارها من العاصمتين «العربيتين» لندن وباريس.

اقتلع زبانية بشار حنجرة المغني الذي سخر منه. ثم حطموا أصابع رسام الكاريكاتير علي فرزت الذي ورث حلم سمير في صحافة عربية. حرة. ساخرة. ماذا يفعل سمير إذن في باريس؟ ما زال يتسلى منذ 30 سنة، بإثارة حزنه وحزني، برسم بيوت دمشق وأحيائها القديمة. وعندما يمل، يعكف على قراءة الرسائل التي ما زالت الصحيفة الشهيرة تتلقاها على الإنترنت.

وبعد، ماذا أقول عن «شارلي إيبدو» في المقارنة مع «المضحك المبكي»؟ أترك القول لزميلي سمير: «كانت (المضحك المبكي) في نقدها الساخر للغير أكثر سخرية. لكن لم توجه له إهانة. أو إساءة. كان أبي يمارس النقد للإصلاح. كان يعتقد أن للحرية حدودا. لا يجوز تجاوزها، وإهانة الغير ومس شعوره باسم الحرية. لكن لا أؤيد هؤلاء الرسامين سواء في الرسم، أو في النقد. فقد تجاوزوا حدود الحرية في جميع المجالات. نعم، فالحرية أولا وأخيرا مسؤولية».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المضحك المبكي» «المضحك المبكي»



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria