سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

سلامة الطيران: الراكب مفقود والواصل مولود!

سلامة الطيران: الراكب مفقود والواصل مولود!

 الجزائر اليوم -

سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود

غسان الإمام

سافرت بالطائرة مع الدكتور ناظم القدسي من دمشق إلى القاهرة. ولم يكن الرئيس السوري الأسبق من الرؤساء ورجال الأعمال الذين يملكون الطائرات. فقد كان راكبا عاديا كأمثالي. كانت الرحلة هادئة بلا مطبات. وكانت لشركة الطيران السورية سمعة جيدة في صيانة طائراتها اللا... حديثة. ولم تكن الطائرة محشوة بالبراميل المتفجرة. فلم يكن الرئيس بشار قد ولد بعد.
وللتخفيف من قلق الركاب، فقد ملأ الدكتور القدسي، رحمه الله، الرحلة بدعاباته الخفيفة واللاذعة، تماما كما فعل عندما كان رئيسا لمجلس النواب. وقد عرفته هناك. ولمست خفة ظله في إدارة الجلسات التي لم تفتني جلسة واحدة منها في عمر آخر برلمان ديمقراطي (1954 - 1958). ولم تكن حياة القدسي هانئة. فقد قلبه العسكر مرتين. وحبسوه في المرتين. وعندما توفي في المنفى، رفضت صحف «البعث» الحاكم نشر ولو خبر مختصر عن الوفاة!
في حياتي طائرات أكثر من السيارات. فقد عدت في الثمانينات من مدينة العيون في الصحراء المغربية إلى الرباط، على متن طائرة الجنرال أحمد دليمي وزير الدفاع المغربي. وأجريت معه الحديث الصحافي الوحيد في حياته التي ستنتهي فجأة، بعد ذلك الحديث «الطائر» بشهور قليلة.
وكان برفقة الجنرال دليمي زميله الجنرال الصامت عبد العزيز الدالي رئيس أركان الجيش المغربي آنذاك. وأذكر أن الجنرال دليمي سألني: «لماذا لم تواصل الطيران مع الجنرال عَبْرَق؟» وكان عبرق الطويل. الضخم الجثة، قائدا للجبهة الصحراوية المشتعلة آنذاك.
لذت بالصمت. لم أجب. فقد كنت أعرف أن الجنرال دليمي يعرف أن مروحية الجنرال محمد عبرق قد سقطت به. وقضى ضباط كبار كانوا يرافقونه. وكنت الناجي يومها. فقد سبق أن لاحظت أن عبرق كان يزيح جانبا قائد المروحية، ليتولى هو قيادتها. فكانت الريح تتلاعب بها وبنا. تمارضت في اليوم المشؤوم. بقيت جاثما على الأرض في العيون. فكتبت لي النجاة. وكان عبرق الناجي الوحيد من الركاب. لكن الملك الحسن الثاني، رحمه الله، غضب غضبا شديدا، فأقاله من قيادة الجبهة.
خلال الوحدة المصرية / السورية رافقت وفدا صحافيا مصريا زائرا لدول أفريقيا الغربية التي كان رؤساؤها أصدقاء للراحل جمال عبد الناصر في حركة «عدم الانحياز». وكانت المفاجأة الكبيرة لنا أن كل الذين استقبلونا في مطارات المنطقة كانوا من الإخوة اللبنانيين. ونكاية بـ«حسن... حزب الله». فقد كانوا من التجار ورجال الأعمال الشيعة المتحمسين للعروبة ولعبد الناصر. ما زال أنجال وأحفاد هؤلاء يمسكون باقتصاد المنطقة. ويؤدون «الخوة» التي يفرضها الحزب عليهم، بعد إفلاس إيران ممولته وراعيته.
لكن طائرة الركاب الصغيرة التي أقلتنا من داكار عاصمة السنغال إلى طنجة المغربية، وقعت في طريق العودة أسيرة الغيوم الكثيفة. لا بوابة. لا نافذة. لا «كابين». كنا جالسين خلف قائد الطائرة المحنك وشيبه يملأ رأسه. كان يدير الطائرة. وكأنه يتحرك في متاهة.
ويبدو أن الضغط الجوي في الطائرة قد اختل. فعانينا من تشنج في الوجه والعضلات. فسكبت المضيفة كأسا من عصير البرتقال على «جاكيتة» إحسان عبد القدوس الأنيقة. لم يغضب الصحافي الكبير تقديرا منه لجمال المضيفة. نزلنا في مطار طنجة مرهقين. لجأنا إلى حديقة المطار في انتظار إصلاح الطائرة. لم يهتم إحسان بالجاكيتة «البرتقالية» المبللة. كان مهتما بأن يعرف مني ما إذا كانت هناك ثورة على عبد الناصر في سوريا.
زودتني الجميلة زيورخ بنظارة سوداء. وكأن المدينة الجميلة النظيفة كانت تعرف أني سأطير إلى شمس مصر. استقبلني لدهشتي رجل نوبي في مطار القاهرة لوحت وجهه الأشعة اللاهبة. أضحكني الرجل. قال لي إنه نجل الفريق النوبي عبد الله النجومي باشا، أحد كبار ضباط القصر الملكي في عهد فاروق.
كان الرجل النوبي سائق «تاكسي». أوصلني إلى الفندق. حمل حقيبتي إلى غرفتي. غافلني وأنا أعد له الأجرة مع «البقشيش»، ففتح الحقيبة. أطبق على النظارة السوداء. ثبتها على عينيه المجهدتين شاكرا. وقائلا: «دي برضه النظارة التي وصفها لي طبيب العيون».
كانت أحلى أيام العمر تلك السنوات التي قضيتها في بيروت، بلا بلاوي الطيران. فلي فيها أهل أقرباء. وزملاء. وأصدقاء. ثم جاءت الحرب الأهلية. اغتيل الشهيد كمال جنبلاط. وغادر الصديق الكبير صائب سلام (والد رئيس الحكومة الحالية تمام سلام) فيلته الشعبية الكبيرة إلى المنفى. وغادرت أنا بيروت موجع القلب إلى باريس، في رحلة عمل لمدة شهر واحد. خسرت تذكرة الإياب. فقد أصبحت عاصمة الحرية مكتبا. ومنفى لي منذ 39 عاما. وباتت فرنسا وطنا عزيزا عليّ. وقد يضمني يوما ثراها.
الطائرة كوكب فضائي من ألمنيوم. وبلاستيك. وخشب خفيف. ولحوم إنسانية طرية. ألغت الطائرة سائر المركبات الأخرى. حلت محل الدابة. والسفينة. والسيارة، فباتت مركبة العالم. وستطير قريبا إلى الكواكب الأخرى، بتذكرة ذهاب. فهل تهمك تذكرة الإياب؟!
تحسنت كثيرا سلامة الطيران المدني. أحدث. وأقوى الطائرات هي التي تمتلكها شركات الطيران الخليجية والأوروبية. وأسوأها هي الروسية. والإيرانية. هناك كارثة جوية واحدة محتملة، من أصل 4.5 مليون رحلة.
لا تظن أن إرهابيا سيرافقك في الطائرة. الخطر الأكبر يأتي من الكهرباء. هناك 150 ألف متر من الأسلاك المتشابكة القابلة للالتهاب خلف جدران الطائرة الداخلية، إذا ما تعطل العازل للتماس الكهربائي.
منذ أسابيع قليلة، ألزمت فرنسا ساكنيها بتركيب أجهزة إنذار في كل بيت. هناك أجهزة إنذار بالحريق والدخان (أربعة حوادث يوميا) في الطائرات. المشكلة أن فرق الإطفاء. والإسعاف. والأطباء، لا تستطيع الوصول إلى الطائرة السابحة في الفضاء. هناك أسطوانات إطفاء، شرط أن تطفئ المضيفة الجميلة أولا القلوب الملتهبة.
الخطر الثاني في الطائرة يكمن في «كابين» القيادة. تحسنت تقنية إقفال باب «الكابين»، منذ أن اقتحم الإرهابيون «كابينات» الطائرات الأميركية. وقادوها إلى نطح ناطحات السحاب في نيويورك. غادر «كابتن» الطائرة الألمانية المنكوبة «الكابين» لزيارة «التواليت». فأغلق مساعده الانتحاري المريض نفسيا وراءه الباب. وهبط بالطائرة إلى حتفه. ومعه الطيار «المزحوم» و144 سائحا.
مسافر زاده الخيال تجنب ركوب الطائرة الماليزية الضخمة إلى فيتنام في ربيع العام الماضي. فما الذي قادها إلى الاختفاء في عباب المحيط الهندي، وعلى متنها 239 راكبا؟ مسافر آخر سعيد الحظ رفض ركوب طائرة ماليزية أخرى كانت تطير فوق حرب أوكرانيا. فأسقطها صاروخ «القوميسار» بوتين (سام 11)، وعلى متنها 298 راكبا وملاحا. لم ينجُ منهم أحد.
ما زال الذين يموتون على الأرض أكثر من الركاب الذين يتساقطون من الفضاء. ما زالت السيارة. القطار. الجريمة. البيئة الملوثة. المدينة المزدحمة. الأمراض الفتاكة، أشد خطرا من الطائرة. وما زالت الحياة، يا بنيَّ، أقوى من الموت. هذه سنة الحياة. نحن نطير. نركب الخطر. الراكب مفقود. والواصل مولود. يبقى الذين لا يصلون هم المسافرون، في تقديرنا، إلى المجهول. غيابهم المفاجئ يترك فراغا هائلا يثير الحزن الصاعق في قلوب الآباء. والأمهات. والأطفال. والعشاق. ثم نكفكف الدموع. ونواصل ركوب الخطر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria