سورية بين «نظرية» بريماكوف و«هجوم» بوتين
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

سورية بين «نظرية» بريماكوف و«هجوم» بوتين

سورية بين «نظرية» بريماكوف و«هجوم» بوتين

 الجزائر اليوم -

سورية بين «نظرية» بريماكوف و«هجوم» بوتين

جورج سمعان

 «العسكرة الروسية» في سورية لم تتضح معالمها كاملة بعد. لكنها بالتأكيد تندرج في إطار سياسة استراتيجية. إنها خطوة في إطار مشروع قديم. وتطور طبيعي لنهج الرئيس فلاديمير بوتين. نهج عبر عنه أفضل تعبير يفغيني بريماكوف في أكثر من مناسبة وكتاب وخطاب. حتى يخيل أن سيد الكرملين يسير على خطى نظرية صديقه الذي نعاه قبل أشهر. وصفه بأنه رجل دولة وعالِم وسياسي ترك إرثاً ضخماً جداً. وأنه أراد دوماً أن يستمع إلى آرائه في القضايا الدولية. وخلاصة النظرية أن بلاده الضعيفة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لا يمكنها مواجهة الولايات المتحدة والغرب عموماً. لكنها يمكن أن تعود قوة عظمى كما في السابق بالحفاظ على «الخارج القريب» من الفضاء الروسي. أي الجمهوريات السوفياتية السابقة. ثم الانطلاق بالتدريج نحو الأبعد. دعا إلى تمتين عرى «رابطة الدول المستقلة» (روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا ومولدلفيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان وتركمانستان وأوزبكستان وكازخستان وطاجيكستان وقرغيزستان). ونادى باكراً، مطلع التسعينات، بقيام «المثلث الذهبي» مع الهند والصين. لم يحض على مقاطعة أميركا بل حض على التفاوض معها. وبالفعل قاوم الرئيس الروسي سعي «الناتو» إلى ضرب طوق حول بلاده. لم يتردد لحظة، كما هو معروف، في اقتطاع أوسيتيا وأبخازيا من جورجيا عندما شعر بأنها تسعى إلى دخول الحلف، واستضافة جزء من «الدرع الصاروخية» للأطلسي. كما لم يتردد في القفز إلى أوكرانيا واقتطاع ما طالته يده. وهو يرفع عصا التهديد في وجه دول البلطيق بذريعة حماية المجموعات الروسية في هذه البلدان.

وبريماكوف هو أيضاً صاحب مقولة أن روسيا «لا يمكنها إلا أن تكون في الشرق الأوسط، ولا أريد أن يتكون انطباع لدى أيّ كان بأنها تنوي الذهاب من هناك». وهذا ما يريد تأكيده الرئيس بوتين من انخراطه العميق في الأزمة السورية. وهو استمع إليه بوجوب استعادة صداقات السوفيات التاريخية مع العرب، من مصر إلى العراق وما تيسر بينهما في الطريق. والواقع أن روسيا منذ أيام بطرس الأكبر تجد صعوبة في التصالح مع الغرب، أي أنها ترفض سيطرة أميركا وأوروبا عليها، ليس بمعنى القوة أو الحرب، بل بالمفاهيم الثقافية وطرق الحكم والإدارة وسياسة الناس. تؤمن بأن لها دوراً خاصاً ومختلفاً. والدعاية التي يروج لها الإعلام الروسي اليوم استعادة للإعلام السوفياتي: الغرب هو العدو. مع فارق واضح أن الناس كانوا أيام الحرب الباردة يتوقون إلى الانعتاق وعيونهم على أوروبا وأميركا. فيما تحفزهم اليوم روح قومية صاعدة. ويقفون خلف زعيمهم على رغم كل ما يقال عن المعارضة. وعلى رغم أن الأزمة الاقتصادية مستفحلة بفعل العقوبات وتدني أسعار الوقود.

ولا شك في أن الرئيس بوتين أفاد في «هجومه» من «قعود» الإدارة الأميركية الحالية، أو اعتكافها وترددها في المبادرة الجدية والمواجهة، ليعزز نفوذه ودوره في أزمتي جورجيا وأوكرانيا أو في أزمات الشرق الأوسط عموماً وسورية خصوصاً. وكان من سنوات بدأ بتحديث المؤسسة العسكرية وتحويل جيشه قوات محترفة معززة بأفضل الأسلحة. ومعروف أن موازنة هذه المؤسسة ربما كانت نسبياً الأكبر في العالم: نحو عشرين في المئة من الموازنة العامة للبلاد. التدخل في سورية إذاً يأتي في إطار مشروع وخطة ليسا جديدين. والهدف معروف: منع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد خصوصاً المؤسسة العسكرية، والحفاظ على الحضور الروسي الراجح في الشرق الأوسط وبناء قاعدة ثابتة في بلاد الشام. إضافة إلى استعادة العلاقات القديمة مع مصر والعراق. والهدف أيضاً جر أميركا وأوروبا إلى طاولة تفاوض تشمل أزمتي سورية وأوكرانيا وغيرهما من القضايا الكثيرة العالقة بين الطرفين. وكان اختيار توقيت التدخل مدروساً، وإلا لماذا لم يتم سابقاً عندما كان النظام في دمشق يتعرض لما تعرض له من تراجع في الأشهر الأخيرة؟ خطا الرئيس بوتين خطوته فيما المعنيون الآخرون بأزمة سورية منشغلون بأزماتهم. ولا حاجة إلى سرد ما تواجهه أميركا وأوروبا وتركيا ودول الخليج وإيران ومصر... من صراعات داخلية وحروب على حدودها، أوما تعانيه من تداعيات الاتفاق النووي وأزمة اللاجئين وغير ذلك مما بات معروفاً.

لذا ليس مبالغة القول إن الكرملين فرض قواعد جديدة على اللعبة. وما على جميع المعنيين بأزمة سورية سوى إعادة النظر في حساباتهم ومقارباتهم. والحديث عن احتمال رفع التحدي إلى حد الانخراط الميداني في الحرب يرفع وتيرة الضغط على هؤلاء. والهدف إرساء تسوية سياسية مرضية لموسكو، وفتح حوار في شأن الأزمات الأخرى وعلى رأسها أوكرانيا من أجل فك طوق العقوبات. وهذا هو الثمن الأساس الذي تريده روسيا. يمكنها أن تصبر على ضائقتها كما فعلت طهران التي لم تجد واشنطن في النهاية مفراً من الحوار معها. وقد نجح الرئيس بوتين حتى الآن في فرض أجندته على الجميع: أولوية الحرب على الإرهاب. وقد بدأ التنسيق بين القيادتين العسكريتين في موسكو وواشنطن. ولعلهما سيتقاسمان الأدوار: هذه تتولى «داعش» سورية، وتلك «داعش» العراق. ليس ضرورياً جلوس الطرفين الآن للبحث في سبل التنسيق. يمكن تكرار نموذج العراق حيث يخوض التحالف الدولي حربه على «الدولة الإسلامية» وتخوض إيران حربها هي الأخرى، كل بوسائله في أطار قواعد مدروسة ومصانة. والتنسيق نفسه هذا سينسحب أيضاً على الإسرائيليين الذين أغاروا أكثر من مرة على مواقع في قلب سورية بذرائع كثيرة. وهو ما سيحمله بنيامين نتانياهو إلى موسكو وهو يسمع بعض دوائره التي لا ترى ضرراً في الوجود العسكري الروسي إذا كان سيؤدي إلى إطالة الحرب التي تستنزف فيها إيران وينشغل بها «حزب الله»!

ولماذا لوم روسيا في فرض هذه الأولوية؟ أهل التحالف بدلوا في الأولويات. بريطانيا وفرنسا قررتا أخيراً، بعد أميركا، الانضمام إلى الطائرات الأميركية التي تضرب التنظيم الإرهابي في سورية. وأهملوا شروط أنقرة التي أصرّت على ضرب نظام الرئيس بشار الأسد أيضاً. صحيح أن القوى الغربية لا تزال تتمسك بشعار رحيل الأسد، لكن انخراطها العسكري في الأجواء السورية ليس عملياً سوى رفع أولوية محاربة الإرهاب على أي قضية أخرى. أي ان مواجهة الإرهاب لا تسير بالتوازي مع التسوية السياسية التي تصر عليها واشنطن والعواصم الغربية وبعض العرب. والسؤال اليوم: هل يبدل التدخل الروسي في المعادلات الحربية على الأرض؟ حتى الآن يصعب تحقيق إنجازات عجز عنها الجيش السوري وحلفاؤه. مثل هذا الأمر يستدعي الزج بآلاف الجنود. إذاً هل يكتفي الروس بإعادة هيكلة الجيش السوري ومده بالعتاد الحديث اللازم لضمان بقاء النظام في المناطق التي يسيطر عليها حالياً مع تحسين بعض المواقع هنا وهناك؟ أم أن هناك هدفاً آخر من الحرب على «داعش» «علناً» هو تحقيق إنجازات على الأرض ترغم كل أطياف المعارضة، خصوصاً «الائتلاف الوطني» والفصائل العسكرية التي تسمى معتدلة على تليين موقفها؟

من المسلم به أن الجبهات الساخنة التي تهدّد النظام يمسك بها «الجيش السوري الحر» والفصائل الإسلامية، من «أحرار الشام» إلى «جيش الإسلام» وغيرهما من ألوية و»جيوش». والانتكاسات الأخيرة التي أصيب بها كانت على هذه الجبهات، فضلاً عن تدمر التي استولى عليها تنظيم «الدولة الإسلامية». وأي تحرك روسي لاستعادة بعض ما فقده النظام يعني أن تشمل «الحرب على الإرهاب» حكماً كل هذه الفصائل «المعتدلة» وغير المعتدلة. في ضوء هذا الواقع ربما هدف التدخل الروسي إلى إرغام المعارضة على القبول ببقاء الرئيس الأسد، إن لم يكن لفترة معينة، فعلى الأقل القبول بتقاسم السلطة معه، كل في أرضه. علماً أن الأسد سيزداد تشدداً بعد الدعم الروسي. وهو أعلن أخيراً أن لا تسوية سياسية قبل دحر الإرهاب. أمام تطور كهذا لن يكون أمام المعارضة سوى خيارين: إما مواجهة التدخل الروسي وتوسعه، وإما القبول بخطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بلا أسئلة وتحفظات، على رغم ما يكتنف مآلاتها من غموض وتعمية، ومحاولة دفن بند الهيئة الحاكمة بصلاحيات مطلقة بين بنود أخرى كثيرة لا تعدو كونها مجرد قرارات وإجراءات يمكن هذه الهيئة اتخاذها مستقبلاً.

لا أحد يتوقع أن يجازف الرئيس بوتين في الذهاب بعيداً. لا تغيب عن باله تجربة أفغانستان. ومن المبكر توقع حدود التدخل في سورية. الثابت حتى الآن أن الولايات المتحدة لم تبد معارضة. بل سارعت إلى التنسيق. وقد ينتقل هذا من التكتيك العسكري كما قالت إلى حوار سياسي ما دام أنها هي الأخرى لا تمانع في «رحيل مؤجل» للأسد، ولا تريد سقوط النظام من دون ضمان «اليوم التالي». وإذا كانت موسكو ستساعدها على أهدافها الرئيسة في محاربة «داعش» فقد لا تجد غضاضة في مجاراتها في التسوية السياسية. وسيد الكرملين قادر على انتظار موعد لقائه مع الأميركيين والأوروبيين، ما دام أنهم سكتوا من قبل عن جورجيا وأوكرانيا. لكن الانتظار طويلاً ربما حمل مفاجآت غير محمودة، فالتدخل قد يتدحرج ليهدد «نظرية» بريماكوف و»هجوم» بوتين!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية بين «نظرية» بريماكوف و«هجوم» بوتين سورية بين «نظرية» بريماكوف و«هجوم» بوتين



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria