الأيام التي تركت بصماتها
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

الأيام التي تركت بصماتها

الأيام التي تركت بصماتها

 الجزائر اليوم -

الأيام التي تركت بصماتها

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

كان ذلك منذ وقت طويل. بذلت جهوداً غير عادية لإقناع محسن إبراهيم الأمين العام لـ«منظمة العمل الشيوعي» في لبنان بتسجيل بعض ذكرياته إذا تعذر عليه الذهاب إلى ما هو أبعد. وكان سبب إلحاحي مواصفات الشخص وخصوصية دوره، فضلاً عن علاقات وثيقة ربطته بثلاثة من رجال المنطقة وهم جمال عبد الناصر وياسر عرفات وكمال جنبلاط. وعلاقة إبراهيم بالزعيم المصري الراحل معروفة. وعلاقته بالزعيم اللبناني كانت حميمة. وشاءت المهنة أن أعاينَ حجم تقدير عرفات لإبراهيم الذي كان يملك حق إدخال الصحافي الزائر إلى مكتب أبو عمار من دون استئذان أو شكليات.
وافق محسن إبراهيم وقمنا بزيارات متعددة لذاكرته الغنية والتي تشمل محطات وصداقات تمتد من الجزائر إلى عدن. بدأت إعداد الحلقات، على أن أحصلَ على موافقته المسبقة على موعد النشر. في الرحلة التالية إلى بيروت اتصل يريد أن يراني. توجهت مسروراً معتبراً أن موعد النشر حان. فاجأني بكلام لم أتوقعه. قال: «أعرف أن ما سأطلبه مزعج لك، ولا يجوز أصلاً أن يُطلب من صحافي. لكنني أعتبرك صديقاً لهذا أطلب منك ليس فقط أن تنسى نشر الحوار، بل أن تعيد إلي أشرطة التسجيل لأحتفظ بها. ومع الطلب وعد بأن نعود إلى النشر حين يتيسَّر ذلك».
تضايقت وطالبت بمعرفة السبب وكانت المفاجأة. قال: «لست مرتاحاً من الناحية الأمنية. إطلالتي قد تعرضني لمتاعب. أنت تعرف أنني لست من الذين يخافون، لكن يجب التصرف بمسؤولية. أعرف هذه الأنظمة وتجذر ثقافة الاغتيال لديها. يكون ملفُّك على الرف ثم يتمُّ إنزاله إلى الطاولة لإدخاله مرحلة التنفيذ. ومسكين من يعتقد أنَّه صاحب حصانة توفر له حماية ما. زعامة كمال جنبلاط الدرزية والوطنية وعلاقاته العربية والدولية لم تستطع حمايته من قرار الاغتيال. ثم إنَّ إطلالة لي بعد صمت طويل يجب أن تكون لها جدوى وفي جو سياسي معين». سألته إن كان للأمر علاقة باتهامات ألمحت إلى دور له في مواكبة مفاوضات اتفاق أوسلو إلى جانب عرفات، فردَّ: «من ينوي استهدافك يمكنه العثور على نقاط حساسة، ويمكنه أيضاً أن ينسب إليك ما لم تفعل». وأضاف: «أعرف أنَّك ستحتفظ بمضمون الأشرطة، لكنني أثق بأنك لن تنشرها في أي وقت غير مناسب. في المقابل نتابع حوارنا المفتوح، ولك أن تسجل الملاحظات إذا وجدت ما يستحق».
استوقفتني في كلام إبراهيم عبارات من نوع «أوضاع البلد ليست مطمئنة» و«ربما تكون الأيام المقبلة أصعب» وأن «عدد القوى التي تؤمن بلغة العنف يتزايد» وأنَّ «الدولة في لبنان هيكل هش لا يمكن الرهان عليه جدياً». استوقفتني أيضاً عبارة قالها مازحاً: «انتخبوا إميل لحود رئيساً لمساعدة (اللواء السوري) غازي كنعان في إدارة لبنان». وعبارة أخرى سيقولها بعد سنوات: «لم يصل ميشال عون إلى الرئاسة بالانتخابات. لا قيمة لهذه الإجراءات الشكلية. وصل بسلسلة من الانقلابات بينها أحداث 7 مايو (أيار)، وضعت القوى السياسية أمام خيار قاتل، إما الفراغ وتحلل الجمهورية وإما الاستسلام لمرشح اسمه ميشال عون. تقاضى عون ثمن الموقف الذي اتخذه من سلاح (حزب الله) ومسلسل الاغتيالات الذي أعقب اغتيال رفيق الحريري، وكوفئ برئاسة الجمهورية».
حاورت إبراهيم ذات يوم عن الأيام التي تركت بصماتها. تحدثنا عن يونيو (حزيران) 1967 وعن «حرب العبور» والثورة الإيرانية وخروج المقاومة الفلسطينية من بيروت في 1982 وغزو الكويت. وجدته مهتماً بيومين باهظين هما يوم انقضاض الجيش الأميركي على نظام صدام حسين في 20 مارس (آذار) 2003 واقتلاعه بعد أسابيع ويوم اغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005. اعتبر إبراهيم أنَّ قيام الجيش الأميركي بإسقاط نظام صدام وفّر لإيران فرصة تاريخية للتدفق في الإقليم كانت متعذرة مع وجود نظام «البعث» ولو محاصراً ومثخناً. ولاحظ أنَّ «بشار الأسد لم يكن إيراني الهوى في بداية عهده. خوفه من أن يكون الهدف المقبل للجيش الأميركي المقيم قرب حدوده دفعه إلى مشاركة إيران في خطة منع قيام حكومة عراقية مستقرة موالية للغرب في بغداد». رأى أيضاً أنَّ أجزاء واسعة من العالم العربي ستدفع ثمن شطب العراق من المعادلة ومعه التحاق النظام السوري بالبرنامج الإيراني بعد انسحاب قواته من لبنان.
اعتبر إبراهيم أنَّ رفيق الحريري اغتيل على خط التماس الإقليمي وفي المناخات التي أطلقها التوازن الجديد بعد إطاحة صدام. لاحظ أنَّ اغتيال الحريري قد يكون أخطر من اغتيال كمال جنبلاط وبشير الجميل، لأنه هدف إلى نقل لبنان إلى موقع مخالف لما كان عليه منذ قيامه. لفت إلى أنَّ النظام السوري أصيب بشدة في عملية الاغتيال، ذلك أنه خسر أهم أوراقه وهي الوجود العسكري في لبنان الذي كان يمكّنه من استخدام «الساحة اللبنانية» لحل مشكلاته وضمان مصالحه. واعتبر أنَّ الانسحاب كان ربما من العوامل التي ساهمت بعد سنوات في الانفجار الرهيب الذي شهدته سوريا.
تذكَّرت كلام محسن إبراهيم بمناسبة ذكرى الغزو الأميركي للعراق. وتذكَّرته أيضاً لأنه قال لي: «أخشى عليك من التقاعد المبكر. مشكلات لبنان أكبر من لبنان وأكبر بكثير من سياسييه. لن يتأخر اليوم الذي لن تجد فيه من تحاوره أو تسأله نشر ذكرياته. البلد ينحدر وميشال عون مشروع مشكلة وليس مشروع حل، ومشروع (حزب الله) أكبر من قدرة التركيبة اللبنانية على احتوائه أو تطويعه. والطوائف لا تتقن الربح ولا تتقن الخسارة ولا أفق أمام مشروع الدولة». وتذكرت الكلام لأن لبنان يواصل انحداره فيما ترتفع أعداد المقيمين تحت خط الفقر في تلك المساحة الممتدة بين بيروت وبغداد. ومن حسن حظ محسن إبراهيم أنه غاب قبل أن يشهد الفصل الأخير من حكاية لبنان. وتذكرت أيضاً أنني ذهبت إليه بعد اغتيال رفيقه جورج حاوي فبادرني بالقول: «ألم أقل لك؟ هناك من يُغتال بسبب حاضره وهناك من يُغتال بسبب مستقبله وهناك من يُغتال بسبب ماضيه». تلك أيام تركت بصماتها على مصائر شعوب وأفراد وخرائط.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأيام التي تركت بصماتها الأيام التي تركت بصماتها



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria