في مسرح الجريمة
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

في مسرح الجريمة

في مسرح الجريمة

 الجزائر اليوم -

في مسرح الجريمة

غسان شربل

أعطيت السائق العنوان فرد بابتسامة خفيفة. نظر إلي عبر المرآة. لم يلحظ مظاهر «داعشية» أو متعاطفة. ولعله استغرب قليلاً. إنه السبت. وهذه باريس التي تنام رغم كل شيء على ألف سحر وسحر. لماذا يختار الزائر الذهاب إلى لطخة الحقد والبشاعة بدل الذهاب إلى بقع الضوء؟ لا يعرف السائق أمراض مهنتنا. الصحافي صياد بشاعات يرفع تقاريره إلى القراء.

تنفق باريس آخر رصيدها من السنة الحالية. كأنها تستعجلها التواري. سنة فاجعة تقيم بين مذبحتين. تعلم الفرنسي أن البلاد أقل أماناً مما كان يعتقد. وأنها مشرعة على عالم أكثر وحشية مما تخيل. وأن الخطر لا يأتي بالضرورة من الخارج. وأن الداخل يخبئ أحياناً مفاجآت مروعة.

لن تعثر في مسرح باتاكلان على جثث. أو بقع دماء. المكان مقفل. ومن عادة الأيام أن تغسل كل شيء وأن تخفي كل شيء. لكنك تسترجع المشهد. متعصبون يقتحمون المكان. يغتصبون أعمار الحاضرين. لا تستوقفهم استغاثة. ولا ترف جفونهم أمام توسلات النازفين. عيون الضحايا تضاعف الرغبة في القتل. يدفع الإرهابي فريسته إلى الموت ويستقل القطار الأول إلى الجنة.

غادرت الجثث المكان. لكن الحقد لا يزال حاضراً ومتشحاً بكامل وحشيته. وكراهيته العميقة. أنهكت الأمطار الورود الدائمة التجدد وجرحت حبر الرسائل. لم تنل من رائحة الإثم الذي ارتكبه الوافدون من الكهوف بعيون مسنونة وقلوب مسنونة.

شعرت أنا العربي بالارتباك. وأكاد أقول بالذنب. لم أصفق يوماً لقاتل أكان رجلاً أم فكرة. لكنني أحمل ذلك الوشم. لعنة الانتماء إلى الشرق الأوسط الرهيب. إلى الجزء المجنون من الكرة الأرضية. منطقة الفشل الصارخ. مجتمعات تعجز عن الالتحاق بالعصر. تختار الانفجار به. شبان يحلمون بدفع الآخر إلى رماده. ويندفعون إلى رمادهم.

خشيت أن أقف وحيداً هناك. كنت مخطئاً. لا تريد باريس أن تنسى. جاء كثر مع أزهارهم. وصغار مع رسائلهم. وقفوا بتهيب والتقطوا صوراً تذكارية. تموت البلاد حين تنسى دم الأبرياء.

وقف قربي رجل اصطحب ابنته. سألته. قال إنه يريد «أن يحصنها ضد الخوف وضد الكراهية أيضاً». أعرب عن قلقه من تسرب رياح الكراهية إلى داخل الجسد الفرنسي. وخشي من جاذبية «داعش» وأخواته. وشدد على ضرورة مكافحة مروجي الكراهية والدعوات إلى إلغاء الآخر المختلف عبر ورشة أمنية واقتصادية وثقافية.

سألني الرجل من أين أنا. اعترفت. قال إنه عمل في الجزائر واليمن وأنحاء أخرى في العالم العربي والإسلامي. ويدرك شعور بعض الشبان بأنهم يعيشون في عالم صنعه آخرون. من السيارة إلى ماكينة الحلاقة. ومن جهاز التبريد إلى الإنترنت. وأن الذين صنعوا هذا العالم جاؤوا من ينابيع أخرى وقيم أخرى. وأضاف: «هل الحل أن تقتلهم أم أن تبني أنت مدارسك وجامعاتك ومؤسساتك. نحن لا يمكن أن نتنازل عن حق أطفالنا في العيش بحرية في مجتمع ديموقراطي منفتح ومتعدد يحترم الاختلافات. أنا أخشى على أولادكم أنتم. فما هو مشكلة مؤلمة لنا أحياناً قد يتحول مأساة دائمة لكم. عليكم أن تواجهوا السؤال الصعب: هل يحق لأحد أن يقتل بريئاً لأنه لا يشبهه ومن يعطيه هذا الحق؟».

في ساحة الجمهورية القريبة المشهد نفسه. باقات ورسائل تؤكد الإصرار على عدم الرضوخ لمنطق الإرهاب والكراهية والحقد. كأن فرنسا تقاوم. ترفض الرضوخ لأمواج الظلام وتحاول قطع الطريق على صعود المتطرفين في الداخل. تتمسك بالعيش في ظل إرثها الديموقراطي والإنساني وتتمسك بسياسة الجسور في وجه سياسة الجدران والسدود.

غادرت مسرح الجريمة. ماذا لو قررت أنا العربي أن أتفقد مسارح الجرائم في بلداننا من تونس وليبيا إلى العراق مروراً بسورية وغيرها؟ عمر واحد لن يكفي. وكل شبر مرشح أن يكون مسرحاً لجريمة. والقصة في أولها. وجيش الهاربين من مواجهة الحقيقة هائل وجرار. جيش الذين يستنكرون القتل ثم يسارعون إلى استخدام كلمة ولكن لاستنباط التبريرات والعثور للإرهابيين على أسباب تخفيفية. من يتقبل قتل بريء واحد يتقبل قتل شعب كامل.

أنا ابن الشرق الأوسط الرهيب. عتمة الظلم تسحقني. وعتمة الظلام تغتالني. كلاهما يستدعي الآخر. يحاربه ويرفده ويمهد له الطريق. من الكهوف تتدفق أنهار داكنة تجرف الحدود والمدن والجامعات والنوافذ. يشرب الأطفال من الينابيع المسمومة. تستحيل عيونهم خناجر. وأصابعهم خطافات. تلتف عليهم أعمارهم كالأحزمة الناسفة. الآخر المختلف تهديد وجودي. لن أعيش معه في الحي أو المدينة أو على سطح الأرض. أقتله أو يقتلني. أدفعه إلى رماده أو يدفعني. القصة في أولها. والآتي أعظم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مسرح الجريمة في مسرح الجريمة



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria