فيروز التي تسكن الوجدان بكِ تكتمل إنسانيتنا
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

فيروز التي تسكن الوجدان: بكِ تكتمل إنسانيتنا...

فيروز التي تسكن الوجدان: بكِ تكتمل إنسانيتنا...

 الجزائر اليوم -

فيروز التي تسكن الوجدان بكِ تكتمل إنسانيتنا

طلال سلمان

على امتداد نصف قرن أو يزيد سرى صوت فوز فيير وجداننا مسرى الدم في عروقنا، وأعاد صياغة مشاعرنا وطريقة تعبيرنا عن حب الحياة والإيمان بأننا نستحق نعمتها والتمتع بفيض عطاءاتها التي لا تنضب.

لقد أفرحتنا حدّ السكر بصوتها الساحر، يأخذك إلى البكاء، أو يفرش الورد في طريقك إلى الحلم، ويغريك بحب الحياة وأبناء الحياة.

هي صباحنا - البشرى، وهي خزان أحلامنا في المساء، هي منبع الشوق، حاضنة العشق، زغرودة الفرح، وهي هي الداعية إلى مقاومة الظلم والخطأ التاريخي لا تندب فلسطين وكأنها بعض الماضي، بل تغنّيها بنغم التحريض على مقاومة الاحتلال، ورفض العنصرية حمايةً لكرامة الإنسان، وشرف الأرض والدفاع عن الإيمان الذي يصوغ الوجدان.

لقد اقتحمتنا كنسمة ربيعيّة، وسكنت وجداننا كضمير يحاسبنا على الصح والخطأ، تسمعها فإذا أنت تحاسب نفسك: هل أعطيت أرضك كما أعطتك وتعطيك؟! هل حميت اهلك، مدنك، مقدساتك، إنسانيتك بقدر ما تستحق؟!

تصغي اليها فيستفيق المهجور من عواطفك، وينتعش إيمانك بالحب، وتفترش سماءك وجوه من أحببت: أرضك، أهلك، تاريخك، ومن غرس الورد لحبك فاستولد ربيعاً جديداً من قلب ثلج الهجر وقسوة البعاد.
تغنّي آهاتك، فرحاً وحزناً، وجداً وحماسة، إيماناً بالأرض، بالناس، بذاتك، تحيلك إلى قلب ينبض بعشق تاريخك، تؤكِّد فيك ثقتك بنفسك وجدارتك بأن تُحب وتحب.

هنا شذرات من ذكرى لقاءات ما تزال تسكن الوجدان، نستعيدها لنقول لهذه التي ضمخت صباحاتنا بالعطر إننا أحببناها أمس ونحبها اليوم وسنحبها غداً... وإنها كانت دائماً في منزلة بين المنزلتين: القلب والضمير... ولطالما أوجعتهما لتكتمل إنسانيتنا.
ـ 2 ـ

أسعدني حظي بأن سهرت في ضيافة السيدة فيروز أكثر من ليلة في مناسبات متباعدة ضمن مجموعة مختارة بدقة من الأصدقاء... بل الحقيقة أننا سهرنا مرات مع الصوت الذي يتدرّج رقراقاً بين الشجن والفرح، وقدّر لنا أن نعرف بعض وجوه هذه المبدعة متعدّدة الموهبة وأخطر مواهبها الظرف، قبل الصوت الشجي وبعده.
هي ليست ملكة.. فليس بالضرورة أن تكون الملكة غنية بالمواهب، متعدّدة الكفاءات، بهية الحضور على خفر، ناقدة لاذعة، لماحة، ثم ذلك النهر المتدفق ظرفاً وتورية، دعابة وسخرية، نقداً وصراحة قد تتبدّى قاسية لكنّك إن دقّقت فيها اكتشفت كم تتضمن من التورية والدهاء المغلف بالمداعبة.

كان الصوت الساحر يسري بنا بينما نستمع إلى صوت الناقدة اللماحة وهي «تذبح» برقتها كباراً في أذهان سامعيها، مستدرجة الكل إلى الضحك منه. إنّها أحد مبدعي فن الكاريكاتور. وأظنّ أنّ ضحاياها كانوا سيتفجرون في قهقهة عريضة لو أنّهم يسمعونها وهي تشرح كفاءاتهم ومواهبهم وتكاد تقلّدهم في طريقتهم في الكلام أو في التصرف.

فيروز المتحدّثة مبدعة في التوصيف والتشريح. تلتقط من كلّ من عرفتهم العلامات الفارقة: اللهجة، طريقة التعبير، التدفّق في الكلام أو الاستغناء عن الكلمات بالإشارات بيديها أو بعينيها أو برأسها أو بذلك جميعاً.
على أن ذلك كلّه لا يخفي فيروز الأخرى الكامنة في فيروز الشخصية العامة، التي عليها أن تبدو غالباً في الصورة النمطية التي عرفها الجمهور. وهي فيروز التي تعيش حزناً عميقاً يطل أحياناً في بعض أغانيها الأقرب إلى ذاتها.

ـ 3 ـ
أحياناً تشعر انك أمام شخصيتين لفيروز: الأولى هي النجمة في فضائها العالي التي تسعى إليها بإحساسك وتذوقك للكلمة واللحن وذلك المزج العبقري بين المبنى والمعنى، أما فيروز الأخرى فتعيش همومها بل أحزانها خارج النجوميّة، بل وخارج الغناء بتفرعاته وتلاوينه اللحنية جميعاً.

فإذا ما انطلقت فيروز على سجيّتها اكتشفت فيها تلك الشخصية الأخرى، المغايرة تماماً لما عرفته منها وعنها. إنّها تلتقط المختلف في الملامح، في اللهجة، في التصرف، في العادات. إنها جرّاح خطير يلتقط مبضعه ما لا تراه ولا يراه الشخص المعني من خروج عن القاعدة في طريقة الكلام أو في الضحك أو في تناول الطعام، أو في إلقاء تحية الوصول فضلاً عن كيفية الخروج.

ليست موهبتها في صوتها متعدّد القدرات، فحسب، ولا في ذكائها الملفت، ولا في قدرتها على إعادة صياغة اللحن بصوتها المبدع فتحملك على جناح النشوة إلى أعلى عليين، إنما في تلك القدرة الخارقة على إعادة صياغة مشاعرك، فإذا أنت تكاد تزغرد فرحاً في لحظة، وفي لحظة أخرى تشعر بعينيك تسحان دموعاً صامتة لا تنتبه إليها إلا عند خدك أو عنقك.

الطرب ذروة من ذرى الغناء، يتجاوز فيه الحزن والفرح ويمتزجان فإذا أنت تبكي غبطة أو تنشج بكاء، وقد سحبك الصوت الشجي إلى عالم ساحر يهدهد إنسانيتك فيطلق سراحها من ضوابط «الأصول» اجتماعاً، وإذا أنت تحلّق في سماء من النشوة تخاف أن تهبط منها، إذا ما صمت الصوت الملائكي الذي رفعك إليها.
فأما فيروز، خارج «أدوارها» الذي أبدع في تفصيلها الفنان متعدِّد الموهبة عاصي الرحباني، والتي «خرّب» فيها وأعاد صياغة بعضها زياد الرحباني، فذات حضور متميّز: إنها ناقدة متمكنة ببديهة سريعة، تلتقط النافر من الصفات في وجوه من تلقى، وتلقي بصوت ضحيتها «لوازمه» التي التقطتها من خلال روح الكاريكاتور التي تتمتع لها.

ـ 4 ـ

لن أدخل في توصيف الصوت الغني بطبقاته والذي أحسه عاصي الرحباني وفهم أهواءه وتعاريجه وطوع ألحانه لكي تكون إطاراً من النغم يبلور دلالات الكلمات ويوصلها كاملة النشوة إلى المتلقي.

ولفيروز تقاليدها التي لا تخرج عنها في استضافة من تحب أن تلتقيه من الناس، وهم على أي حال قلة... فقد ذهبت أيام فوار انطلياس التي كانت موائده تجمع نفراً من الشعراء والفنانين، تمثيلاً ورقصاً، إخراجاً ورسماً ونحتاً.

ذهب الأغلى من الناس، ذهب الأزهى من الأيام. ضاعت عواصم الطرب والتذوّق والنقد. دمشق وبغداد والقاهرة وصارت القدس خارج الأحلام... ضرب الزلزال الجميع فساد الحزن الأبكم الذي يعجز الصوت مهما رقّ، ومهما هدهده الشجن، عن التعبير عنه. رحل الأحبة بعنوان عاصي، المعلم، المدرّب، مكتشف قدرات الصوت فائق الحساسية والقدرة على التعبير فرحاً وحزناً، طرباً حتى الرقص، نشوة حتى الدبكة، وحزناً مراً لا تكفي الدموع وآهات اللوعة في التعبير عنه.

ليست فيروز أرزة. إنها إنسان رقيق حتى ليكاد يذوب في صوتها، ولقد ذبنا في صوت فيروز الذي أفرحنا كثيراً وأبكانا أكثر، لأن أيام الشقاء لا سيما في سنوات الفقد كانت ثقيلة الوطأة تنهك الجبال فكيف بهذه الإنسانة رقيقة الشعور، الشفافة في عواطفها حباً ونقداً، عتاباً ومسامحة، قسوة في مواجهة الخيانة... وكلّ ذلك لا يخفي الأحزان المعتقة التي ولدت معها وعاشت فيها ومعها فاستولدت منها هذه المبدعة ذات الحساسيّة الفائقة في اكتشاف أغوار النفس والتعبير عن الإنسان في حالاته جميعاً، الفرح والحزن، الحماسة والصرامة وحب الحياة حتى الرمق الأخير.

لكِ، سيدة عصرنا، ما يحمل لكِ الناس في قلوبهم من حب يرفعك إلى مرتبة سامية لم تعرفها إلّا القلّة ممّن صنعوا لنا فرحاً وحباً للحياة يمكننا أن نكمل الرحلة، وأن نحاول حماية ما تبقّى، تاركين لأبنائنا أن يستعيدوا ما ضيعناه من أرضنا وإنسانيتنا وحب الفرح صائغ الحياة ـ الحلم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيروز التي تسكن الوجدان بكِ تكتمل إنسانيتنا فيروز التي تسكن الوجدان بكِ تكتمل إنسانيتنا



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria