مظفر النواب ربابة الحزن وصنّاجة الثورة
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

مظفر النواب ربابة الحزن... وصنّاجة الثورة

مظفر النواب ربابة الحزن... وصنّاجة الثورة

 الجزائر اليوم -

مظفر النواب ربابة الحزن وصنّاجة الثورة

طلال سلمان

كان اللقاء الأول مع مظفر النواب، قصيراً، ومن غير موعد، وضمن مجموعة من المثقفين والفضوليين وأبناء السبيل ممن سبقوني إلى معرفته وربما إلى صداقته.
كنت أحفظ له بعض شعره الذي لا يكتمل، مبنى ومعنى، إلا إذا سمعته منه، بالنبرة العراقية التي تأخذك إلى البكاء مع «الريل» وهو يمخر الليالي الحزينة لأرض الرافدين التي غادرها الفرح منذ قرون.
أما معرفتي به كاملاً فلم تتيسَّر إلا في طرابلس ـ ليبيا: هناك عرفت الشاعر فيه عن قرب، قرأت بعض مسودات قصائده على أوراق الوحدة، حتى لا أقول الغربة، والأخطر أنني سمعت شعره بصوته الذي يأتي من البكاء ويأخذك إليه... فالسياسة العربية تجافي الفرح وتطرده من أي مجلس، والحديث فيها يُشعرك بامتهان كرامتك، فضلاً عن عقلك ومشاعرك كإنسان له الحق في أن يحلم ويغني ويفرح حتى الرقص.
مع كل رحلة إلى طرابلس كان بين ما يشجعني ان يلوح طيفه واحتمال أن نلتقي فنسهر معاً، ونتسامر، وننتشي ببكائياته التي لم تعد تخصّ العراق وحده وتشير إليه، بل باتت «ديوان العرب» في مشرقهم كما في المغرب...
ولقد سهرنا ليالي طويلة عند أصدقاء أعزاء، صادقي العروبة في سمرة وجوههم وقلوبهم البيضاء وإيمانهم بأمتهم، بعيداً عن الأنظمة وخطب النفاق.
كنا نحضر لكل سهرة كالذاهب إلى احتفال. وكنا نعرف أن مظفر سيحملنا على أطراف صوته إلى قلب الحزن الذي اتخذه وطناً يغني له بكائيات تشفّ معها روحه، ويكتسب وجهه بهاء مشعاً، وتنفر عروق رقبته فتمتدّ مع صوته إلى أرض السواد، حيث يجري «الريل» بين الفلاحين الذين يطربون لصوت صفارته التي تربطهم بالدنيا البعيدة التي عمّروها ذات يوم.
على أن الحزن كان يتجاوز البكائيات إلى الدعوة إلى تدمير أنظمة الظلم والهزيمة، وإلى التمرد على السفاحين قتلة الأحلام والطريق إلى الغد الأفضل..
كان مظفر يعيش وحيداً في بيته، لأنه يكره الفنادق التي تعمق شعوره بغربته أو بمنفاه، فمهما كثر الأصدقاء يظل الوطن بعيداً، ويتحول الأهل إلى أطياف تأتيه غالباً في الليل فتؤنس وحدته.
ولقد تجولنا مع مظفر في بعض جهات ليبيا، لا سيما القريبة من طرابلس... ولاحظت أن البربر في زليطن يحتفون بالشاعر العراقي الطريد ويجتمعون لسماع شعره الذي يقدّم حكام العرب في صورتهم الأصلية، ويعدّد إنجازاتهم الخرافية بأسلوبه الكاريكاتوري الذي يأخذ إلى نوبات ضحك تنتهي بالبكاء: لقد فهموه حتى النشوة والرقص حزناً.
لم نسمع من مظفر شعراً في الغزل، وإن كانت صباياه تختال بين أبيات القصيدة ثم تخلي مكانها لحكام الطغيان الذين أهانوا إنسانيتنا وكادوا يختصرون أوطاننا في أشخاصهم وهم يسوقون شعوبهم من هزيمة إلى أخرى ويكذبون عليهم ويعبرون عن احتقارهم لهم والهزء من عقولهم.
حيثما وُجد مظفر النواب حضرت الثورة في غلالة الحزن والخيبة، وحضر التحريض ثأراً لكرامة هذا الإنسان العربي المقهور بحكامه أكثر من قهره بتخلّفه المتراكم بمدى أجيال، والذين اغتالوا أحلامه فضلاً عن حقوقه، وحقروا عقله وإيمانه بأرضه وإنسانيته جميعاً.
غنّى مظفر النواب لفلسطين التي صارت عنواناً لهزيمة العرب بخيانة حكامهم وهربهم من أعبائها الثقيلة، بل وانحياز بعضهم فعلياً إلى العدو الإسرائيلي، في حين ينحاز إليه الآخرون بقهر شعوبهم واغتيال إرادتهم.
..وغنى للثورة والثوار، ولكنه لم يمتدح حاكماً ولم يغنِّ لأمير نفط.
كان جمهوره دائماً من أهل الأرض المجبولة أياديهم بطينها، والمستمدّين حماستهم وعشقهم الحياة منها.
كان يحنّ إلى دمشق، وتطربه بيروت، أما حنينه فلبغداد دائماً، بل للعراق كله شمالاً وشرقاً وغرباً ووسطاً، وإن ظل «الريل» الذي كان يأخذه إلى مهبط رأسه، ويُخرج العذارى من خدورهن وقد غطّين وجوههنّ بطرف المنديل بينما تبقى العينان تشعّان بحب الحياة، فإذا ما غمضتا فعلى طيف الحبيب.
الشاعر أعظم من المناضل في مظفر، الذي طالما بكى فأبكانا، وطالما هاج مع بعض شعره فأهاجنا ونصب أمامنا تقصيرنا عن تغيير الواقع الذي يلتهم كرامتنا ويسجن أطفالنا منذ لحظة الميلاد.
ولأنه أَنوفٌ وفائق الحساسية فقد كان يتجنب أن يبدو كمن يفرض نفسه على أصدقائه، حتى القريبين منه.
ولقد كان حريصاً على استقلاليته. لا يمدّ يده، ولا يجامل في شعره. وبرغم إعجابه بالمتنبي وقلة من شعراء أيام العز، وحين كانت بغداد عاصمة الكون، فإنه لم يحاول تقليد أحد منهم.. وكان شعره مفرداً.
قبل زمن عرفت أن مظفر النواب في بيروت، وأنه يمر بأزمة صحية قاسية. ولقد ذهبت إليه في المستشفى لأطمئن عليه. قال لي: لا تخَفْ! لن أموت، هي أزمة وتمرّ.
كان منهكاً، وقد فقد صوته، فصارت كلماته أقربَ إلى الهمس..
بعد بيروت عاد إلى دمشق التي يعشق، فلما ضاقت عليه استدعاه بعض أصدقائه إلى الشارقة، حيث تابع العلاج... ولكنه كان يريد أن يرقد في قلب هذه المدينة ـ الغانية ـ متعدّدة الوجه، كثيرة اللغات، لكنها تفتن الشاعر بحيويتها وضروب الجمال فيها.
مظفر النواب أعطى كثيراً ولما يُكمل ديوانَه.
إنه ربابة الحزن، وحادي الثورة التي انتظرها في قلب الخيبات وانتظرناها معه، وغنّى لها القصيدة والجبوري والحداء والغزل حتى ذهب صوته وبقي ينتظرها رافضاً اليأس والاستسلام.
مظفر النواب شاعر الفرح الذي غلبه الحزن العراقي الذي تمدّد حتى أغرق الأمة جميعاً، وها هو يفرض عليه الصمت وإن ظل «الريل» يخطر أمامه بامتداد السهول بين بغداد والبصرة، عبر النجف، حيث له في كل شبر مَن ينتظر عبوره ليحييه.
والرحلة في قلب الحزن طويلة وشجية ومغزولة بدم القصيدة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مظفر النواب ربابة الحزن وصنّاجة الثورة مظفر النواب ربابة الحزن وصنّاجة الثورة



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria