بقلم : علي الأمين
اكثر من مرة طرح رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في اجتماعات على مستوى القيادة الحزبية مسألة تبني تيار المستقبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. طرحه للنقاش في ميزان الأرباح والخسائر، ودائما كان هناك موقف غالب داخل التيار المستقبلي ضد تبني ترشيح العماد ميشال عون، لا لأن هناك موقف من فكرة ان عون يمثل الأكثرية المسيحية، بل لقناعة راسخة في تيار المستقبل ان العماد ميشال عون هو مرشح حزب الله، وان العماد عون مستعد ان "يعطي حزب الله في القضايا الاستراتيجية ما يريده من مواقف، في مقابل ان يعطي حزب الله عون في القضايا الشخصية".
وتشدد اوساط في تيار المستقبل ان ما اشيع عن تأييد الرئيس سعد الحريري لترشيح عون، هو من قبيل الكلام غير الموزون والشائعات التي يرغب اكثر من طرف من خلالها في "تعبئة الوقت الضائع بالجعجعة مدركا ان لا طحين من ورائها". وتؤشر هذه الاوساط الى المؤتمر العام الذي سيعقده التيار في منتصف الشهر المقبل، والذي سيحدد من خلاله تيار المستقبل رؤيته للمرحلة المقبلة بعد مراجعة نقدية للتجربة منذ العام 2005.
فكرة المؤتمر العام لتيار المستقبل وموعده، تجعل من احتمال قيام الرئيس الحريري بخطوة على مستوى تأييد الجنرال عون، غير واردة قبل انعقاد المؤتمر. اذ ثمة تيار واسع في المستقبل يعتبر ان انتخاب عون سيشكل، فيما لو حصل، اكبر هزيمة سياسية ومعنوية للمستقبل، كما يعتبر اصحاب هذا الرأي ان انتخاب عون هو انتصار سياسي لحزب الله. وبشأن الربط بين رئاسة عون ورئاسة الحريري للحكومة، يقول هؤلاء ان حزب الله يريد ان يبيعنا من كيسنا في رئاسة الحكومة. فوصول سعد الحريري الى رئاسة الحكومة رهن الاستشارات النيابية. ولدى الحريري اكبر كتلة نيابية في المجلس ومؤيدون آخرون لتوليه رئاسة الحكومة، وهذا واقع لم يقرره حزب الله. اما مشكلة انتخاب عون "فهي رهن معركة انتخابية لم يستطع عون وحليفه، كما يقولون، تأمين النصاب الذي يوفر مجيئه للرئاسة. وهذا لا علاقة لتيار المستقبل ولا لرئاسة الحكومة بمجرياته".
ما يملكه تيار المستقبل اليوم هو تبني ترشيح سليمان فرنجية، واذا لم يقتنع حلفاؤه به فإن "المستقبل" مستعد ان يبحث مع الآخرين في خيار مرشح ثالث، هذا اكثر ما يستطيع ان يقدمه. فسعد الحريري يدرك انه أمام امتحان حقيقي في مؤتمر تيار المستقبل، ليس ان يبقى زعيما للتيار او لا يكون، بل في ان يقود تيارا فاعلا ومؤثرا في المرحلة المقبلة او ان يدفع بالتيار الى الانكفاء والمزيد منه. بهذا العنوان يؤكد بعض المستقبليين، ان هناك حاجة لتأكيد ان قرارات تيار المستقبل يجب الا تكون فردية. ويعتبر هؤلاء ان الرئيس الحريري يجب ان يدفع بخيار الشراكة في القرارات الاساسية، فترشيح فرنجية على سبيل المثال يدرجه هؤلاء في سياق القرار الفردي الذي اتخذه الحريري وصدم به جزءا واسعت من التيار، ولن يتحمل اليوم هذا التيار صدمة كتبني ترشيح الجنرال عون.
مؤتمر تيار المستقبل ليس امامه سوى شد العصب، في مقابل ذاكرة التسويات المخيبة للآمال مع حزب الله، بل السيّئة جداً، منذ "الحلف الرباعي" عام 2005 الى ما بعد اتفاق الدوحة، الى ما بعد انتخابات 2009 الى الحكومة الحالية... وكلها محطات كانت تنطوي على خسائر لمشروع الدولة وثوابت 14 آذار، يقابلها مزيد من النفوذ والاستقواء من قبل دويلة حزب الله.
هذه الاجواء داخل تيار المستقبل، تنطلق من قناعة لديها، بأن كل محاولات فصل المسار اللبناني عن مسار الأزمة السورية قد فشلت، وبالتالي يجد تيار المستقبل نفسه امام واقع ان المستقبل السياسي السوري سيلقي بظلاله على المستقبل السياسي اللبناني،. لذا فالمشهد الاقليمي خلال المرحلة المقبلة يتجه نحو مزيد من التصعيد. حتى الهدنة التي تمخض عنها الاتفاق الاميركي – الروسي ليست صامدة، علما انها كانت تعبيرا عن عجز في التوصل الى تسوية سياسية. وهذا ما ينعكس على لبنان في الرئاسة الاولى عبر استمرار الفراغ. اما تيار المستقبل فلن يقدم لا لحزب الله ولا للتيار الوطني الحر من كيسه انتصارا بالمجان.. والوجهة في المؤتمر العام لتيار المستقبل، تختم "اوساط مستقبلية": "هي نحو الصلابة، لا صلب "المستقبل" على خشب "المعادلة الخشبية".
لكن هناك في "المستقبل" من اقحم هذا السؤال: ماذا لو أن ميشال فرعون وسيرج طورسكيسيان وباسم الشاب ونهاد المشنوق انتخبوا عون في جلسة 28 أيلول؟ هل يفوز بالديمقراطية وبفارق صوت واحد عن فرنجية؟