علي الأمين
هل لا يزال الحوار مستمرا بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل؟ وهل من نتائج مرتجاة منه؟
يُطرح هذا السؤال تزامنا مع تصاعد الحديث عن أنّ قوى 8 آذار لا تزال تنتظر نتائج هذا الحوار لتبني موقفا يثمر تبنّيها مرشحا رئاسيا. وهو ما كرّره الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير ببنت جبيل خلال الاحتفال بعيد تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي. يومها أضفى على الرئيس سعد الحريري صفة "الزعيم" في سياق حديثه عن انتظاره نتائج الحوار الجاري بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر ليبني عليها موقفه من مرشّحه إلى الرئاسة الاولى.
فماذا تقول اوساط الرئيس سعد الحريري عن هذا الحوار وما هي عناصر ربط قوى 8 آذار مصير الاستحقاق الرئاسي بنتائج هذا الحوار؟
بحسب هذه الاوساط فإنّ الحوار قائم ومستمر وسيستمرّ أيضا وأيضا، ولا نيّة لدى تيار المستقبل بوقفه أو بإعادة عقارب الساعة إلى المرحلة السوداء السابقة، حين كانت سيّئة العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون. أما محاولة ربط الحوار بالاستحقاق الرئاسي حصراً فهو مجافٍ للحقيقة وغير دقيق.
تشير مصادر الرئيس الحريري إلى أنّ ماقاله الحريري للعماد ميشال عون، مباشرة أو بالواسطة، هو أنّ الحوار خيار استراتيجي تبنّاه تيار المستقبل في علاقته بالقوى السياسية اللبنانية كلّها. ولا يستثني منه التيار الوطني الحر، وليس في وارد التفريط بهذه العلاقة الإيجابية بعون. أما الاستحقاق الرئاسي فهو أحد ملفات الحوار، لكنّه لا يختصره. وقد طرح الرئيس الحريري رؤيته بوضوح، ومن دون لبس، أمام العماد ميشال عون، وهي تتلخّص بالتالي، تماما كما تعرضها أوساط الحريري:
- يتبنّى تيار المستقبل، من ضمن تحالف قوى 14 آذار، ترشيح رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع إلى رئاسة الجمهورية. وكما أنّ العماد ميشال عون ملتزم بتحالفاته السياسية ولا يفرّط بحلفائه، فإنّ تيار المستقبل لن يفرّط بحلفائه المسيحيين كذلك. خصوصا في مسألة أساسية مثل انتخاب رئيس للجمهورية.
- الالتزام مع الحلفاء لا يعني أبدا وضع فيتو على ترشيح العماد ميشال عون. بمعنى أنّ الرئيس الحريري أبلغ، عبر موفده، أكثر من مرّة، البطريرك الماروني بشارة الراعي، والعماد ميشال عون، أنّه لن يقف حائلاً دون انتخاب رئيس للجمهورية، ويلتزم تأمين النصاب في أيّ جلسة انتخابية تُعقَد، حتّى لو كان حلفاؤه المسيحيين في موقع المقاطعة.
- إجراء الانتخاب وتأمين النصاب لانتخاب الرئيس مسألة مبدئية تتقدّم حتّى على أولوية التحالف داخل قوى 14 آذار. كما لم يغب عن الحريري التأكيد أمام عون أنّه ليس في وارد التفاوض على ترؤّسه الحكومة، وأنّه في الوقت نفسه لا يعتقد أنّ أحداً من قوى 8 آذار والتيار الوطني الحرّ في وارد استعادة تجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
أوساط الحريري أبلغت العماد ميشال عون هذا المضمون، وطلبت إليه أن يضع في سلّة حساباته الانتخابية ثابتة أنّ نواب تيار المستقبل سيحضرون بكامل عديدهم في أيّ جلسة يُدعى إليها لانتخاب الرئيس. وهي، أي الكتلة، إذ طلبت إليه أن يجري تفاهما مع مسيحيي 14 آذار، فلأنّه تدعوه إلى تطبيق رؤيته لجهة عدم استثناء أيّ جهة سياسية من التوافق حوله، عبر مبادرة اتجاه خصومه المسيحيين، لكن على قاعدة عدم تعطيل النصاب. وهنا لا بدّ من ذكر أنّ تيّار المستقبل طلب من العماد عون أن يسعى إلى تأمين حضور 65 نائباً مؤيّدا له في جلسة انتخاب الرئيس، وأكّد له أنّ كتلة "المستقبل" لن تقف عائقا أمام تأمين النصاب المطلوب، أي حضور 86 نائبا في جلسة الانتخاب. وهذا ما أبلغه الرئيس سعد الحريري إلى عون والراعي.
لكن على ما يبدو لم يستطع الجنرال عون تأمين 65 مؤيّدا في مجلس النواب. ولا مؤشّرات تدلّ على مبادرات نجحت في تأمين توافق بين عون وجعجع ينسحب فيه الواحد لصالح الآخر من ضمن صفقة ترعاها بكركي بين الفرقاء المسيحيين والموارنة تحديداً. وإزاء هذه النتيجة المؤدية إلى تمديد الفراغ الرئاسي، يطمح العماد عون إلى الانهماك بالانتخابات النيابية، والاستعداد لها قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، معوّلا أن تضمن له هذه الانتخابات المحافظة على حجم كتلته النيابية. خصوصا أنّ موقع رئيس الجمهورية، في الظروف النيابية الحالية، لن يؤول إليه. وبالتالي قد تؤدّي خسارته الموقع إلى تداعيات على خطّ التحالفات النيابية. لذا يريد أن يضمن عديد كتلته، مستفيدا من تحالفاته القائمة وعلاقته المستجدّة بتيار المستقبل، ليوفر من خلالهما موقعا متقدّما بين المسيحيين قد يفرضه رئيسا للجمهورية بعد الانتخابات النيابية.