هجرس الطيني والبشري
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

هجرس الطيني والبشري

هجرس الطيني والبشري

 الجزائر اليوم -

هجرس الطيني والبشري

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

«متى نفك قالب الجبس يا سيدي؟»، «في حرارة خصوبة المرأة يا سيدي». صرت أضع باطن كفي على قوالب الجبس.. وصار محمد هجرس يصدقني عندما يصدقني باطن كفي! حرارة خصوبة المرأة يوم أو يومان في الشهر، وحرارة خصوبة قالب الجبس دقيقة واحدة أو دقيقتان في الساعة.
كنت فضولياً متطفلاً على تخليق البشري للطيني، فصرت، مع تعليمات محمد هجرس، مساعداً متطوعاً. 
أدهن التمثال برغاء الصابون الممزوج بالزيت، أو بغراء خاص، وأناوله خيوط الخيش المندوف، حطام خشب، أسلاكاً رقيقة مجدولة.. مسامير وبراغي الخ!.
في ازدرائه لسلطان الموت، هتف محمود درويش: «يا موت.. أنت مسؤول عن الطيني في البشري»، غير أن النحات الذي «يهزم» الموت مجازاً، مسؤول عن البشري في الطيني.. وأنا لست مسؤولاً عن تصنيف النحات المصري محمد هجرس على سلم فن النحت المصري والعربي، ولكنني مسؤول عن إعطائه «علامة التمام» في دورة الإبداع الفني ـ التبادع. دورة الحياة: ابن، أب، جد، حفيد، ودورة الإبداع: تلميذ ـ معلم ـ تلميذ. وكان المعلم محمد هجرس تلميذاً لشيخ النحاتين المصريين محمود مختار، وصار معلماً لتلميذه الأول خليل، ولد نابه اكتشفه في عمق قرية مصرية، وتبع التلميذ معلمه إلى بيروت، فإلى مشغل النحاتة منى السعودي، زوجتي وقتذاك، وتبعته امرأته الوفية بالطبع، وولده البكر الذي هجر مهنة المحاسبة ومسك الدفاتر.. وفي الصيف تزورنا ابنته.
.. وأحياناً، نتبعه: امرأتي النحاتة، وأنا، وطفلتنا الرضيعة إلى مشغله في قرية «راشيا الوادي» في البقاع اللبناني، ليس بعيداً عن طريق دمشق ـ بيروت الدولي. هناك، لم أتعلم الكثير، لأن الفرن أتون، جهنم صغيرة، ولأن صناعة الخزف أعقد من صناعة قالب الجبس.
* * *
كأي فنان كان محمد هجرس حاضر البديهة ـ كثير الشرود، وكنت أنشله من شروده، الصباحي خاصة، مردداً حواريتنا الأثيرة: «متى نفك قالب الجبس؟» «في حرارة خصوبة المرأة». 
كان هجرس يأتي بعائلته كلها إلى المشغل في رأس بيروت، وكانت أسرتي الصغيرة تذهب كلها إلى المشغل، في راشيا الوادي.. حتى انفكت حرارة هذه العلاقة بنيران غزو بيروت 1982. «اخترت» قبرص منفاي، واختار دمشق هجرته الجديدة، واختارت زوجتي مشغلاً جديداً في عمان.. ثم شدها الحنين إلى المشغل في بيروت.

الذي علمني «البستنة» أيضاً في صباحات حاكورة بيته ـ مشغله في بلدة «راشيا الوادي» البقاعية، فوجئ، عندما رأى بستان بيتي، في «13 اركاديو ستريت ـ ايوس ذيمتيوس ـ نيقوسيا». فاجأني بحضوره. لم يفاجئني بسبب حضوره.. سرعان ما صارت حديقة تلك الدار، مشغلاً، أو صار «الكاراج» مشغله: عدنا إلى البداية: حرارة تفاعل الجبس في درجة حرارة خصوبة المرأة. أتشرف، حقاً، بأن «بروفة» تمثاله الأشهر «الشهيد الفلسطيني» المنصوب في مقبرة الشهداء ـ دمشق، ولدت في ذلك الكاراج؛ في ذلك المشغل الطارئ، ثم انتصب على بوابة «جناح م. ت. ف» في معرض نيقوسيا الدولي. 
أخذ القالب وعاد للشام. 
تلك المرة، كنت «مساعده» الوحيد، أو «أجيره المتطوع»، أو نديمه الليلي في مرابع نيقوسيا، أو مساعده في الطبخ البيتي.. وبالطبع، تلميذه في البستنة. كان يحب «الفراولة» والبصل الأخضر.. وشاي الصباح على الريق مع الدخان قبل كل شيء. 
شاي الصباح له وقهوة الصباح لي. كان يسارياً أكثر مني، وكان يفوقني علماً وثقافة وتجربة.
* * *
هل كان محمد هجرس يفكر ببيتي القبرصي مشغلاً ثالثاً؟ سألته: ماذا أفعل بالعدة والعتاد، والمواد؟ قال: يمكن أرجع تاني!.. لم يرجع إلى نيقوسيا، وأنا غيرت البيت بعد البيت.. ثم، غادرت قبرص بلا رجعة. لم أسأله: كم تكون حرارة العودة إلى البلاد؟.. وفي رام الله قرأت، موته خبراً في الوكالة، فأوصيت زميلي بنشره خبراً في الجريدة. كان مصرياً في الهوية فلسطينياً في الهوى. 
طين البستنة. طين قوالب الجبس. طين قوالب الفخار والخزف.. وتلك الحكمة: عليك أن تفك القالب في حرارة خصوبة المرأة. هذا تخليق.. وهذا خلق.

للموت أن يسترجع «الطيني في البشري».. وللبشري أن يجعل الطيني صروحاً تتنفس الهواء الطلق.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجرس الطيني والبشري هجرس الطيني والبشري



GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 12:41 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

نحن وفنزويلا

GMT 12:39 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

رحلة لمعرض الثقافة

GMT 12:37 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

ذكرى 25 يناير

GMT 12:35 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

فى الصراع الأمريكى - الإيرانى: حزب الله فى فنزويلا!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا

GMT 14:40 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

جولدبيرج يكشف شرطه للعودة إلى حلبة "WWE"

GMT 09:50 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

بوسعيد يعترف بارتفاع نسبة البطالة في المغرب

GMT 05:02 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

سلمى الصمدي تؤكد احترافها عالميًا في تصميم القبعات

GMT 15:55 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أفضل العاب فيديو على جهاز بلاى ستيشن 4 بمناسبة الكريسماس

GMT 14:40 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

جيب تطلق نظاماً بموقعها لتتيح لك بناء رانجلر 2018 الخاصة بك

GMT 06:00 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

10 جيوش أفريقية تنهي تدريباً كبيرًا في السودان
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria