«سيدي الخَرْفان»؛ سكر فضّي
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

«سيدي الخَرْفان»؛ سكر فضّي!

«سيدي الخَرْفان»؛ سكر فضّي!

 الجزائر اليوم -

«سيدي الخَرْفان»؛ سكر فضّي

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

. وندعو الجدّ «سيدي»
وجدّي يخسر سيادته في أول المنفى، فلا قروش لأحفاده الشياطين في عبّ ديمايته/ قمبازه. وربطت النكبة لسانه، فلا يستجيب لتوسلاتنا: «سيدي - يا سيدي هات حكاية الشاطر حسن».
الآن، أعرف لماذا كان ينتهرنا، بلسان عييّ ويد مرتعشة لا تفارق باكورته: «روحوا تخيّبوا، الشاطر حسن مش عندي».
سيدي حسين «أبو مصباح»، وأبي مصباح هو «أبو حسين». مصباح أكبر أولاد حسين الثلاثة، وحسين أكبر أولاد مصباح الأربعة.
أحياناً، كان «سيدي حسين» يخصني ببوسة. سيدي حسين انفطر قلبه في سيلة الظهر، بعد الخروج من «طيرة حيفا» على ما يفطر القلب حقاً: شقيقه عيسى البطل، وقلب شقيق الجد انفطر على أصغر أولاده، وكان اسمه حسن.. أو انفطر قلبه لما أسمعه الابن للأب.. في سيلة الظهر، حيث دفنـّا «عيسى البطل» الأسطوري.
***
إذا خرف عقل سيدي حسين، وعيي لسانه، وريّلت بوساته على خدّي، فإن عينيه كانتا بصّتي جمر لما في صدره من حريق.
كنّا نلعب الطابة، وكانت عادته أن «يحلّس» بظهره على الجدار، وبكلتا يديه يمسك باكورته. وكان الملعب نهاية زاروب بلا منفذ.. نرجوه أن يبتعد إلى الجهة المفتوحة من الملعب. عبثاً. كيف يقوى الجد على الوقوف على ثلاثة: قدميه الواهنتين وباكورته.. دون أن يسند ظهره إلى الحيط.
منذ أن روى لي سيدي حسين قصة الشاطر حسن، صرت الوحيد، من بين أحفاده الذي لا يغنّي هازلاً: «سيدي الخرفان».
كان عيسى البطل صنديد حرب، يداً من أيدي عز الدين القسام، ذراعاً ضاربة في «الكف الأسود» 1936، وفي قتال 48 خضع لشرط الخروج وشرط القتال. كان قد تعدّى الـ 60 هو وشقيقه عيسى. فمن يرعى قطيع الأولاد والنساء.. غير الجد، لأن الآباء بقوا في ساحة الحرب.
أولاد عيسى وحسين الكبار (وبعض أحفاد حسين) حاربوا ثلاثة أشهر في «جيب الطيرة العربي» حتى سقط في 16 تموز 1948. شهران تحيط إسرائيل بـ «فلسطين طيرة حيفا» من الجهات الأربع!
***
سمع جدي حسين كلاماً قاسياً جداً من ابن شقيقه عيسى.. وكان اسمه حسن: «أنت يا بوي؛ وأنت يا عمي، كنتم تجيبوا السلاح من الشام، وإسّا تروحوا الشام مبهدلين، مجرجرين هالأولاد والنسوان.. لا والله، الموت في الطيرة مع الشباب أرحم». خطف حسن «مرتينة» أبيه عيسى الأسطوري.. وعاد إلى القتال في الطيرة.. لم يصل.. ولم يعد، كان على حافة سن الرجولة، عمره 41 عاماً. لو كان أكبر قليلاً لبقي محارباً؛ ولأنه كان أصغر قليلاً فقد خرج مع «الختيارية والنسوان والأولاد». عاد ليموت.. موفراً على نفسه رؤية «سيدي الخرفان»!
- «احكي لنا يا سيدي حكاية الشاطر حسن».
- «يلعن أبو سيدكم.. روحوا من وجهي. تخيّبوا».
.. ومن يوم حكى لي سيدي حكاية «الشاطر حسن»، صرت أنتهر الأولاد (كنت أكبرهم): «اللي بيضايق سيدي أضربه بوكس.. أوعى واحد منكم يغني: سيدي الخرفان!».
.. وعمتي بدرية، رحمها الله، ماتت بعد أبيها وهي لا تعرف السرّ. «سيدك خرفان.. خرفان. أبعثه للدكان يشتري السكر للشاي، فيشتري سكر نبات (فضّي)».
كلا، لم يكن خرفاً - اكتشفت لاحقاً - كانت القروش قليلة، وكان يرضى لنفسه أن يشرب الشاي محلّى بقطع «السكر الفضي».. وكان يتعمّد «الخرفنة»، لأنه كان يلقمنا ونحن نلعب بالحلوى الوحيدة لديه: قطع من مكعبات السكر الفضي.
إذاً، كان سيدي يعرف أن شيطنة الأولاد وراء الطابة تحتاج بطاطا، وتحتاج سكراً فورياً. وكان يقف وقفته العاجزة إلى الجدار.. فإذا تعبنا صاح بنا: «روح اشرب يا ولد»، فإذا شربنا «تعال خذ سكر».
***
لا قروش في عبّ ديماية سيدي. القروش قليلة في أيدي أولاده (آبائنا). كان إخوتنا الكبار يدسّون، خفية، مصروف البيت في جيوبهم. أخي الكبير «يشحّذ» أبي؛ وأبي «يشحّذ».. سيدي.
ذات يوم، في الطريق إلى دار عمي قاسم، بكيت لبكاء ذلّ الختيارية الخرفانين تحت وطأة النكبة. أرسلني أبي برسالة إلى شقيقه قاسم (كان أولاده يدسّون المصروف، خفية، في جيوبه)، على الطريق فتحت المكتوب. كان عتاباً مهذباً من الشقيق للشقيق حول مصاريف... سيدي. ومن اشترى له ديماية جديدة، ومن عليه أن يشتري له مشّاية جديدة، أو باكورة (إلا الباكورة.. فقد رفض جدي أن يستبدلها بأخرى جديدة). خرج بها، وسيموت.. ويتركها.. هي وتلك الساعة طويلة السلسلة.
***
كان يقف إلى الجدار ساعات، ثم ساعة.. ثم صار يقتعد الأرض.. وأخيراً، لزم غرفته أو (الخُشّة). مات سيدي خرفاً تماماً. كانت النكبة «عفريتة» سوداء في عمرها السابع عندما مات، وكان سيدي في عقده الثامن.
أذكر وقفته إلى الجدار. ديمايته. باكورته. طريقة القبضايات في انتعاله حذاءه. أذكر جمرة عينيه الغاربتين. أحسّ دموع عينيه على خدّي عندما روى لي «الشاطر حسن» حسب روايته هو. شيء واحد نسيته كلياً: قرفي الطفولي من بصاقه الذي «يريّل» من فم أدرد (بلا أسنان).
***
«حق العودة أو التعويض»؟
من يعوّض سيدي ذلّ السنوات الأولى من النكبة؟! ماتوا «خرفانين»!.     
حسن البطل
                                                                                     
* من قديم حسن البطل 8-7-1999

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سيدي الخَرْفان»؛ سكر فضّي «سيدي الخَرْفان»؛ سكر فضّي



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria